الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا علم الشفيع بالبيع فلم يطلب مكانه ، فلا شفعة له وفي هذا اللفظ إشارة إلى أن طلب الشفعة يتوقت بمجلس علم الشفيع به ، وهو اختيار الكرخي وذكر ابن رستم في نوادره عن [ ص: 117 ] محمد أنه إذا سكت عن الطلب بعد ما علم بالبيع يبطل شفعته وعلى هذا عامة مشايخنا ، إلا أن هشاما ذكر في نوادره أنه إذا سكت هنيهة ، ثم طلب ، فهو على شفعته ما لم يتطاول سكوته ، وكذلك قال : كما إن سمع سبحان الله ، أو قال : الله أكبر ، أو قال خلصني الله من فلان ، ثم طلب الشفعة ، فهو على شفعته ، وكذلك إذا قال : بكم باعها ، أو متى باعها ، أو متى اشتراها بهذا القدر من الكلام لا تبطل شفعته ، وهو على حقه إذا طلب وقال ابن أبي ليلى : إن طالت إلى ثلاثة أيام فله الشفعة .

وقال سفيان : له مهلة يوم من حين سمع وقال شريك : هو على شفعته ما لم يبطلها صريحا ، أو دلالة بمنزلة سائر الحقوق المستحقة له وابن أبي ليلى كان يقول : يحتاج الشفيع إلى النظر ، والتأمل حتى يعلم أنه ينتفع بجوار هذا الجار ، فلا يطلب الشفعة ، أو يتضرر به وبطلت الشفعة ومثل هذا لا يوقف عليه ، إلا بالتأمل فيه مدة فيجعل له من المدة ثلاثة أيام بمنزلة خيار الشرط ; فلهذا قدرها سفيان بيوم واستدل علماؤنا في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم { الشفعة لمن وثبها } وفي رواية { الشفعة كنشطة العقال إن أخذ بها ثبتت وإلا ذهبت } ; ولأنه إذا سكت عن الطلب ، فذلك منه دليل الرضا بمجاورة الجار الحادث ودليل الرضا كصريح الرضا ولو لم يجعل هذا منه دليل الرضا تضرر به المشتري ; فإنه يسكت حتى يتصرف المشتري فيه ، ثم يبطل تصرفه عليه ، وفيه من الضرر ما لا يخفى ، إلا أن الكرخي جعل له المجلس في ذلك لحاجته إلى الرأي ، والتأمل ، فهو كالمخيرة لها الخيار ما دامت في مجلسها ; ولأن الشرع أوجب له حق التملك ببدل ولو أوجب البائع له ذلك بإيجاب البيع كان له خيار القبول ما دام في مجلسه فهذا مثله ولفظة الطلب لم يذكرها في الكتب ، والظاهر أنه بأي لفظ طلب ، فهو صحيح منه كسائر الحقوق ، إلا أنه روي عن أبي يوسف أنه يذكر في طلبه البيع ، والسبب الذي يطلب به الشفعة من جوار ، أو شركة .

التالي السابق


الخدمات العلمية