وأما الآثار فقال رضي الله عنه : عمر . لا يمنع من النكاح إلا عجز أو فجور
فبين أن الدين غير مانع منه وحصر المانع في أمرين مذمومين .
وقال رضي الله عنهما : لا يتم نسك الناسك حتى يتزوج . ابن عباس
يحتمل أن جعله من النسك وتتمة له .
ولكن الظاهر أنه أراد به أنه لا يسلم قلبه لغلبة الشهوة إلا بالتزويج ، ولا يتم النسك إلا بفراغ القلب ، ولذلك كان يجمع غلمانه لما أدركوا عكرمة وكريبا وغيرهما ويقول : إن أردتم النكاح أنكحتكم ، فإن العبد إذا زنى نزع الإيمان من قلبه .
وكان رضي الله عنه يقول : لو لم يبق من عمري إلا عشرة أيام لأحببت أن أتزوج لكيلا ألقى الله عزبا ومات امرأتان ابن مسعود رضي الله عنه في الطاعون ، وكان هو أيضا مطعونا فقال : زوجوني فإني أكره أن ألقى الله عزبا . لمعاذ بن جبل
وهذا منهما يدل على أنهما رأيا في النكاح فضلا لا من حيث التحرز عن غائلة الشهوة .
وكان رضي الله عنه يكثر النكاح ويقول : ما أتزوج إلا لأجل الولد وكان بعض عمر الصحابة قد انقطع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخدمه ويبيت عنده لحاجة إن طرقته فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تتزوج ؟ فقال : يا رسول الله إني ، فقير لا شيء لي وأنقطع عن خدمتك ، فسكت ثم عاد ثانيا فأعاد الجواب .
ثم تفكر الصحابي وقال : والله لرسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما يصلحني في دنياي وآخرتي وما يقربني إلى الله مني ولئن ، قال لي الثالثة لأفعلن ، فقال له الثالثة : ألا تتزوج قال ؟ فقلت : يا رسول الله زوجني قال . : اذهب إلى بني فلان فقل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم : يأمركم أن تزوجوني فتاتكم . قال : فقلت : يا رسول الله لا شيء لي ، فقال لأصحابه : اجمعوا لأخيكم وزن نواة من ذهب . فجمعوا له فذهبوا به إلى القوم فأنكحوه ، فقال له : أولم وجمعوا له من الأصحاب شاة للوليمة .
وهذا التكرير يدل على فضل في نفس النكاح ، ويحتمل أنه توسم فيه الحاجة إلى النكاح .
وحكي أن بعض العباد في الأمم السالفة فاق أهل زمانه في العبادة فذكر لنبي زمانه حسن عبادته فقال : نعم الرجل هو لولا أنه تارك لشيء من السنة فاغتم العابد لما سمع ذلك فسأل النبي عن ذلك فقال أنت : تارك للتزويج فقال . : لست أحرمه ولكني فقير وأنا عيال على الناس قال أنا : أزوجك ابنتي ، فزوجه النبي عليه السلام ابنته .
وقال فضل علي بشر بن الحارث بثلاث بطلب الحلال لنفسه ولغيره وأنا أطلبه لنفسي فقط ، ولاتساعه في النكاح وضيقي عنه ، ولأنه نصب إماما للعامة . أحمد بن حنبل