قوله تعالى : وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون   يعني : وكم من آية فيهما لا يفكرون فيها ولا يستدلون بها على توحيد الله . وفيه حث على الاستدلال على الله تعالى بآياته ودلائله والفكر فيما يقتضيه من تدبير مدبرها العالم بها القادر عليها وأنه لا يشبهها ، وذلك في تدبير الشمس والقمر والنجوم والرياح والأشجار والنبات والنتاج والحيوان وغير ذلك مما هو ظاهر للحواس ومدرك بالعيان . قوله تعالى : وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون  روي عن  ابن عباس   ومجاهد   وقتادة   : وما يؤمن أكثرهم بالله في إقرارهم بأن الله خلقه وخلق السموات والأرض إلا وهو مشرك بعبادة الوثن " . وقال  الحسن  هم أهل الكتاب  معهم شرك وإيمان " . وقيل : " ما يصدقون بعبادة الله إلا وهم يشركون الأوثان في العبادة " . وقد دلت الآية على أن مع اليهودي إيمانا بموسى  وكفرا بمحمد  صلى الله عليه وسلم ؛ لأنها قد دلت على أن الكفر والإيمان لا يتنافيان من وجهين مختلفين ، فيكون فيه كفر من وجه وإيمان من وجه إلا أنه لا يحصل اجتماعهما على جهة إطلاق اسم المؤمن واستحقاق ثواب الإيمان ؛ لأن ذلك ينافيه الكفر ، وكذلك قوله : أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض  قد أثبت لهم الإيمان ببعض  [ ص: 396 ] الكتاب والكفر ببعض آخر فثبت بذلك جواز أن يكون معه كفر من وجه وإيمان من وجه آخر ، وغير جائز أن يجتمع له صفة مؤمن وكافر ؛ لأن صفة مؤمن على الإطلاق صفة مدح وصفة كافر صفة ذم ويتنافى استحقاق الصفتين معا على الإطلاق في حال واحدة . 
				
						
						
