الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
واختلفوا في قطع الرجل من أي موضع هو فروي عن علي أنه قطع سارقا من خصر القدم وروى صالح السمان قال رأيت الذي قطعه علي رضي الله عنه مقطوعا من أطراف الأصابع فقيل له من قطعك فقال خير الناس قال أبو رزين سمعت ابن عباس يقول أيعجز من رأى هؤلاء أن يقطع كما قطع هذا الأعرابي يعني نحوه فلقد قطع فما أخطأ يقطع الرجل ويذر عقبها ، وروي مثله عن عطاء وأبي جعفر من قولهما وعن عمر رضي الله عنه في آخرين يقطع الرجل من المفصل وهو قول فقهاء الأمصار والنظر يدل على هذا القول لاتفاقهم على قطع اليد من المفصل الظاهر وهو الذي يلي الزند . وكذلك الواجب قطع الرجل من المفصل الظاهر الذي يلي الكعب الناتئ وأيضا لما اتفقوا على أنه لا يترك [ ص: 71 ] له من اليد ما ينتفع به للبطش ولم يقطع من أصول الأصابع حتى يبقى له الكف كذلك ينبغي أن لا يترك له من الرجل العقب فيمشي عليه لأن الله تعالى إنما أوجب قطع اليد ليمنعه الأخذ والبطش بها وأمر بقطع الرجل ليمنعه المشي بها فغير جائز ترك العقب للمشي عليه ومن قطع من المفصل الذي هو على ظهر القدم فإنه ذهب في ذلك أن هذا المفصل من الرجل بمنزلة مفصل الزند من اليد ؛ لأنه ليس بين مفصل ظهر القدم وبين مفصل أصابع الرجل مفصل غيره كما أنه ليس بين مفصل الزند ومفصل أصابع اليد مفصل غيره فلما وجب في اليد قطع أقرب المفاصل إلى مفصل الأصابع كذلك وجب أن يقطع في الرجل من أقرب المفاصل إلى مفصل الأصابع ، والقول الأول أظهر لأن مفصل ظهر القدم غير ظاهر كظهور مفصل الكعب من الرجل ومفصل الزند من اليد فلما وجب قطع مفصل اليد الظاهر منه كذلك يجب أن يكون في الرجل ولما استوعبت اليد بالقطع وجب استيعاب الرجل أيضا والرجل كلها إلى مفصل الكعب بمنزلة الكف إلى مفصل الزند . وأما القطع من أصول أصابع الرجل فإنه لم يثبت عن علي من جهة صحيحة

وهو قول شاذ خارج عن الاتفاق والنظر جميعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية