قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : هذه الآية تدل على فرض
nindex.php?page=treesubj&link=1357ستر العورة في الصلاة . وقد اختلف الفقهاء في ذلك ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14111والحسن بن زياد : { هي فرض في الصلاة إن تركه مع الإمكان فسدت صلاته } ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث : " الصلاة مجزية مع كشف العورة ويوجبان الإعادة في الوقت والإعادة في الوقت عندهما استحباب . ودلالة هذه الآية على فرض ستر العورة في الصلاة من وجوه :
أحدها : أنه لما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خذوا زينتكم عند كل مسجد فعلق الأمر بالمسجد ، علمنا أن المراد الستر للصلاة لولا ذلك لم يكن لذكر المسجد فائدة ، فصار تقديرها : خذوا زينتكم في الصلاة ، ولو كان المراد سترها عن الناس لما خص المسجد بالذكر ؛ إذ كان الناس في الأسواق أكثر منهم في المساجد ، فأفاد بذكر المسجد وجوبه في الصلاة إذ كانت المساجد مخصوصة بالصلاة . وأيضا لما أوجبه في المسجد وجب بظاهر الآية فرض الستر في الصلاة إذا فعلها في المسجد ، وإذا وجب في الصلاة المفعولة في المسجد وجب في غيرها من الصلوات حيث فعلت ؛ لأن أحدا لم يفرق بينهما .
وأيضا فإن المسجد يجوز أن يكون عبارة عن السجود نفسه كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وأن المساجد لله والمراد السجود ، وإذا كان كذلك اقتضت الآية لزوم الستر عند السجود ، وإذا لزم ذلك في السجود لزم في سائر أفعال الصلاة ؛ إذ لم يفرق أحد بينهما ؛ روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري : أن المشركين كانوا يطوفون بالبيت عراة ، فأنزل الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خذوا زينتكم عند كل مسجد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر : وقيل إنهم إنما كانوا يطوفون بالبيت عراة ؛ لأن الثياب قد دنستها المعاصي في زعمهم فيتجردون منها . وقيل إنهم كانوا يفعلون ذلك تفاؤلا بالتعري من الذنوب . وقال بعض من يحتج
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك ابن أنس : إن هؤلاء
السلف لما ذكروا سبب نزول الآية وهو طواف العريان وجب أن يكون حكمها مقصورا عليه .
وليس هذا عندنا كذلك ؛ لأن نزول الآية عندنا على سبب لا يوجب الاقتصار بحكمها عليه لأن الحكم عندنا لعموم اللفظ لا للسبب . وعلى أنه لو كان كما ذكر لا يمنع ذلك وجوبه في الصلاة ؛ لأنه إذا وجب الستر في الطواف فهو في الصلاة أوجب ؛ إذ لم يفرق أحد بينهما .
فإن قال قائل : فينبغي أن لا يمنع ترك الستر صحة الصلاة كما لم يمنع صحة الطواف الذي فيه نزلت الآية وإن وقع ناقصا . قيل له : ظاهره يقتضي بطلان
[ ص: 206 ] الجميع عند عدم الستر ، ولكن الدلالة قد قامت على جواز الطواف مع النهي كما يجوز الإحرام مع الستر وإن كان منهيا عنه ، ولم تقم الدلالة على جواز الصلاة عريانا ؛ ولأن ترك بعض فروض الصلاة يفسدها مثل الطهارة واستقبال القبلة ، وترك بعض فروض الإحرام لا يفسده ؛ لأنه لو ترك الإحرام في الوقت ثم أحرم صح إحرامه ، وكذلك لو أحرم وهو مجامع لامرأته وقع إحرامه ، فصار الإحرام آكدا في بقائه من الصلاة والطواف من موجبات الإحرام فوجب أن لا يفسده ترك الستر ولا يمنع وقوعه . وتدل على أن حكم الآية غير مقصور على الطواف وأن المراد بها الصلاة قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خذوا زينتكم عند كل مسجد والطواف مخصوص بمسجد واحد ولا يفعل في غيره ، فدل على أن مراده الصلاة التي تصح في كل مسجد . ويدل عليه من جهة السنة حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650354لا يصل أحدكم في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن
صفية بنت الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=31851لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار فنفى قبولها لمن بلغت الحيض فصلتها مكشوفة الرأس ، كما نفى قبولها مع عدم الطهارة بقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=668738لا يقبل الله صلاة بغير طهور فثبت بذلك أن ستر العورة من فروضها . وأيضا قد اتفق الجميع على أنه مأمور بستر العورة في الصلاة ؛ ولذلك يأمره مخالفنا بإعادتها في الوقت ، فإذا كان مأمورا بالستر ومنهيا عن تركه وجب أن يكون من فروض الصلاة من وجهين :
أحدهما : أن هذا الحكم مأخوذ عن الآية وأن الآية قد أريد بها الستر في الصلاة ، والثاني : أن النهي يقتضي فساد الفعل إلا أن تقوم الدلالة على الجواز .
فإن قال قائل : لو كان الستر من فروض الصلاة لما جازت الصلاة مع عدمه عند الضرورة إلا ببدل يقوم مقامه مثل الطهارة ، فلما جازت صلاة العريان إذا لم يجد ثوبا من غير بدل على الستر دل على أنه ليس من فرضه .
قيل له : هذا سؤال ساقط لاتفاق الجميع على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=1566_22733صلاة الأمي والأخرس مع عدم القراءة من غير بدل عنها ، ولم يخرجها ذلك من أن يكون فرضا . وزعم بعض من يحتج
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك أنه لو كان الثوب من عمل الصلاة ومن فرضها لوجب على الإنسان أن ينوي بلبس الثوب أنه للصلاة كما ينوي بالافتتاح أنه لتلك الصلاة . وهذا كلام واه جدا فاسد العبارة مع ضعف المعنى وذلك لأن الثوب لا يكون من عمل الصلاة ولا من فروضها ولكن ستر العورة من شروطها التي
[ ص: 207 ] لا تصح إلا به كالطهارة ، كما أن استقبال القبلة من شروطها ، ولا يحتاج الاستقبال إلى نية ، والطهارة من شروطها ولا تحتاج عندنا إلى نية ، والقيام في حال الافتتاح من فروضها لمن قدر عليه ولا يحتاج إلى نية ، والقيام والقراءة والركوع والسجود بعد الافتتاح من فروضها ولا يحتاج لشيء من ذلك إلى نية .
فإن قيل : لأن نية الصلاة قد أغنت عن تجديد النية لهذه الأفعال . قيل له : وكذلك نية الصلاة قد أغنت عن تجديد نية للستر . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خذوا زينتكم عند كل مسجد يدل على أنه مندوب في حضور المسجد إلى أخذ ثوب نظيف مما يتزين به ؛ وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
ندب إلى ذلك في الجمع والأعياد ، كما
nindex.php?page=hadith&LINKID=99442أمر بالاغتسال للعيدين والجمعة وأن يمس من طيب أهله .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى فَرْضِ
nindex.php?page=treesubj&link=1357سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15922وَزُفَرُ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبُو يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=14111وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ : { هِيَ فَرْضٌ فِي الصَّلَاةِ إِنْ تَرَكَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ } ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=15124وَاللَّيْثُ : " الصَّلَاةُ مُجْزِيَةٌ مَعَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَيُوجِبَانِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ وَالْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ عِنْدَهُمَا اسْتِحْبَابٌ . وَدَلَالَةُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى فَرْضِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَمَّا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ فَعَلَّقَ الْأَمْرَ بِالْمَسْجِدِ ، عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ السَّتْرُ لِلصَّلَاةِ لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الْمَسْجِدِ فَائِدَةٌ ، فَصَارَ تَقْدِيرُهَا : خُذُوا زِينَتَكُمْ فِي الصَّلَاةِ ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ سَتْرَهَا عَنِ النَّاسِ لَمَا خَصَّ الْمَسْجِدَ بِالذِّكْرِ ؛ إِذْ كَانَ النَّاسُ فِي الْأَسْوَاقِ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فِي الْمَسَاجِدِ ، فَأَفَادَ بِذِكْرِ الْمَسْجِدِ وُجُوبَهُ فِي الصَّلَاةِ إِذْ كَانَتِ الْمَسَاجِدُ مَخْصُوصَةً بِالصَّلَاةِ . وَأَيْضًا لَمَّا أَوْجَبَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَجَبَ بِظَاهِرِ الْآيَةِ فَرْضُ السَّتْرِ فِي الصَّلَاةِ إِذَا فَعَلَهَا فِي الْمَسْجِدِ ، وَإِذَا وَجَبَ فِي الصَّلَاةِ الْمَفْعُولَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَجَبَ فِي غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ فُعِلَتْ ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا .
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمَسْجِدَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِبَارَةً عَنِ السُّجُودِ نَفْسِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ وَالْمُرَادُ السُّجُودُ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ اقْتَضَتِ الْآيَةُ لُزُومَ السَّتْرِ عِنْدَ السُّجُودِ ، وَإِذَا لَزِمَ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ لَزِمَ فِي سَائِرِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ ؛ إِذْ لَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ بَيْنَهُمَا ؛ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمَ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيِّ : أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ : وَقِيلَ إِنَّهُمْ إِنَّمَا كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ قَدْ دَنَّسَتْهَا الْمَعَاصِي فِي زَعْمِهِمْ فَيَتَجَرَّدُونَ مِنْهَا . وَقِيلَ إِنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ تَفَاؤُلًا بِالتَّعَرِّي مِنَ الذُّنُوبِ . وَقَالَ بَعْضُ مَنْ يَحْتَجُّ
nindex.php?page=showalam&ids=16867لِمَالِكِ ابْنِ أَنَسٍ : إِنَّ هَؤُلَاءِ
السَّلَفَ لَمَّا ذَكَرُوا سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ وَهُوَ طَوَافُ الْعُرْيَانِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا مَقْصُورًا عَلَيْهِ .
وَلَيْسَ هَذَا عِنْدَنَا كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ نُزُولَ الْآيَةِ عِنْدَنَا عَلَى سَبَبٍ لَا يُوجِبُ الِاقْتِصَارَ بِحُكْمِهَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ عِنْدَنَا لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِلسَّبَبِ . وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا ذُكِرَ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ وُجُوبَهُ فِي الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهُ إِذَا وَجَبَ السَّتْرُ فِي الطَّوَافِ فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَوَجَبُ ؛ إِذْ لَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ بَيْنَهُمَا .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْنَعَ تَرْكُ السَّتْرِ صِحَّةَ الصَّلَاةِ كَمَا لَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ الطَّوَافِ الَّذِي فِيهِ نَزَلَتِ الْآيَةُ وَإِنْ وَقَعَ نَاقِصًا . قِيلَ لَهُ : ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي بُطْلَانَ
[ ص: 206 ] الْجَمِيعِ عِنْدَ عَدَمِ السَّتْرِ ، وَلَكِنَّ الدَّلَالَةَ قَدْ قَامَتْ عَلَى جَوَازِ الطَّوَافِ مَعَ النَّهْيِ كَمَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مَعَ السَّتْرِ وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ ، وَلَمْ تَقُمِ الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عُرْيَانًا ؛ وَلِأَنَّ تَرْكَ بَعْضِ فُرُوضِ الصَّلَاةِ يُفْسِدُهَا مِثْلُ الطَّهَارَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ ، وَتَرْكُ بَعْضِ فُرُوضِ الْإِحْرَامِ لَا يُفْسِدُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ أَحْرَمَ صَحَّ إِحْرَامُهُ ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ مُجَامِعٌ لِامْرَأَتِهِ وَقَعَ إِحْرَامُهُ ، فَصَارَ الْإِحْرَامُ آكِدًا فِي بَقَائِهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ مِنْ مُوجِبَاتِ الْإِحْرَامِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُفْسِدَهُ تَرْكُ السَّتْرِ وَلَا يَمْنَعُ وُقُوعَهُ . وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْآيَةِ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى الطَّوَافِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الصَّلَاةُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَالطَّوَافُ مَخْصُوصٌ بِمَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَلَا يُفْعَلُ فِي غَيْرِهِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الصَّلَاةُ الَّتِي تَصِحُّ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ . وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=11863أَبِي الزِّنَادِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650354لَا يُصَلِّ أَحَدُكُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ
صَفِيَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=31851لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ فَنَفَى قَبُولَهَا لِمَنْ بَلَغَتِ الْحَيْضَ فَصَلَّتْهَا مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ ، كَمَا نَفَى قَبُولَهَا مَعَ عَدَمِ الطَّهَارَةِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=668738لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ مِنْ فَرَوْضِهَا . وَأَيْضًا قَدِ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ ؛ وَلِذَلِكَ يَأْمُرُهُ مُخَالِفُنَا بِإِعَادَتِهَا فِي الْوَقْتِ ، فَإِذَا كَانَ مَأْمُورًا بِالسَّتْرِ وَمَنْهِيًّا عَنْ تَرْكِهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَأْخُوذٌ عَنِ الْآيَةِ وَأَنَّ الْآيَةَ قَدْ أُرِيدَ بِهَا السَّتْرُ فِي الصَّلَاةِ ، وَالثَّانِي : أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي فَسَادَ الْفِعْلِ إِلَّا أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى الْجَوَازِ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : لَوْ كَانَ السَّتْرُ مِنْ فُرُوضِ الصَّلَاةِ لَمَا جَازَتِ الصَّلَاةُ مَعَ عَدَمِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إِلَّا بِبَدَلٍ يَقُومُ مَقَامَهُ مِثْلُ الطَّهَارَةِ ، فَلَمَّا جَازَتْ صَلَاةُ الْعُرْيَانِ إِذَا لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ عَلَى السَّتْرِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرْضِهِ .
قِيلَ لَهُ : هَذَا سُؤَالٌ سَاقِطٌ لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=1566_22733صَلَاةِ الْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ مَعَ عَدَمِ الْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ عَنْهَا ، وَلَمْ يُخْرِجْهَا ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا . وَزَعَمَ بَعْضُ مَنْ يَحْتَجُّ
nindex.php?page=showalam&ids=16867لِمَالِكٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّوْبُ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ وَمِنْ فَرْضِهَا لَوَجَبَ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَنْوِيَ بِلُبْسِ الثَّوْبِ أَنَّهُ لِلصَّلَاةِ كَمَا يَنْوِي بِالِافْتِتَاحِ أَنَّهُ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ . وَهَذَا كَلَامٌ وَاهٍ جِدًّا فَاسِدُ الْعِبَارَةِ مَعَ ضَعْفِ الْمَعْنَى وَذَلِكَ لِأَنَّ الثَّوْبَ لَا يَكُونُ مِنْ عَمَلِ الصَّلَاةِ وَلَا مِنْ فُرُوضِهَا وَلَكِنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ مِنْ شُرُوطِهَا الَّتِي
[ ص: 207 ] لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهِ كَالطَّهَارَةِ ، كَمَا أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ مِنْ شُرُوطِهَا ، وَلَا يَحْتَاجُ الِاسْتِقْبَالُ إِلَى نِيَّةٍ ، وَالطَّهَارَةُ مِنْ شُرُوطِهَا وَلَا تَحْتَاجُ عِنْدَنَا إِلَى نِيَّةٍ ، وَالْقِيَامُ فِي حَالِ الِافْتِتَاحِ مِنْ فُرُوضِهَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ ، وَالْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ مِنْ فُرُوضِهَا وَلَا يَحْتَاجُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَى نِيَّةٍ .
فَإِنْ قِيلَ : لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ قَدْ أَغْنَتْ عَنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ لِهَذِهِ الْأَفْعَالِ . قِيلَ لَهُ : وَكَذَلِكَ نِيَّةُ الصَّلَاةِ قَدْ أَغْنَتْ عَنْ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ لِلسَّتْرِ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْدُوبٌ فِي حُضُورِ الْمَسْجِدِ إِلَى أَخْذِ ثَوْبٍ نَظِيفٍ مِمَّا يَتَزَيَّنُ بِهِ ؛ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ
نُدِبَ إِلَى ذَلِكَ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ ، كَمَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=99442أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ لِلْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ وَأَنْ يَمَسَّ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ .