باب
nindex.php?page=treesubj&link=10269_10142السرقة من ذوي الأرحام قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما عموم في إيجاب قطع كل سارق إلا ما خصه الدليل ، على النحو الذي قدمنا ، وعلى ما حكينا عن
أبي الحسن ، ليس بعموم وهو مجمل محتاج فيه إلى دلالة من غيره في إثبات حكمه . ومن جهة أخرى على أصله أن ما ثبت خصوصه بالاتفاق لا يصح الاحتجاج بعمومه ، وقد بيناه في أصول الفقه ؛ وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16974محمد بن شجاع . إلا أنه وإن كان عموما عندنا لو خلينا ومقتضاه فقد قامت
[ ص: 81 ] دلالة خصوصه في ذي الرحم المحرم . وقد اختلف الفقهاء فيه .
ذكر الاختلاف في ذلك : قال أصحابنا : (
nindex.php?page=treesubj&link=10142_10269لا يقطع من سرق من ذي الرحم ) وهو الذي لو كان أحدهما رجلا والآخر امرأة لم يجز له أن يتزوجها من أجل الرحم الذي بينهما . ولا تقطع أيضا عندهم المرأة إذا سرقت من زوجها ، ولا الزوج إذا سرق من امرأته . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : ( إذا سرق من ذي رحم منه لم يقطع ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ( يقطع الزوج فيما سرق من امرأته والمرأة فيما تسرق من زوجها في غير الموضع الذي يسكنان فيه ، وكذلك في الأقارب ) . وقال
عبيد الله بن الحسن في الذي يسرق من أبويه : ( إن كان يدخل عليهم لا يقطع ، وإن كانوا نهوه عن الدخول عليهم فسرق قطع ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ( لا قطع على من سرق من أبويه أو أجداده ، ولا على زوج سرق من امرأته أو امرأة سرقت من زوجها ) . والدليل على صحة قول أصحابنا قول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أو ما ملكتم مفاتحه فأباح تعالى الأكل من بيوت هؤلاء ، وقد اقتضى ذلك إباحة الدخول إليها بغير إذنهم ؛ فإذا جاز لهم دخولها لم يكن ما فيها محرزا عنهم ، ولا قطع إلا فيما سرق من حرز وأيضا إباحة أكل أموالهم يمنع وجوب القطع فيها ، لما لهم فيها من الحق كالشريك ونحوه .
فإن قيل فقد قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أو صديقكم ويقطع فيه مع ذلك إذا سرق من صديقه . قيل له ظاهر الآية ينفي القطع من الصديق أيضا ، وإنما خصصناه بدلالة الاتفاق ودلالة اللفظ قائمة فيما عداه ؛ وعلى أنه لا يكون صديقا إذا قصد السرقة . ودليل آخر ، وهو أنه قد ثبت عندنا وجوب نفقة هؤلاء عند الحاجة إليه وجواز أخذها منه بغير بدل ، فأشبه السارق من بيت المال ، لثبوت حقه فيه بغير بدل يلزمه عند الحاجة إليه .
فإن قيل : قد ثبت هذا الحق عند الضرورة في مال الأجنبي ولم يمنع من القطع بالسرقة منه . قيل له : يعترضان من وجهين :
أحدهما : أنه في
nindex.php?page=treesubj&link=10269_10142_27998مال الأجنبي يثبت عند الضرورة وخوف التلف وفي مال هؤلاء يثبت بالفقر وتعذر الكسب ، والوجه الآخر: أن الأجنبي يأخذه ببدل وهؤلاء يستحقونه بغير بدل كمال بيت المال . وأيضا فلما استحق عليه إحياء نفسه وأعضائه عند الحاجة إليه بالإنفاق عليه ، وكان هذا السارق محتاجا إلى هذا المال في إحياء يده لسقوط
[ ص: 82 ] القطع ، صار في هذه الحالة كالفقير الذي يستحق على ذي الرحم المحرم منه الإنفاق عليه لإحياء نفسه أو بعض أعضائه . وأيضا فهو مقيس على الأب بالمعنى الذي قدمناه ؛ والله تعالى أعلم .
بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=10269_10142السَّرِقَةِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا عُمُومٌ فِي إِيجَابِ قَطْعِ كُلِّ سَارِقٍ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ ، عَلَى النَّحْوِ الَّذِي قَدَّمْنَا ، وَعَلَى مَا حَكَيْنَا عَنْ
أَبِي الْحَسَنِ ، لَيْسَ بِعُمُومٍ وَهُوَ مُجْمَلٌ مُحْتَاجٌ فِيهِ إِلَى دَلَالَةٍ مِنْ غَيْرِهِ فِي إِثْبَاتِ حُكْمِهِ . وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ مَا ثَبَتَ خُصُوصُهُ بِالِاتِّفَاقِ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِعُمُومِهِ ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ؛ وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16974مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ . إِلَّا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عُمُومًا عِنْدَنَا لَوْ خُلِّينَا وَمُقْتَضَاهُ فَقَدْ قَامَتْ
[ ص: 81 ] دَلَالَةُ خُصُوصِهِ فِي ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ .
ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ : قَالَ أَصْحَابُنَا : (
nindex.php?page=treesubj&link=10142_10269لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ ذِي الرَّحِمِ ) وَهُوَ الَّذِي لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا وَالْآخَرُ امْرَأَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مِنْ أَجْلِ الرَّحِمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا . وَلَا تُقْطَعُ أَيْضًا عِنْدَهُمُ الْمَرْأَةُ إِذَا سَرَقَتْ مِنْ زَوْجِهَا ، وَلَا الزَّوْجُ إِذَا سَرَقَ مِنَ امْرَأَتِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ : ( إِذَا سَرَقَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مِنْهُ لَمْ يُقْطَعْ ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : ( يُقْطَعُ الزَّوْجُ فِيمَا سَرَقَ مِنَ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِيمَا تَسْرِقُ مِنْ زَوْجِهَا فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَسْكُنَانِ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَقَارِبِ ) . وَقَالَ
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ فِي الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ أَبَوَيْهِ : ( إِنْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ لَا يُقْطَعُ ، وَإِنْ كَانُوا نَهَوْهُ عَنِ الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ فَسَرَقَ قُطِعَ ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : ( لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ أَبَوَيْهِ أَوْ أَجْدَادِهِ ، وَلَا عَلَى زَوْجٍ سَرَقَ مِنَ امْرَأَتِهِ أَوِ امْرَأَةٍ سَرَقَتْ مِنْ زَوْجِهَا ) . وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ فَأَبَاحَ تَعَالَى الْأَكْلَ مِنْ بُيُوتِ هَؤُلَاءِ ، وَقَدِ اقْتَضَى ذَلِكَ إِبَاحَةَ الدُّخُولِ إِلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ ؛ فَإِذَا جَازَ لَهُمْ دُخُولُهَا لَمْ يَكُنْ مَا فِيهَا مُحْرَزًا عَنْهُمْ ، وَلَا قَطْعَ إِلَّا فِيمَا سُرِقَ مِنْ حِرْزٍ وَأَيْضًا إِبَاحَةُ أَكْلِ أَمْوَالِهِمْ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْقَطْعِ فِيهَا ، لِمَا لَهُمْ فِيهَا مِنَ الْحَقِّ كَالشَّرِيكِ وَنَحْوِهِ .
فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أَوْ صَدِيقِكُمْ وَيُقْطَعُ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ إِذَا سَرَقَ مِنْ صَدِيقِهِ . قِيلَ لَهُ ظَاهِرُ الْآيَةِ يَنْفِي الْقَطْعَ مِنَ الصَّدِيقِ أَيْضًا ، وَإِنَّمَا خَصَّصْنَاهُ بِدَلَالَةِ الِاتِّفَاقِ وَدَلَالَةُ اللَّفْظِ قَائِمَةٌ فِيمَا عَدَاهُ ؛ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ صَدِيقًا إِذَا قَصَدَ السَّرِقَةَ . وَدَلِيلٌ آخَرُ ، وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا وُجُوبُ نَفَقَةِ هَؤُلَاءِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَجَوَازُ أَخْذِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ بَدَلٍ ، فَأَشْبَهَ السَّارِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، لِثُبُوتِ حَقِّهِ فِيهِ بِغَيْرِ بَدَلٍ يَلْزَمُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ .
فَإِنْ قِيلَ : قَدْ ثَبَتَ هَذَا الْحَقُّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فِي مَالِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنَ الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ . قِيلَ لَهُ : يُعْتَرَضَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدِهِمَا : أَنَّهُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10269_10142_27998مَالِ الْأَجْنَبِيِّ يَثْبُتُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَخَوْفِ التَّلَفِ وَفِي مَالِ هَؤُلَاءِ يَثْبُتُ بِالْفَقْرِ وَتَعَذُّرِ الْكَسْبِ ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَأْخُذُهُ بِبَدَلٍ وَهَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُّونَهُ بِغَيْرِ بَدَلٍ كَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ . وَأَيْضًا فَلَمَّا اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ إِحْيَاءَ نَفْسِهِ وَأَعْضَائِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ ، وَكَانَ هَذَا السَّارِقُ مُحْتَاجًا إِلَى هَذَا الْمَالِ فِي إِحْيَاءِ يَدِهِ لِسُقُوطِ
[ ص: 82 ] الْقَطْعِ ، صَارَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْفَقِيرِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مِنْهُ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ لِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ أَوْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ . وَأَيْضًا فَهُوَ مَقِيسٌ عَلَى الْأَبِ بِالْمَعْنَى الَّذِي قَدَّمْنَاهُ ؛ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .