الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فإن انتفت الفوائد واجتمعت الآفات فالعزوبة أفضل له وإن تقابل الأمران وهو الغالب فينبغي أن يوزن بالميزان القسط حظ تلك الفائدة في الزيادة من دينه وحظ تلك الآفات في النقصان منه فإذا غلب على الظن رجحان أحدهما حكم به وأظهر الفوائد الولد وتسكين الشهوة وأظهر الآفات الحاجة إلى كسب الحرام والاشتغال عن الله ، فلنفرض تقابل هذه الأمور فنقول : من لم يكن في أذية من الشهوة وكانت فائدة نكاحه في السعي لتحصيل الولد وكانت الآفة الحاجة إلى كسب الحرام والاشتغال عن الله ، فالعزوبة له أولى ، فلا خير فيما يشغل عن الله ، ولا خير في كسب الحرام ولا يفي بنقصان هذين الأمرين أمر الولد فإن النكاح للولد سعي في طلب حياة للولد موهومة وهذا نقصان في الدين ناجز فحفظه لحياة نفسه وصونها عن الهلاك أهم من السعي في الولد وذلك ربح والدين رأس مال .

وفي فساد الدين بطلان الحياة الأخروية وذهاب رأس المال ولا تقاوم هذه الفائدة إحدى هاتين الآفتين .

التالي السابق


(وإن انتفت الفوائد واجتمعت الآفات) بأن كان فقيرا عادم المال حريصا شحيحا سيئ الخلق عسرا غير مغتلم أو طاعنا في السن متكاسلا في أداء الطاعات غير محتاج إلى تدبير المنزل بأن كانت له واحدة من قرائنه تقوم بأوده غير مفتقر إلى التناصر بالعشيرة أو كانت له عشيرة (فالعزوبة به أفضل له) بهذه الوجوه ويبقى الوجه الواحد وهو طلب الولد ، (وإن تقابل الأمران وهو الغالب) في أكثر الناس (فينبغي أن يوزن بالميزان القسط) أي: العدل (حظ تلك الفائدة في الزيادة من دينه وحظ تلك الآفة في النقصان منه غلب على الظن رجحان أحدهما) على الآخر (حكم به) نفيا وإثباتا (وأظهر الفوائد) المذكورة تحصيل (الولد وتسكين الشهوة) النفسانية (وأظهر الآفات) [ ص: 321 ] المذكورة (الحاجة إلى كسب الحرام والاشتغال عن الله تعالى ، فلنفرض تقابل هذه الأمور) مع بعضها (فنقول: من لم يكن في أذية من الشهوات) بأن كان مالكا لإربه (وكانت فائدة نكاحه في السعي لتحصيل الولد) فقط (وكانت الآفة الحاجة إلى كسب الحرام والاشتغال عن الله تعالى، فالعزوبة له أولى ، فلا خير فيما يشغل عن الله ، ولا خير في كسب الحرام ولا يفي بنقصان هذين الأمرين) المؤذيين (أمر الولد) ، وفهم هذا من دقائق الأسرار (لأن النكاح للولد) أي: لأجل حصوله هو (سعي في طلب حياة الولد) بأنه سيولد له ويعيش بعده ( وتلك) حياة (موهومة) متخيلة، (وهذا نقصان في الدين ناجز) أي: حاضر في الحال، (فحفظه لحياة نفسه وصونها عن الهلاك أهم من السعي في الولد) الذي حياته موهومة (وذلك ربح والدين رأس المال) لأن الدين أصل النجاة كما أن رأس المال أصل لتلك الأموال الحاصلة، (وفساد الدين بطلان الحياة الأخروية) ، فمن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ( وذهاب رأس المال) الذي هو الدين ( فلا تقاوم هذه الفائدة) التي هي ربح الولد (إحدى هاتين الآفتين) العظيمتين .




الخدمات العلمية