الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
السابع : أن يذكر مكان التسليم فيما يختلف الغرض به كي لا يثير ذلك نزاعا .

التالي السابق


(السابع: أن يذكر مكان التسليم) اعلم أن السلم إما مؤجل أو حال، أما المؤجل: فقد حكي عن نص الشافعي اختلاف في أنه: هل يجب تعيين مكان المسلم فيه. وانقسم الأصحاب إلى: نفاة للخلاف، ومثبتين. أما النفاة، فعن الشيخ أبي إسحاق المروزي: أنه إن جرى العقد في موقع صالح للتسليم، فلا حاجة إلى التعيين، وإن جرى في موضع غير صالح فلا بد من التعيين، وحمل النص على الحالين، وعن ابن القاص: أن المسلم فيه إن كان لحمله مؤنة وجب التعيين، وإلا فلا، وحمل النص على الحالين، وبهذا قال أبو حنيفة، رحمه الله تعالى، وهو اختيار القاضي أبي الطيب، فهذان طريقان .

وأما المثبتون فلهم طرق: أحدها، وبه قال صاحب الإفصاح، والقاضي أبو حامد: أن المسألة على قولين مطلقا. والثاني: أنه إن لم يكن الموضع صالحا وجب التعيين لا محالة، وإن كان صالحا، فقولان. الثالث: إن لم يكن لحمله مؤنة فلا بد من التعيين، وإلا فقولان، وهذا أصح الطرق عند الإمام .

ويروى عن اختيار القفال (فيما يختلف الغرض به) من الأمكنة فلا بد من التعيين حينئذ (كيلا يثير ذلك نزاعا) كما لو باع بدراهم وفي البلد نقود مختلفة، ووجه عدم الاشتراط، وبه قال أحمد: القياس على البيع، ولا حاجة فيه إلى تعيين مكان التسليم، ووجه الفرق بين الموضع الصالح لاختلاف الأغراض في غيره، والفتوى في هذا كله على وجوب التعيين إذا لم يكن الموضع صالحا، أو كان لحمله مؤنة، وعدم الاشتراط في غير هاتين الحالتين، ومتى شرطنا التعيين فلو لم يعين فسد العقد، وإن لم نشترطه تعين مكان العقد، وعن أحمد رواية أن هذا الشرط يفسد السلم، وإن لم يعين حمل على مكان العقد، ولو عين موضعا فخرب وخرج عن صلاحية التسليم، فيه ثلاثة أوجه: أقيسها: أنه يتعين أقرب موضع صالح. قاله النووي، وأما السلم الحال فلا حاجة فيه إلى تعيين مكان التسليم كالبيع، ويتعين مكان العقد، لكن لو عين موضعا آخر جاز، بخلاف البيع; لأن السلم يقبل التأجيل، فيقبل شرطا يتضمن تأخير التسليم بالإحضار والأعيان تحتمل التأجيل، فلا تحتمل شرطا يتضمن التأخير في التسليم بالإحضار، وحكم الثمن في الذمة حكم المسلم فيه، وإن كان معينا فهو كالبيع، قال في التهذيب: ولا نعني بمكان العقد ذلك الموضع نفسه، بل تلك المحلة والله أعلم .




الخدمات العلمية