الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث عشر : أن يكون تحت الناكح أختها أو عمتها أو خالتها فيكون بالنكاح جامعا بينهما وكل شخصين بينهما قرابة لو كان أحدهما ذكرا والآخرة أنثى لم يجز بينهما النكاح فلا يجوز أن يجمع بينهما .

التالي السابق


( الثالث عشر: أن يكون تحت الناكح أختها أو عمتها أو خالتها فيكون بالنكاح جامعا بينهما) هذا وما قبله يقتضي التحريم لا بصفة التأبيد أي: يحرم الجمع بين الأختين من الرضاع أو من [ ص: 337 ] النسب سواء كانا أختين من الأبوين أو من أحد الأبوين لقوله تعالى: وأن تجمعوا بين الأختين وكذا يحرم الجمع في النكاح بين المرأة وعمتها من النسب أو الرضاع ، وكذا بين المرأة وبين بنت أختها وبنت أخيها ، وكذا بين المرأة وبين خالتها في النسب والرضاع لما روى أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " لا تنكح المرأة على عمتها ، ولا العمة على بنت أخيها ، ولا المرأة على خالتها ، ولا الخالة على بنت أختها ، ولا الصغرى على الكبرى "، وأراد بالصغرى والكبرى في الزوجية لا في السن ، والصغرى بنت الأخ وبنت الأخت ، والكبرى العمة والخالة. ( و) الضابط أن ( كل شخصين بينهما قرابة لو) فرض بأنه ( كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى لم يجز بينهما النكاح فلا يجوز أن يجمع بينهما) وعبارة الوجيز: ولا يجوز الجمع بين امرأتين بينهما قرابة أو رضاع لو كانت إحداهما ذكرا حرم النكاح بينهما اهـ .

وهذا الضابط ذكره أيضا أصحابنا قالوا: حرم الجمع بين امرأتين أية فرضت ذكرا حرم النكاح، أي: إذا كانت بحيث لو قدرت إحداهما ذكرا حرم النكاح بينهما أيتهما كانت المقدرة ذكرا ، وقال عثمان الليثي: يجوز الجمع بين المحارم غير الأختين وهو مذهب داود الظاهري والخوارج ، واستدلوا بقوله تعالى: وأحل لكم ما وراء ذلكم ولنا الحديث المتقدم: " لا تنكح المرأة على عمتها. . . " إلخ. وكذا الحديث : " نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الجمع بين العمتين أو بين الخالتين " والآية مخصوصة ببنته وعمته من الرضاع وبالمشركة، فجاز تخصيصها بخبر الواحد والقياس ، وذكر النهي من الجانبين للتأكيد ولإزالة وهم الجواز في العكس لأنه لو اقتصر على قوله: " لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها " لتوهم أن العكس يجوز لفضيلة العمة والخالة عليها كما يجوز إدخال الحرة على الأمة دون العكس ، فأزال هذا الوهم بقوله: " ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها "، قالوا: وصورة العمتين في الحديث الثاني أن يتزوج كل واحد من الرجلين أم الآخر فيولد لكل منهما بنت فتكون كل واحدة من البنتين عمة الأخرى ، وصورة الخالتين فيه أن يتزوج كل واحد منهما بنت الآخر فيولد لكل منهما بنت فتكون كل واحدة منهما خالة الأخرى ، وقولهم في الضابط: أية فرضت إشارة إلى أن الشرط أن لا يتصور جواز تزوج أحدهما بالآخر على كل التقادير حتى لو جاز بينهما على تقدير مثل المرأة وبنت زوجها وامرأة ابنها جاز الجمع بينهما ، وفيه خلاف، زفر من أصحابنا هو يقول: لما ثبت الامتناع من وجه فالأحوط الحرمة وهو مذهب ابن أبي ليلى والحسن البصري وعكرمة ، وللجمهور قوله تعالى: وأحل لكم ما وراء ذلكم لأنه لا قرابة بينهما فلم تكن بينهما قطيعة الرحم ، وقد صح أن عبد الله بن جعفر جمع بين بنت علي وامرأة علي ، وكذا جمع ابن عباس بين امرأة رجل وبنته من غيرها، والله أعلم .




الخدمات العلمية