الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيه :

                                                                                                                                                                                                                              الإجماع على أن النبي أفضل من غير النبي ، وقد اختلفوا في مريم : هل هي نبية أم لا ؟ وكذلك في أم موسى وآسية وحواء وسارة ، ولم يصح عندنا في ذلك شيء وقد يشهد لنبوة مريم ذكرها في سورة مريم مع الأنبياء ، وهي قرينة فإذا ثبتت نبوة امرأة ، فإما أن يكون عاما مخصوصا ، وإما أن يكون المراد نساء هذه الأمة وفي الحديث : "لم يكمل من النساء إلا أربع" ذكر منهن مريم وخديجة . ولا شك أن خديجة ليست نبية فلا دلالة في الحديث على كون مريم نبية أو ليست نبية ، وبقي بحث وهو أن الآية الكريمة نصت على الإفراد بقوله : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن [الأحزاب 32] وهو عام لأنه نكرة في سياق النفي ، ولا شك أنه إذا أخذ واحد واحد كان مفضلا عليه ، وإذا أخذ المجموع لم يلزم ذلك فيه وإذا أخذت جملة من آحاد المجموع احتمل أن يقال : إن حد العموم يشملها ، ولا يخرج عنها إلا المجموع بضرورة التبعيض ، فهذا البحث ينبغي أن ينظر فيه ويعمل ما يقتضيه ولا شك أنك إذا قلت : ما جاءني من أحد من النساء اقتضى نفي مجيء كل واحد منهم مطابقة ، واقتضى نفي المجموع التزاما ، وأما اقتضاؤه لنفي مجيء جملة منهم فهو بالالتزام كالمجموع ، وقد قال القرافي : إن الضمائر عامة والظاهر أنه يحسب ما يعود عليه وهي هنا لجمع مضاف ، فهي بجنسه وهو عام يدل ظاهرا على كل فرد ويحتمل المجموع ، فضميره كذلك ، فإن جعلناه للمجموع فمعناه أن جملة نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل من كل جمع من النساء قل أو كثر ، وهذا نتيجة البحث المتقدم ، فإن أحدا يجيء هنا بمعنى بعض ، فهو وإن جعلناه لكل فرد فمعناه أن كل واحدة منهن مفضلة على جمع من النساء ، على البحث المتقدم .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية