الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا اشترى دارا بألف درهم إلى سنة وطلبها الشفيع إلى ذلك الأجل لم يكن له ذلك عندنا . وقال زفر والشافعي له ذلك ; لأن الأجل صفة الدين يقال دين مؤجل ودين حال وللشفيع حق الأخذ بالثمن الذي يملك به المشتري بصفته كما لو اشتراه بألف زيوف ، ولكنا نقول الأجل مدة يلحقه بالشرط بالعقد شرط ، فلا يثبت في حق الشفيع كالخيار وهذا ; لأن تأثير الأجل في تأخير المطالبة ، وبه تبين أنه ليس بصفة للمال ; لأن الثمن للبائع ، والأجل حق للمشتري على البائع فكيف يكون صفة للثمن ، ثم الناس يتفاوتون في ملاة الذمة فبرضا البائع يكون ماله في ذمة المشتري لا يكون رضا منه بكونه في ذمة الشفيع ; ولأن الشفيع يتملك بمثل ما يتملك به المشتري من المال ، فلا يثبت الأجل في حقه من غير ذكر كالمولى ، فإن من اشترى شيئا بثمن مؤجل ، ثم ولاه غيره لا يثبت الأجل في حق المولى بدون الذكر إذا ثبت هذا ، فنقول : الشفيع بالخيار إن شاء أخذها بالثمن حالا وإن شاء انتظر حلول الأجل فإذا حل أخذها بالثمن حالا وإذا اختار الانتظار فعليه أن يطلب الشفعة في الحال حتى إذا لم يطلب لم يكن له أن يأخذها بعد حلول الأجل في قول أبي حنيفة ومحمد وذكر ابن أبي مالك أن أبا يوسف كان يقول هكذا أولا ، ثم رجع ، فقال : له : أن يأخذها وجه ظاهر الرواية أن حقه في الشفعة قد ثبت بدليل أنه لو أخذه بثمن حال كان له ذلك ، والسكوت عن الطلب بعد ثبوت حقه يبطل شفعته ووجه قول أبي يوسف الآخر أن الطلب غير مقصود لعينه ، بل للآخذ ، وهو في الحال لا يتمكن من الأخذ على الوجه الذي يطلبه ; لأنه إنما يريد الأخذ بعد حلول الأجل ، أو بثمن مؤجل في الحال ، ولا يتمكن من ذلك ، فلا فائدة في طلبه في الحال وسكوته ; لأنه لم ير فيه فائدة لا لإعراضه عن الأخذ ، وإن اختار أخذها من يد المشتري ودفع إليه الثمن في الحال كان الثمن للبائع على المشتري إلى أجله لتقرر العقد بينهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية