باب
nindex.php?page=treesubj&link=3488_3442ما يقتله المحرم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم لما كان خاصا في صيد البر دون صيد البحر لما ذكرنا في سياق الآية من التخصيص ، اقتضى عمومه تحريم سائر صيد البر إلا ما خصه الدليل . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=44وأبو سعيد nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=18566خمس يقتلهن المحرم في الحل والحرم : الحية والعقرب والغراب والفأرة والكلب العقور على اختلاف منهم في بعضها ، وفي بعضها : ( هن فواسق ) . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : ( الكلب العقور الأسد ) . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15689حجاج بن أرطاة عن
وبرة قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يقول
nindex.php?page=hadith&LINKID=685464أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الذئب والفأرة والغراب والحدأة . فذكر في هذا الحديث الذئب . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قال : ( الكلب العقور الذي أمر المحرم بقتله ما قتل الناس وعدا عليهم ، مثل الأسد والنمر والذئب وهو الكلب العقور ، وأما ما كان من السباع لا يعدو مثل الضبع والثعلب والهرة وما أشبههن من السباع فلا يقتلهن المحرم ، فإن قتل منهن شيئا فداه ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : قد تلقى الفقهاء هذا الخبر بالقبول واستعملوه في إباحة قتل الأشياء الخمسة للمحرم .
وقد اختلف في الكلب العقور ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة على ما قدمنا الرواية فيه : ( إنه الأسد ) ويشهد لهذا التأويل أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على
عتبة بن أبي لهب فقال :
أكلك كلب الله فأكله الأسد . قيل له : إن الكلب العقور هو الذئب . وروي في بعض أخبار
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في موضع ( الكلب ) ( الذئب ) ، ولما ذكر الكلب العقور أفاد بذلك كلبا من شأنه العدو على الناس وعقرهم ، وهذه صفة الذئب ، فأولى الأشياء بالكلب هاهنا الذئب . وقد دل على أن كل ما عدا على المحرم وابتدأه بالأذى فجائز له قتله من غير فدية لأن فحوى ذكره الكلب العقور يدل عليه ، وكذلك قال أصحابنا فيمن ابتدأه السبع فقتله فلا شيء عليه ، وإن كان هو الذي ابتدأ السبع فعليه الجزاء ؛ لعموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم
واسم الصيد واقع على كل ممتنع الأصل متوحش ،
[ ص: 132 ] ولا يختص بالمأكول منه دون غيره ، ويدل عليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم فعلق الحكم منه بما تناله أيدينا ورماحنا ، ولم يخصص المباح منه دون المحظور الأكل . ثم خص النبي صلى الله عليه وسلم الأشياء المذكورة في الخبر وذكر معها الكلب العقور ، فكان تخصيصه لهذه الأشياء وذكره للكلب العقور دليلا على أن كل ما ابتدأ الإنسان بالأذى من الصيد فمباح للمحرم قتله ؛ لأن الأشياء المذكورة من شأنها أن تبتدئ بالأذى ، فجعل حكمها حكم حالها في الأغلب وإن كانت قد لا تبتدئ في حال ؛ لأن الأحكام إنما تتعلق في الأشياء بالأعم الأكثر ، ولا حكم للشاذ النادر . ثم لما ذكر الكلب العقور وقيل هو الأسد فإنما أباح قتله إذا قصد بالعقر والأذى ، وإن كان الذئب فذلك من شأنه في الأغلب ؛ فما خصه النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك بالخبر وقامت دلالته فهو مخصوص من عموم الآية ، وما لم يخصه ولم تقم دلالة تخصيصه فهو محمول على عمومها . ويدل عليه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=14535الضبع صيد وفيه كبش إذا قتله المحرم .
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع ، والضبع من ذي الناب من السباع وجعل النبي صلى الله عليه وسلم فيها كبشا .
فإن قيل : هلا قست على الخمس ما كان في معناها وهو ما لا يؤكل لحمه قيل له : إنما خص هذه الأشياء الخمسة من عموم الآية ، وغير جائز عندنا القياس على المخصوص إلا أن تكون علته مذكورة فيه أو دلالة قائمة فيما خص ، فلما لم تكن للخمس علة مذكورة فيها لم يجز القياس عليها في تخصيص عموم الأصل . وقد بينا وجه دلالته على ما يبتدئ الإنسان بالأذى من السباع ، وكونه غير مأكول اللحم لم تقم عليه دلالة من فحوى الخبر ولا علته مذكورة فيه ، فلم يجز اعتباره . وأيضا فإنه لا خلاف فيما ابتدأ المحرم في سقوط الجزاء ، فجاز تخصيصه بالإجماع وبقي حكم عموم الآية فيما لم يخصه الخبر ولا الإجماع . ومن أصحابنا من يأبى القياس في مثله ؛ لأنه حصره بعدد فقال
nindex.php?page=hadith&LINKID=18566خمس يقتلهن المحرم وفي ذلك دليل على أن ما عداه محظور ، فغير جائز استعمال القياس في إسقاط دلالة اللفظ . ومنهم من يأبى صحة الاعتلال بكونه غير مأكول ؛ لأن ذلك نفي والنفي لا يكون علة ، وإنما العلل أوصاف ثابتة في الأصل المعلول ، وأما نفي الصفة فليس يجوز أن يكون علة . فإن غير الحكم بإثبات وصف وجعل العلة أنه محرم الأكل لم يصح ذلك أيضا ؛ لأن التحريم هو الحكم بنفي الأكل ، فلم يخل من أن يكون نافيا للصفة ، فلم يصح الاعتلال بها .
[ ص: 133 ] وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن ما لا يؤكل من الصيد فلا جزاء على المحرم فيه .
بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=3488_3442مَا يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ لَمَّا كَانَ خَاصًّا فِي صَيْدِ الْبَرِّ دُونَ صَيْدِ الْبَحْرِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي سِيَاقِ الْآيَةِ مِنَ التَّخْصِيصِ ، اقْتَضَى عُمُومُهُ تَحْرِيمَ سَائِرِ صَيْدِ الْبَرِّ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ . وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنُ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=44وَأَبُو سَعِيدٍ nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=18566خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ : الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْغُرَابُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْهُمْ فِي بَعْضِهَا ، وَفِي بَعْضِهَا : ( هُنَّ فَوَاسِقُ ) . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ( الْكَلْبُ الْعَقُورُ الْأَسَدُ ) . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15689حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ
وَبَرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=685464أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الذِّئْبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ . فَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الذِّئْبَ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15020الْقَعْنَبِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ قَالَ : ( الْكَلْبُ الْعَقُورُ الَّذِي أُمِرَ الْمُحْرِمُ بِقَتْلِهِ مَا قَتَلَ النَّاسَ وَعَدَا عَلَيْهِمْ ، مِثْلُ الْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ وَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ السِّبَاعِ لَا يَعْدُو مِثْلُ الضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ وَالْهِرَّةِ وَمَا أَشْبَهَهُنَّ مِنَ السِّبَاعِ فَلَا يَقْتُلْهُنَّ الْمُحْرِمُ ، فَإِنْ قَتَلَ مِنْهُنَّ شَيْئًا فَدَاهُ ) . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : قَدْ تَلَقَّى الْفُقَهَاءُ هَذَا الْخَبَرَ بِالْقَبُولِ وَاسْتَعْمَلُوهُ فِي إِبَاحَةِ قَتْلِ الْأَشْيَاءِ الْخَمْسَةِ لِلْمُحْرِمِ .
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا الرِّوَايَةَ فِيهِ : ( إِنَّهُ الْأَسَدُ ) وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى
عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ فَقَالَ :
أَكَلَكَ كَلْبُ اللَّهِ فَأَكَلَهُ الْأَسَدُ . قِيلَ لَهُ : إِنَّ الْكَلْبَ الْعَقُورَ هُوَ الذِّئْبُ . وَرُوِيَ فِي بَعْضِ أَخْبَارِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ فِي مَوْضِعٍ ( الْكَلْبُ ) ( الذِّئْبُ ) ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ أَفَادَ بِذَلِكَ كَلْبًا مِنْ شَأْنِهِ الْعَدْوَ عَلَى النَّاسِ وَعَقْرِهِمْ ، وَهَذِهِ صِفَةُ الذِّئْبِ ، فَأَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِالْكَلْبِ هَاهُنَا الذِّئْبُ . وَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا عَدَا عَلَى الْمُحْرِمِ وَابْتَدَأَهُ بِالْأَذَى فَجَائِزٌ لَهُ قَتْلُهُ مِنْ غَيْرِ فَدِيَةٍ لِأَنَّ فَحْوَى ذِكْرِهِ الْكَلْبَ الْعَقُورَ يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنِ ابْتَدَأَهُ السَّبْعُ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ السَّبْعَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ
وَاسْمُ الصَّيْدِ وَاقِعٌ عَلَى كُلِّ مُمْتَنِعِ الْأَصْلِ مُتَوَحِّشٍ ،
[ ص: 132 ] وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمَأْكُولِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ فَعَلَّقَ الْحُكْمَ مِنْهُ بِمَا تَنَالُهُ أَيْدِينَا وَرِمَاحُنَا ، وَلَمْ يُخَصِّصِ الْمُبَاحَ مِنْهُ دُونَ الْمَحْظُورِ الْأَكْلِ . ثُمَّ خَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَشْيَاءَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْخَبَرِ وَذَكَرَ مَعَهَا الْكَلْبَ الْعَقُورَ ، فَكَانَ تَخْصِيصُهُ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَذِكْرُهُ لِلْكَلْبِ الْعَقُورِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا ابْتَدَأَ الْإِنْسَانَ بِالْأَذَى مِنَ الصَّيْدِ فَمُبَاحٌ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَبْتَدِئَ بِالْأَذَى ، فَجَعَلَ حُكْمَهَا حُكْمَ حَالِهَا فِي الْأَغْلَبِ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ لَا تَبْتَدِئُ فِي حَالٍ ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ فِي الْأَشْيَاءِ بِالْأَعَمِّ الْأَكْثَرِ ، وَلَا حُكْمَ لِلشَّاذِّ النَّادِرِ . ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ وَقِيلَ هُوَ الْأَسَدُ فَإِنَّمَا أَبَاحَ قَتْلَهُ إِذَا قَصَدَ بِالْعَقْرِ وَالْأَذَى ، وَإِنْ كَانَ الذِّئْبُ فَذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِ فِي الْأَغْلَبِ ؛ فَمَا خَصَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ بِالْخَبَرِ وَقَامَتْ دَلَالَتُهُ فَهُوَ مَخْصُوصٌ مِنْ عُمُومِ الْآيَةِ ، وَمَا لَمْ يَخُصَّهُ وَلَمْ تَقُمْ دَلَالَةُ تَخْصِيصِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عُمُومِهَا . وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=14535الضَّبُعُ صَيْدٌ وَفِيهِ كَبْشٌ إِذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ .
وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، وَالضَّبُعُ مِنْ ذِي النَّابِ مِنَ السِّبَاعِ وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا كَبْشًا .
فَإِنْ قِيلَ : هَلَّا قِسْتَ عَلَى الْخَمْسِ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا وَهُوَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ قِيلَ لَهُ : إِنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الْخَمْسَةَ مِنْ عُمُومِ الْآيَةِ ، وَغَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَنَا الْقِيَاسُ عَلَى الْمَخْصُوصِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عِلَّتُهُ مَذْكُورَةً فِيهِ أَوْ دَلَالَةً قَائِمَةً فِيمَا خَصَّ ، فَلَمَّا لَمْ تَكُنْ لِلْخَمْسِ عِلَّةٌ مَذْكُورَةٌ فِيهَا لَمْ يَجُزِ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا فِي تَخْصِيصِ عُمُومِ الْأَصْلِ . وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ دَلَالَتِهِ عَلَى مَا يَبْتَدِئُ الْإِنْسَانَ بِالْأَذَى مِنَ السِّبَاعِ ، وَكَوْنُهُ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ دَلَالَةٌ مِنْ فَحْوَى الْخَبَرِ وَلَا عِلَّتُهُ مَذْكُورَةٌ فِيهِ ، فَلَمْ يَجُزِ اعْتِبَارُهُ . وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِيمَا ابْتَدَأَ الْمُحْرِمَ فِي سُقُوطِ الْجَزَاءِ ، فَجَازَ تَخْصِيصُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَبَقِيَ حُكْمُ عُمُومِ الْآيَةِ فِيمَا لَمْ يَخُصَّهُ الْخَبَرُ وَلَا الْإِجْمَاعُ . وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَأْبَى الْقِيَاسَ فِي مِثْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ حَصَرَهُ بِعَدَدٍ فَقَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=18566خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُ مَحْظُورٌ ، فَغَيْرُ جَائِزٍ اسْتِعْمَالُ الْقِيَاسِ فِي إِسْقَاطِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْبَى صِحَّةَ الِاعْتِلَالِ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مَأْكُولٍ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَفْيٌ وَالنَّفْيُ لَا يَكُونُ عِلَّةً ، وَإِنَّمَا الْعِلَلُ أَوْصَافٌ ثَابِتَةٌ فِي الْأَصْلِ الْمَعْلُولِ ، وَأَمَّا نَفْيُ الصِّفَةِ فَلَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً . فَإِنْ غُيِّرَ الْحُكْمُ بِإِثْبَاتِ وَصْفٍ وَجَعَلَ الْعِلَّةَ أَنَّهُ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ هُوَ الْحُكْمُ بِنَفْيِ الْأَكْلِ ، فَلَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَافِيًا لِلصِّفَةِ ، فَلَمْ يَصِحَّ الِاعْتِلَالُ بِهَا .
[ ص: 133 ] وَزَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ أَنَّ مَا لَا يُؤْكَلُ مِنَ الصَّيْدِ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِيهِ .