الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
السادسة : أن تكون بكرا قال صلى الله عليه وسلم لجابر وقد نكح ثيبا : هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك .

في البكارة ثلاث فوائد :

إحداها أن تحب الزوج : وتألفه فيؤثر في معنى الود ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : عليكم بالودود والطباع مجبولة على الأنس بأول مألوف .

وأما التي اختبرت الرجال ومارست الأحوال فربما لا ترضى بعض الأوصاف التي تخالف ما ألفته فتقلي الزوج .

الثانية : أن ذلك أكمل في مودته لها ، فإن الطبع ينفر عن التي مسها غير الزوج نفرة ما ، وذلك يثقل على الطبع مهما يذكر وبعض الطباع في هذا أشد نفورا .

الثالثة : أنها لا تحن إلى الزوج الأول وآكد الحب ما يقع مع الحبيب الأول غالبا .

التالي السابق


(السادسة: أن تكون بكرا) ، وهي: التي لم تفتض اعتبارا بالثيب; لتقدمها عليها فيما يراد له النساء، كذا قرره الراغب. (قال -صلى الله عليه وسلم- لجابر وقد نكح ثيبا: هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك) ؟ قال العراقي: متفق عليه من حديث جابر، اهـ. قلت: أورده البخاري في البيوع، والاستقراض، والشروط، والجهاد، والنكاح، مطولا ومختصرا، قال له: ما يعجلك؟ قلت: حديث عهد بعرس، قال: بكرا أم ثيبا؟ قلت: ثيب، قال: فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك؟... الحديث، وعند الطبراني من حديث كعب بن عجرة، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل: ... فذكر الحديث نحو حديث جابر، وفيه: وتعضها وتعضك، وكلمة هلا: للتحضيض، واسم امرأة جابر المذكور: سلمة بنت مسعود الأنصارية، قاله ابن سعد، وروى البخاري أيضا- من حديثه قال: تزوجت فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أما لك وللعذارى ولعابها، هكذا روي بالكسر، وهو مصدر من الملاعبة، فهي بمعنى الأول، وفي رواية المستملي: ولعابها، بالضم، والمراد به: الريق، وفيه أشار إلى مص لسانها، ورشف شفتها، وذلك يقع عند الملاعبة، والتقبيل، وليس ببعيد، كما قاله القرطبي، ويؤيده أنه بمعنى آخر غير المعنى الأول، (وفي البكارة ثلاث فوائد:

إحداها: أنها تحبه وتألفه) طبعا، (فتؤثر في معنى الود، وقد قال: عليكم بالودود) ، وقد تقدم قريبا، أما الحب: فإحساس بوصلة لا يدرى كنهها، والود: صحة نزوع النفس [ ص: 348 ] للشيء المستحق نزوعها له، (والطباع مجبولة على الأنس بأول مألوف) كيف كان، (وأما التي اختبرت الرجال) ، وامتحنتهم، واختبروها، (ومارست الأحوال) على اختلافها، (فربما لا ترضى بعض الأوصاف التي تخالف ما ألفته فتقلي الزوج) ، أي: تبغضه لا محالة .

(الثانية: أن ذلك أكمل في صونه لها، فإن الطبع) البشري (ينفر) ، ويشرد (عن التي مسها) ، لامس (غير الزوج نفرة ما، وذلك يثقل على الطبع مهما تذكر) في نفسه، (وبعض الطباع في هذا أشد نفورا) من بعض .

(الثالثة: أنها لا تحن إلا إلى الزوج الأول) ; ولذا نهي عن نكاح الحنانة، (وآكد الحب ما يقع مع الحبيب الأول) ، ومن هنا قول الشاعر:

نقل فؤادك ما استطعت من الهوى * ما الحب إلا للحبيب الأول

وما أحسن قول أبي محمد الحريري في تفضيل البكر حيث قال: أما البكر فالدرة المخزونة، والبيضة المكنونة، والثمرة الباكورة، والسلافة المدخورة، والروض الأنف، والطرف الذي ثمن وشرف، لم يدنسها لامس، ولا استغشاها لابس، ولا مارسها عابث، ولا وكسها طائث، لها الوجه الحيي، والطرف الخفي، والغزالة المغازلة، والملحة الكاملة، والوشاح الطاهر، والقشيب، والضجيع الذي يشب ولا يشيب، اهـ. وروى الطبراني في الكبير من حديث ابن مسعود: تزوجوا الأبكار فإنهن أعذب أفواها، وأنتق أرحاما، وأرضى باليسير. ومعنى أنتق أرحاما أي: أكثر أولادا، ويروى بالنون، وبالباء، وأرضى باليسير أي: القليل من المعيشة، فإن من لم تمارس الرجال لا تقول: كنت وصرت، وتقنع غالبا. وفي رواية: زيادة من العمل، أي: الجماع، ولولا هذه الرواية لكان الحمل على الأعم أتم .




الخدمات العلمية