الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما قوله تعالى : أو كفارة طعام مساكين فإنه قرئ " كفارة " بالإضافة ، وقرئ بالتنوين بلا إضافة . وقد اختلف في تقدير الطعام ، فقال ابن عباس رواية وإبراهيم وعطاء ومجاهد ومقسم : ( يقوم الصيد دراهم ثم يشتري بالدراهم طعاما ، فيطعم كل مسكين نصف صاع ) . وروي عن ابن عباس رواية : ( يقوم الهدي ثم يشتري بقيمة الهدي طعاما ) ، وروي مثله عن مجاهد أيضا . والأول قول أصحابنا ، والثاني قول الشافعي ؛ والأول أصح ؛ وذلك لأن جميع ذلك جزاء الصيد ، فلما كان الهدي من حيث كان جزاء معتبرا بالصيد إما في قيمته أو في نظيره ؛ وجب أن يكون الطعام مثله ؛ لأنه قال : فجزاء مثل ما قتل إلى قوله : أو كفارة طعام مساكين فجعل الطعام جزاء وكفارة كالقيمة ؛ فاعتباره بقيمة الصيد أولى من اعتباره بالهدي ، إذ هو بدل من الصيد وجزاء عنه لا من الهدي . وأيضا قد اتفقوا فيما لا نظير له من النعم أن اعتبار الطعام إنما هو بقيمة الصيد ، فكذلك فيما له نظير ؛ لأن الآية منتظمة للأمرين ، فلما اتفقوا في أحدهما أن المراد اعتبار الطعام بقيمة الصيد كان الآخر مثله . وقال أصحابنا : إذا أراد الإطعام اشترى بقيمة الصيد طعاما فأطعم كل مسكين نصف صاع من بر ولا يجزيه أقل من ذلك ، ككفارة اليمين وفدية الأذى ؛ وقد بيناه فيما سلف .

التالي السابق


الخدمات العلمية