الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
العقد الرابع :

الإجارة .

وله ركنان : الأجرة والمنفعة فأما العاقد واللفظ فيعتبر فيه ما ذكرناه في البيع

التالي السابق


(العقد الرابع: الإجارة) *

وهي بالكسر فعالة، آجر، يؤجر، إجارة، وهي وإن ثبت واشتهر في العقد فهي في اللغة قالوا: اسم للأجرة، وليست بمصدر، وهي كراء الأجير، ويقال: الأجارة، بالضم أيضا، ويقال: آجرت دار فلان، واستأجرتها .

وهي معاملة صحيحة، تورد على منافع مقصودة، قابلة للبذل، وجوز مع كون المنافع معدومة; للحاجة الداعية إليه، ثم كل عين ظاهرة يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها وإجازة الإباحة في منافعها جاز إجارتها، كالدور، والأراضي، والعبيد، والدواب، ونحوها .

وفي كتب أصحابنا: الإجارة: هي بيع منفعة معلومة بأجر معلوم. وقيل: تمليك المنافع بعوض. بخلاف النكاح، فإنه ليس بتمليك، وإنما هو استباحة المنافع بعوض، هذا في الشرع .

وفي اللغة: فعالة، من آجر، فهو آجر، ومأجور، اسم الأجرة، وهي ما أعطي من كراء الأجير، وما يستحق على عمل الخير; ولهذا يدعى به، يقال: آجرك الله، وفي الأساس: آجرني داره، فاستأجرتها، وهو مؤجر، ولا يقال مؤاجر فإنه خطأ، والأصل في الباب: الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، أما الكتاب، فقوله تعالى: فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وقصة [ ص: 459 ] شعيب وموسى عليهما السلام: على أن تأجرني ثماني حجج ، وشريعة من قبلنا شريعة لنا ما لم يظهر النسخ، لا سيما إذا نص لنا لا على وجه الإنكار، وعند الشافعية: فيه قولان: أحدهما، وهو الأصح: أن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا، وإن ورد في شرعنا ما يقرره. وثانيهما: أن شرع من قبلنا شرع لنا إن ورد في شرعنا ما يقرره، وعند المالكية: إن شرع من قبلنا شرع لنا إن لم يرد في شرعنا نص عليه بحل أو غيره .

وأما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: من استأجر أجيرا فليعلمه أجره. وقوله صلى الله عليه وسلم: أعطوا الأجير أجرته قبل أن يجف عرقه.

وأما الإجماع: فقد اتفقت الأمة، واجتمعت على صحتها من غير إنكار، ولا يضر خلاف ابن كيسان الأصم، والقاشاني; لأنهما ليسا من أهل عقد وحل; ولأن خلافهما مسبوق بإجماع الأمة على صحتها .

(وله ركنان: الأجرة والمنفعة) وعبارته في الوجيز: وأركان صحتها ثلاثة: الصيغة، والأجرة، والمنفعة، واقتصر هنا على ذكر الركنين، وأشار إلى سبب اقتصاره بقوله: (فأما العاقد) : يشمل المؤجر والمستأجر (واللفظ) أي: الصيغة، وهي أن يقول أكريتك الدار، أو أجرتك، فيقول: قبلت (فيعتبر فيه ما ذكرناه في البيع) أي: يعتبر في المؤجر والمستأجر ما يشترط في البائع والمشتري; لأن المؤجر هو البائع للمنفعة، والمستأجر هو المشتري، فيشترط فيهما التكليف، والرشد; ليصح منهما العقد، فلا تصح إجارة الصبي، والمجنون، والسفيه، والمحجور عليه بالفلس .




الخدمات العلمية