الكلام في الفرار من الزحف قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة روى
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبو نضرة عن
أبي سعيد أن ذلك إنما كان يوم بدر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبو نضرة : { لأنهم لو انحازوا يومئذ لانحازوا إلى المشركين ولم يكن يومئذ مسلم غيرهم } . وهذا الذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبو نضرة ليس بسديد ؛ لأنه قد كان
بالمدينة خلق كثير من
الأنصار ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج ولم يكونوا يرون أنه يكون قتال ، وإنما ظنوا أنها العير ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن خف معه . فقول
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة إنه لم يكن هناك مسلم غيرهم وإنهم لو انحازوا انحازوا إلى المشركين غلط لما وصفنا . وقد قيل إنهم لم يكن جائزا لهم الانحياز يومئذ لأنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن الانحياز جائزا لهم عنه ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=120ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه فلم يكن يجوز لهم أن يخذلوا نبيهم صلى الله عليه وسلم وينصرفوا عنه ويسلموه ، وإن كان الله قد تكفل بنصره وعصمه من الناس كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67والله يعصمك من الناس وكان ذلك فرضا عليهم قلت أعداؤهم أو كثروا .
وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان فئة المسلمين يومئذ ،
nindex.php?page=treesubj&link=8179ومن كان بمنحاز عن القتال فإنما كان يجوز له الانحياز على شرط أن يكون انحيازه إلى فئة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم فئتهم يومئذ ولم تكن لهم فئة غيره .
nindex.php?page=hadith&LINKID=685973قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : كنت في جيش فحاص الناس حيصة واحدة ، ورجعنا إلى المدينة فقلنا : نحن الفرارون ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنا فئتكم . فمن كان بالبعد من النبي صلى الله عليه وسلم إذا انحاز عن الكفار فإنما كان يجوز له الانحياز إلى فئة وهو النبي صلى الله عليه وسلم وإذا كان معهم في القتال لم يكن هناك فئة غيره ينحازون إليه فلم يكن يجوز لهم الفرار .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16ومن يولهم يومئذ دبره قال : { شددت على أهل بدر } ، وقال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=155إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا وذلك لأنهم فروا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك يوم
حنين فروا عن النبي صلى الله عليه وسلم فعاقبهم الله على
[ ص: 227 ] ذلك في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=25ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين فهذا كان حكمهم ؛ إذ كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم قل عدد العدو أو كثر ؛ إذ لم يحد الله فيه شيئا ، وقال الله تعالى في آية أخرى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا هذا والله أعلم في الحال التي لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم حاضرا معهم ، فكان على العشرين أن يقاتلوا المائتين ولا يهربوا عنهم ، فإذا كان عدد العدو أكثر من ذلك أباح لهم التحيز إلى فئة من المسلمين فيهم نصرة لمعاودة القتال .
ثم نسخ ذلك بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله فروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : كتب عليكم أن لا يفر واحد من عشرة ، ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا الآية ، فكتب عليكم أن لا يفر مائة من مائتين وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إن فر رجل من رجلين فقد فر وإن فر من ثلاثة فلم يفر قال الشيخ : يعني بقوله فقد فر
nindex.php?page=treesubj&link=8168_8170الفرار من الزحف المراد بالآية ، والذي في الآية إيجاب فرض القتال على الواحد لرجلين من الكفار ، فإن زاد عدد الكفار على اثنين فجائز حينئذ للواحد
nindex.php?page=treesubj&link=8175_8179التحيز إلى فئة من المسلمين فيها نصرة ، فأما إن
nindex.php?page=treesubj&link=8179_8170أراد الفرار ليلحق بقوم من المسلمين لا نصرة معهم فهو من أهل الوعيد المذكور في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=686330أنا فئة كل مسلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب لما بلغه أن
أبا عبيد بن مسعود استقتل يوم الجيش حتى قتل ولم ينهزم رحم الله
أبا عبيد لو انحاز إلي لكنت له فئة فلما رجع إليه أصحاب
أبي عبيد قال : أنا فئة لكم ، ولم يعنفهم . وهذا الحكم عندنا ثابت ما لم يبلغ عدد جيش المسلمين اثني عشر ألفا لا يجوز لهم أن ينهزموا عن مثليهم إلا متحرفين لقتال ، وهو أن يصيروا من موضع إلى غيره مكايدين لعدوهم من نحو خروج من مضيق إلى فسحة أو من سعة إلى مضيق أو يكمنوا لعدوهم ونحو ذلك مما لا يكون فيه انصراف عن الحرب ، أو متحيزين إلى فئة من المسلمين يقاتلونهم معهم . فإذا بلغوا اثني عشر ألفا فإن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن ذكر أن
nindex.php?page=treesubj&link=8175الجيش إذا بلغوا كذلك فليس لهم أن يفروا من عدوهم وإن كثر عددهم ، ولم يذكر خلافا بين أصحابنا فيه ، واحتج بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
[ ص: 228 ] عبيد الله بن عبد الله أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=683428خير الأصحاب أربعة وخير السرايا أربع مائة وخير الجيوش أربعة آلاف ، ولن يؤتى اثنا عشر ألفا من قلة ولن يغلب ، وفي بعضها : ما غلب قوم يبلغون اثني عشر ألفا إذا اجتمعت كلمتهم . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا سئل فقيل له : أيسعنا التخلف عن قتال من خرج عن أحكام الله وحكم بغيرها ؟ فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن كان معك اثنا عشر ألفا مثلك لم يسعك التخلف وإلا فأنت في سعة من التخلف ؛ وكان السائل له
عبد الله بن عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر . وهذا المذهب موافق لما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن . والذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألفا فهو أصل في هذا الباب وإن كثر عدد المشركين ، فغير جائز لهم أن يفروا منهم وإن كانوا أضعافهم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { إذا اجتمعت كلمتهم } وقد أوجب عليهم بذلك جمع كلمتهم .
الْكَلَامُ فِي الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبُو نَضْرَةَ عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبُو نَضْرَةَ : { لِأَنَّهُمْ لَوِ انْحَازُوا يَوْمَئِذٍ لَانْحَازُوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ مُسْلِمٌ غَيْرُهُمْ } . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبُو نَضْرَةَ لَيْسَ بِسَدِيدٍ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ
بِالْمَدِينَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ
الْأَنْصَارِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخُرُوجِ وَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ يَكُونُ قِتَالٌ ، وَإِنَّمَا ظَنُّوا أَنَّهَا الْعِيرُ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ خَفَّ مَعَهُ . فَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبِي نَضْرَةَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُسْلِمٌ غَيْرَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَوِ انْحَازُوا انْحَازُوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ غَلَطٌ لِمَا وَصَفْنَا . وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا لَهُمُ الِانْحِيَازُ يَوْمَئِذٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنِ الِانْحِيَازُ جَائِزًا لَهُمْ عَنْهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=120مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَخْذُلُوا نَبِيَّهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْصَرِفُوا عَنْهُ وَيُسْلِمُوهُ ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِهِ وَعَصَمَهُ مِنَ النَّاسِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وَكَانَ ذَلِكَ فَرْضًا عَلَيْهِمْ قَلَّتْ أَعْدَاؤُهُمْ أَوْ كَثُرُوا .
وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِئَةَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ ،
nindex.php?page=treesubj&link=8179وَمَنْ كَانَ بِمُنْحَازٍ عَنِ الْقِتَالِ فَإِنَّمَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ الِانْحِيَازُ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ انْحِيَازُهُ إِلَى فِئَةٍ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِئَتَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ غَيْرَهُ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=685973قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ : كُنْتُ فِي جَيْشٍ فَحَاصَ النَّاسُ حَيْصَةً وَاحِدَةً ، وَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَقُلْنَا : نَحْنُ الْفَرَّارُونَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَا فِئَتُكُمْ . فَمَنْ كَانَ بِالْبُعْدِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْحَازَ عَنِ الْكُفَّارِ فَإِنَّمَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ الِانْحِيَازُ إِلَى فِئَةٍ وَهُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا كَانَ مَعَهُمْ فِي الْقِتَالِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فِئَةٌ غَيْرَهُ يَنْحَازُونَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ يَجُوزُ لَهُمُ الْفِرَارُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ قَالَ : { شَدَدْتُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ } ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=155إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ فَرُّوا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَذَلِكَ يَوْمَ
حُنَيْنٍ فَرُّوا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ عَلَى
[ ص: 227 ] ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=25وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ فَهَذَا كَانَ حُكْمُهُمْ ؛ إِذْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّ عَدَدُ الْعَدُوِّ أَوْ كَثُرَ ؛ إِذْ لَمْ يَحُدَّ اللَّهُ فِيهِ شَيْئًا ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي الْحَالِ الَّتِي لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاضِرًا مَعَهُمْ ، فَكَانَ عَلَى الْعِشْرِينَ أَنْ يُقَاتِلُوا الْمِائَتَيْنِ وَلَا يَهْرُبُوا عَنْهُمْ ، فَإِذَا كَانَ عَدَدُ الْعَدُوِّ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَبَاحَ لَهُمُ التَّحَيُّزَ إِلَى فِئَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ نُصْرَةٌ لِمُعَاوَدَةِ الْقِتَالِ .
ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ فَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : كَتَبَ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا الْآيَةَ ، فَكَتَبَ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنْ فَرَّ رَجُلٌ مِنْ رَجُلَيْنِ فَقَدْ فَرَّ وَإِنَّ فَرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَلَمْ يَفِرَّ قَالَ الشَّيْخُ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ فَقَدْ فَرَّ
nindex.php?page=treesubj&link=8168_8170الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ ، وَاَلَّذِي فِي الْآيَةِ إِيجَابُ فَرْضِ الْقِتَالِ عَلَى الْوَاحِدِ لِرَجُلَيْنِ مِنَ الْكُفَّارِ ، فَإِنْ زَادَ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَلَى اثْنَيْنِ فَجَائِزٌ حِينَئِذٍ لِلْوَاحِدِ
nindex.php?page=treesubj&link=8175_8179التَّحَيُّزُ إِلَى فِئَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا نُصْرَةٌ ، فَأَمَّا إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=8179_8170أَرَادَ الْفِرَارَ لِيَلْحَقَ بِقَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا نُصْرَةَ مَعَهُمْ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=16وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=686330أَنَا فِئَةُ كُلِّ مُسْلِمٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ
أَبَا عُبَيْدِ بْنِ مَسْعُودٍ اسْتَقْتَلَ يَوْمَ الْجَيْشِ حَتَّى قُتِلَ وَلَمْ يَنْهَزِمْ رَحِمَ اللَّهُ
أَبَا عُبَيْدٍ لَوِ انْحَازَ إِلَيَّ لَكُنْتُ لَهُ فِئَةً فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ
أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ : أَنَا فِئَةٌ لَكُمْ ، وَلَمْ يُعَنِّفْهُمْ . وَهَذَا الْحُكْمُ عِنْدَنَا ثَابِتٌ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَدَدُ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَنْهَزِمُوا عَنْ مِثْلَيْهِمْ إِلَّا مُتَحَرِّفِينَ لِقِتَالٍ ، وَهُوَ أَنْ يَصِيرُوا مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى غَيْرِهِ مُكَايِدِينَ لِعَدُوِّهِمْ مِنْ نَحْوِ خُرُوجٍ مِنْ مَضِيقٍ إِلَى فُسْحَةٍ أَوْ مِنْ سَعَةٍ إِلَى مَضِيقٍ أَوْ يَكْمُنُوا لِعَدُوِّهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ فِيهِ انْصِرَافٌ عَنِ الْحَرْبِ ، أَوْ مُتَحَيِّزِينَ إِلَى فِئَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَهُمْ مَعَهُمْ . فَإِذَا بَلَغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ ذَكَرَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=8175الْجَيْشَ إِذَا بَلَغُوا كَذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَفِرُّوا مِنْ عَدُوِّهِمْ وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُهُمْ ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِيهِ ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ عَنْ
[ ص: 228 ] عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=683428خَيْرُ الْأَصْحَابِ أَرْبَعَةٌ وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ ، وَلَنْ يُؤْتَى اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ وَلَنْ يُغْلَبَ ، وَفِي بَعْضِهَا : مَا غُلِبَ قَوْمٌ يَبْلُغُونَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا إِذَا اجْتَمَعَتْ كَلِمَتُهُمْ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيُّ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكًا سُئِلَ فَقِيلَ لَهُ : أَيَسَعُنَا التَّخَلُّفُ عَنْ قِتَالِ مَنْ خَرَجَ عَنْ أَحْكَامِ اللَّهِ وَحَكَمَ بِغَيْرِهَا ؟ فَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : إِنْ كَانَ مَعَكَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِثْلَكَ لَمْ يَسَعْكَ التَّخَلُّفُ وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي سَعَةٍ مِنَ التَّخَلُّفِ ؛ وَكَانَ السَّائِلُ لَهُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ . وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ . وَاَلَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَهُوَ أَصْلٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِنْ كَثُرَ عَدَدُ الْمُشْرِكِينَ ، فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُمْ أَنْ يَفِرُّوا مِنْهُمْ وَإِنْ كَانُوا أَضْعَافَهُمْ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِذَا اجْتَمَعَتْ كَلِمَتُهُمْ } وَقَدْ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ جَمْعَ كَلِمَتِهِمْ .