الخامس : أن لا يتكلف السجع في الدعاء فإن حال الداعي ينبغي أن يكون حال متضرع والتكلف لا يناسبه قال صلى الله عليه وسلم : " سيكون قوم يعتدون في الدعاء " وقد قال عز وجل : ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين قيل : معناه : التكلف للأسجاع والأولى أن لا يجاوز الدعوات المأثورة فإنه قد يعتدي في دعائه فيسأل ما لا تقتضيه مصلحته فما كل أحد يحسن الدعاء ؛ ولذلك روي عن معاذ رضي الله عنه أن العلماء يحتاج إليهم في الجنة ؛ إذ يقال لأهل الجنة تمنوا ، فلا يدرون كيف يتمنون حتى يتعلموا من العلماء وقد قال صلى الله عليه وسلم : " إياكم والسجع في الدعاء حسب ، أحدكم أن يقول : اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل " وفي الخبر : " سيأتي قوم يعتدون في الدعاء والطهور " ومر بعض السلف بقاص يدعو بسجع ، فقال له : أعلى الله تبالغ ؟! أشهد لقد رأيت حبيبا العجمي يدعو وما يزيد على قوله : اللهم اجعلنا جيدين اللهم لا تفضحنا يوم القيامة ، اللهم وفقنا للخير والناس يدعون من كل ناحية وراءه وكان يعرف بركة دعائه .
وقال بعضهم : ادع بلسان الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والانطلاق .
ويقال : إن العلماء الأبدال لا يزيدون في الدعاء على سبع كلمات فما دونها ويشهد له آخر سورة البقرة فإن الله تعالى لم يخبر في موضع من أدعية عبادة أكثر من ذلك .
واعلم أن المراد بالسجع هو المتكلف من الكلام فإن ذلك لا يلائم الضراعة والذلة وإلا ففي الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات متوازنة لكنها غير متكلفة ، كقوله صلى الله عليه وسلم : " أسألك الأمن من يوم الوعيد ، والجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود ، والركع السجود ، الموفين بالعهود ؛ إنك رحيم ودود وإنك ، تفعل ما تريد " وأمثال ذلك فليقتصر على المأثور من الدعوات أو ليلتمس بلسان التضرع والخشوع من غير سجع وتكلف فالتضرع هو المحبوب عند الله عز وجل .


