ويجوز إقراض المكيل وزنا وعكسه إن لم يتجاف في المكيال كالسلم ( ويرد ) حتما حيث لا استبدال ( المثل في المثلي ) لأنه أقرب إلى حقه ولو في نقد بطلت المعاملة به فشمل ذلك ما عمت به البلوى في زمننا في الديار المصرية من إقراض الفلوس الجدد ثم إبطالها وإخراج غيرها وإن لم تكن نقدا ( و ) يرد ( في المتقوم ) ويأتي ضابطهما في الغصب ( المثل صورة ) لخبر مسلم { أنه صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا ورد رباعيا وقال : إن خياركم أحسنكم قضاء } ومن لازم اعتبار المثلي الصوري اعتبار ما فيه من المعاني التي تزاد القيمة بها كحرفة الرقيق وفراهية الدابة كما قاله ابن النقيب ، فيرد ما يجمع تلك الصفات كلها حتى لا يفوت عليه شيء ، ويصدق المقترض فيها بيمينه لأنه غارم ، وما جرت به العادة في زماننا من دفع النقوط في الأفراح هل يكون هبة أو قرضا ؟ [ ص: 229 ] أطلق الثاني جمع وجرى على الأول بعضهم .
قال : ولا أثر للعرف فيه لاضطرابه ما لم يقل خذه مثلا وينوي القرض ويصدق في نية ذلك هو ووارثه وعلى هذا يحمل إطلاق من قال بالثاني ا هـ وجمع بعضهم بينهما بحمل الأول على ما إذا لم يعتد الرجوع به ويختلف باختلاف الأشخاص والمقدار والبلاد ، والثاني على ما اعتيد وحيث علم اختلافه تعين ما ذكر ( وقيل ) يرد ( القيمة ) يوم القبض .
واعلم أن أداء المقرض كأداء المسلم فيه في سائر ما مر فيه صفة وزمنا ومحلا ( و ) لكن ( لو ) ( ظفر ) المقرض ( به ) أي بالمقترض ( في غير محل الإقراض وللنقل ) من محله إلى محل الظفر ( مؤنة ) ولم يتحملها المقرض ( طالبه [ ص: 230 ] بقيمة بلد الإقراض ) يوم المطالبة إذ الاعتياض عنه جائز ، فعلم أنه لا يطالبه بمثله إذا لم يتحمل مؤنة حمله لما فيه من الكلفة وأنه يطالبه بمثل ما لا مؤنة لحمله وهو كذلك ، فالمانع من طلب المثل عند الشيخين وكثير مؤنة الحمل ، وعند جماعة منهم ابن الصباغ كون قيمة بلد المطالبة أكثر من قيمة بلد الإقراض وهذا مأخوذ من كلامهما هنا ، أما بقياس الأولى أو المساواة فلا مخالفة بينهما كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى ، لأن من نظر إلى المؤنة ينظر إلى القيمة بطريق الأولى لأن المدار على حصول الضرر وهو موجود في الحالين .
قال الأذرعي : وكلام الشافعي يشير إلى كل من العلتين ، فإذا أقرضه طعاما أو نحوه بمصر ثم لقيه بمكة لم يلزمه دفعه إليه لأنه بمكة أغلى ، كذا نص عليه الشافعي بهذه العلة ، وبأن في نقله إلى مكة ضررا ، فالظاهر أن كل واحدة منهما علة مستقلة ، وحيث أخذ القيمة فهي للفيصولة لا للحيلولة ، فلو اجتمعا ببلد الإقراض لم يكن للمقرض ردها وطلب المثل ولا للمقترض استردادها .
أما إذا لم تكن له مؤنة أو تحملها المقرض فيطالبه به .
نعم النقد اليسير الذي يعسر نقله أو تفاوتت قيمته بتفاوت البلاد كالذي لنقله مؤنة كما قاله الإمام .
وما اعترض به قوله أو تفاوتت قيمته من أنه إنما يأتي على ما مر عن ابن الصباغ بناه المعترض على عدم استقلال كل من العلتين وقد مر رده .


