[ ص: 28 ] الباب الرابع
في
nindex.php?page=treesubj&link=13676الفروض المقدرة ومستحقيها
وأصلها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين وقوله تعالى في آخر السورة :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما .
وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349981سئل nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري عن بنت وابنة ابن وأخت ، فقال :
[ ص: 29 ] للبنت النصف وللأخت النصف ، وأت nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود فإنه سيتابعني ، فسئل nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=56قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين أقضي فيها بما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم - : للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت .
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349982وفرض رسول الله صلى الله عليه وسلم - لابنتي nindex.php?page=showalam&ids=3402سعد بن الربيع من أبيهما الثلثين ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : وهو أول ميراث قسم في الإسلام .
وفي الموطأ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349983جاءت nindex.php?page=treesubj&link=13873الجدة للأم إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فسألته ميراثها فقال لها أبو بكر : ما لك في كتاب الله شيء وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم - شيئا فارجعي حتى أسأل الناس ، فسأل الناس فقال nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس ، فقال أبو بكر : هل معك غيرك ؟ فقام nindex.php?page=showalam&ids=80محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة ، فأنفذه لها أبو بكر ، ثم جاءت الجدة الأخرى إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - فسألته ميراثها ، فقال لها : ما لك في كتاب الله تعالى شيء وما أظن القضاء الذي قضي به إلا لغيرك ، وما أنا بزائد في الفرائض ، ولكنه ذلك السدس ، فإن اجتمعتما فهو بينكما ، وأيكما خلت به فهو لها ، ويروى أنه أراد إسقاطها فقام إليه رجل من
الأنصار فقال : يا أمير المؤمنين إنك لتسقط التي لو تركت الدنيا وما عليها لكان ابن ابنها وارثها ، وتورث التي لو تركت الدنيا وما عليها لم يكن لابن بنتها منها شيء ، فقال حينئذ ما قال .
وقال
ابن يونس : وعن
مالك أن الجدتين أتتا
أبا بكر - رضي الله عنه - فأراد أن يجعل السدس للتي من قبل الأم ، فقال له رجل من
الأنصار : أما إنك تترك التي لو ماتت وهو حي لكان يرثها ، فجعل
أبو بكر السدس بينهما .
[ ص: 30 ] فوائد عشرون
الفائدة الأولى
في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11في أولادكم ولم يقل في أبنائكم ; لأن الولد يشمل الذكر والأنثى ، والابن خاص بالذكر .
الفائدة الثانية
في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين لأن عقله مثل عقليهما ، وشهادته بشهادتيهما ، وديته بديتيهما ، فله من الإرث مثلهما ، وقيل لأنه يتزوج فيعطي صداقا وهي تأخذ صداقا ، فيزيد بقدر ما يعطي ويبقى له مثل ما أخذت فيستويان .
الفائدة الثالثة :
في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فوق اثنتين اعتبر
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ظاهر اللفظ فجعل الثلثين للثلاث من البنات وللبنتين النصف ، واختلف فيها على رأي الجمهور ، فقيل زائدة وخطأه المحققون ، فإن زيادة الظرف بعيدة ، وقيل اثنتين فما فوقهما وهو خلاف الظاهر أيضا ، والصواب أن الله تعالى نص على الزائد على الاثنتين في البنات ولم يذكر الابنتين ، ونص على اثنتين في الأخوات ولم يذكر الزائد اكتفاء بآية البنات في الأخوات ، وبآية الأخوات في البنات ; لأن القرآن كالكلمة الواحدة يفسر بعضه بعضا ، وعلم فرض البنتين بالحديث النبوي فاستقامت الظواهر وقامت الحجة ; لأن الله تعالى إذا جعل الثلثين للأختين فالبنات أولى لقربهما ، ولأن البنت تأخذ مع أخيها إذا انفرد الثلث ، فأولى أن تأخذه مع أختها لأنها ذات فرض مثلها ، والتسوية بين البنتين والأخت الواحدة في النصف خلاف القياس والحديث المتقدم .
الفائدة الرابعة :
في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وإن كانت واحدة فلها النصف لأن الذكر لو انفرد لكان له الكل ، فهي إذا انفردت لها النصف ; لأنها على النصف منه في الأحكام كما تقدم .
[ ص: 31 ] الفائدة الخامسة
في أن للاثنين الثلثين ; لأن الذكر إذا كان معه ابنة له الثلثان ، فجعل الابنتان بمنزلة ذكر في بعض أحواله ، فهو من باب ملاحظة ما تقدم من الحكمة في جعل الأنثى على النصف ، والكثير من البنات سقط اعتباره في التأثير في الزيادة ، كالذكور إذا كثر عددهم اشتركوا في نصيب الواحد إذا انفرد فسوى بين البابين في الإلغاء .
الفائدة السادسة
في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11ولأبويه سمى الأم أبا مجازا من باب التغليب ، وهو في لسان العرب يقع إما لخفة اللفظ كالعمرين فإن لفظ عمر أخف من لفظ أبي بكر أو لفضل المعنى وخفته ، نحو :
لنا قمراها والنجوم الطوالع فغلب لفظ القمر على الشمس لأنه مذكر والشمس مؤنثة ، والمذكر أخف وأفضل ، وإما لكراهة اللفظ لإشعاره بمكروه نحو قول
عائشة - رضي الله عنها : وما لنا عيش إلا الأسودان ، تريد الماء والتمر ، والتمر أسود والماء أبيض وكلاهما مذكر وعلى وزن أفعل فلا تفاوت ، بل لفظ الأبيض يشعر بالبرص فغلبت الأسود عليه ، فهذه ثلاثة أسباب للتغليب في اللغة .
الفائدة السابعة :
في إعطاء السدس للأبوين لأنه أدنى سهام الفرائض [ المواريث ] في القرابات ، وكذلك في الخبر فيمن أوصى له بسهم من ماله ، قال : يعطى السدس والابن أقوى العصبات ، ومقتضاه حرمان الأب ، وبر الأب يقتضي عدم الحرمان فاقتصر له على أقل السهام ، وسويت الأم به ; لأنه من باب ملاحظة أصل البر لا من باب تحقيق المستحق .
[ ص: 32 ] الفائدة الثامنة :
في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وورثه أبواه فلأمه الثلث لأنهما اجتمعا في درجة واحدة وهما ذكر وأنثى فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فإن كان له إخوة فلأمه السدس ولم يذكر الأب ، وحجب بالإخوة ; لأن المال قبل نزول المواريث كان كله للعصبة فلما قسم الله تعالى لكل واحد ما سماه بقي الأب على مقتضى الأصل ، له ما بقي بعد السدس كالعام إذا خص ، ويأخذ الأب ما عدا السدس ؛ لأنه أقرب عصبة من الإخوة ، وحجبنا الإخوة إلى السدس لأن الأخ يدلي بالبنوة لأنه ابن أبيه ، وقد تقدم أن شأن البنوة إسقاط الآباء والأمهات ، وإنما يقتصر لهما على أدنى السهام ملاحظة لأصل بر الوالدين ، فالتحقيق أن الإخوة نزعوا من الأم ، والأب نزع من الإخوة السدس التي كانت الأم تأخذه معه ، ولم يحجب الأخ الواحد ( ولا الأخت الواحدة وإن حجب الولد الواحد لأن الولد الواحد ) ابن الميت والأخ ابن أبيه فهو أبعد رتبة فضوعفت الرتبة في البعد بواحد كما نقصت الرتبة في القرب بواحد ، فإن اجتمع ابنة وأخت فللبنت النصف وللأخت النصف ، أما البنت فلأنها نصف ابن كما تقدم ، وأما الأخت فلأنها ولد أبيه ، فبالأب تستحق ذلك ; لأنه لو حضر كان له ، ولأن العم ولد جده وهو يأخذه لو حضر ، وهذه ولد أبيه فهي أقرب منه ، ألا ترى أنها لو كانت أختا لأم لم تأخذ شيئا لهذا السر .
الفائدة التاسعة
في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11من بعد وصية يوصي بها أو دين جعل الميراث متأخرا عن الدين والوصية ، فانظر إنه قد تقدم مقادير وهي النصف والثلثان والسدس والثلث ومقدرات وهي الأنصباء من الأموال ، فهل المتأخر المقدار أو المقدر ؟ فإن كان المتأخر المقدار فيكون المعنى للبنت النصف ، وكونه نصفا إن تقدم على الدين زاد أو تأخر نقص ، فأخبر الله تعالى أن النصف المراد إنما هو النصف الذي يصغر بتأخيره عن إخراج الدين والوصية ، ويكون أصل التمليك [ لم
[ ص: 33 ] يتعرض له بالتأخير ، أو أصل التمليك ] متأخر عن الدين ، فلا تكون التركة على ملك الورثة قبل وفاء الدين على هذا التقدير ، وتكون على ملكهم على التقدير الأول ، وهو أصل مختلف فيه بين العلماء ، وسيأتي بيانه في قسم التركات إن شاء الله تعالى .
الفائدة العاشرة
لم قدم الوصية في اللفظ على الدين مع عدم وجوبها ووجوبه ، والشأن تقديم الأعم ؟ والجواب أن النفوس مجبولة على إهمال الوصية لعدم وجوبها في أصلها وعدم المعارضة فيها ، فقدمها الله تعالى ليشعر النفوس بميل صاحب الشرع لها فيبعد إهمالهم لإخراجها ، واستغنى الدين بقوة جناب المطالب به عن ذلك .
وقال لي بعض الفضلاء : إنما قدم الوصية لأنه أضاف إليه بعد ، والميراث إنما يقسم بعدها لا بعد الدين [ فإن الدين يخرج أولا ثم الوصية ثم الميراث ، فلما كان الميراث إنما يقع بعد الوصية لا بعد الدين ] لأنها المتأخرة في الإخراج جعل اللفظ على وفق الواقع ، فقيل من بعد وصية ، ولو قال : من بعد دين أو وصية يوصي بها لكانت البعدية مضافة للدين وكان الدين يتأخر إخراجه عن الوصية وهو خلاف الإجماع .
قلت له : هذا يتم لو قال بالواو المقتضية للجمع ، وإنما الآية بـ " أو " المقتضية أحدهما وحده ، فعلى هذا ميت له وصية بغير دين وآخر له دين بغير وصية ، فلم قدمت الوصية مع ضعفها مع أنها منفردة فيعود السؤال .
قال : تكون " أو " بمعنى الواو .
قلت : ينتقض المعنى نقضا شديدا إن جعلنا " أو " بمعنى الواو ، يكون الميراث متأخرا عن مجموعهما لا عن أحدهما ، ولا يلزم من ترجيح المجموع عليه ترجيح
[ ص: 34 ] جزئه عليه ، فلا يلزم التأخير عن الدين وحده ، وإن جعلناها على بابها يكون الميراث متأخرا عن أحدهما ، ويلزم من تأخيره وترجيح أحدهما عليه ترجيح المجموع عليه ضرورة ، فظهر أن المعنى مع الواو ينتقض نقضا شديدا فلا يصار إليه .
الفائدة الحادية عشرة :
في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12ولكم نصف ما ترك أزواجكم لأن الزوج والزوجة كالشريكين المتعاونين على المصالح ، فلما افترقا كان له النصف ، ومع الولد الربع ; لأن الولد عضو منها فقدم عليه ، ولقوة المشاركة أشبه صاحب الدين الذي يقدم على الابن فجعل له نصف ما كان له ، وهو الفرق بين الزوج والأب له السدس أقل السهام ; لأنه صاحب رحم عري عن شائبة المشاركة والمعاملة ، وناسب الأب من وجه ; لأن للزوج أن يتزوج أربع نسوة فأعطي له من مالها بتلك النسبة وهي الربع أقل السهام ، كما أعطي الأب أقل السهام ، والمرأة لها الربع لأن الأنثى نصف الذكر كما تقدم ، ولها الثمن عند الولد لذلك ، ولأن لها ربع حده لأنه إذا تزوج أربع نسوة حصتها الربع وليس للزوج الزيادة على أربع فاستحقت الربع .
الفائدة الثانية عشرة
في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة قيل هي مشتقة من الإكليل لأن الإنسان ينزل منه أبناؤه فهم تحته ، ولذلك يقول العلماء : الابن وإن سفل ، وينزل من آبائه ، ولذلك يقولون الأب وإن علا فهم فوقه ، وإخوته حوله ( مثل الأجنحة ، فإذا لم يكن له أبناء تحته ولا آباء فوقه بقي في الوسط وإخوته حوله ) عن يمينه وشماله فأشبه الإكليل ، وقيل من الكلال الذي هو التعب ، أي كلت الرحم عن ولادة الأبناء ، قال
ابن يونس : وقيل يكفي في الكلالة عدم الولد ، وفي مسماها ثلاثة أقوال : قيل اسم للميت أي هو مع الورثة كالإكليل ، وقيل للورثة الذين ليس فيهم ولد ولا أب ، وقيل للفريضة التي لا يرث فيها ولد
[ ص: 35 ] ولا والد ، وأجمع الناس على أن المراد بالإخوة هاهنا إخوة الأم ، وإن كان اللفظ صالحا لهم ولغيرهم من الإخوة .
[ ص: 28 ] الْبَابُ الرَّابِعُ
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=13676الْفُرُوضِ الْمُقَدَّرَةِ وَمُسْتَحِقِّيهَا
وَأَصْلُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ السُّورَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=127وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا .
وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349981سُئِلَ nindex.php?page=showalam&ids=110أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ عَنْ بِنْتٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ ، فَقَالَ :
[ ص: 29 ] لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ، وَأْتِ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنَ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ سَيُتَابِعُنِي ، فَسُئِلَ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=56قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349982وَفَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنَتَيْ nindex.php?page=showalam&ids=3402سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ مِنْ أَبِيهِمَا الثُّلُثَيْنِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ : وَهُوَ أَوَّلُ مِيرَاثٍ قُسِّمَ فِي الْإِسْلَامِ .
وَفِي الْمُوَطَّأِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349983جَاءَتِ nindex.php?page=treesubj&link=13873الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَسَأَلَتْهُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ : مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ ، فَسَأَلَ النَّاسَ فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهَا السُّدُسَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ ؟ فَقَامَ nindex.php?page=showalam&ids=80مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ ، فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ جَاءَتِ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَسَأَلَتْهُ مِيرَاثَهَا ، فَقَالَ لَهَا : مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ وَمَا أَظُنُّ الْقَضَاءَ الَّذِي قُضِيَ بِهِ إِلَّا لِغَيْرِكِ ، وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ ، وَلَكِنَّهُ ذَلِكَ السُّدُسُ ، فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا ، وَأَيُّكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا ، وَيُرْوَى أَنَّهُ أَرَادَ إِسْقَاطَهَا فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ
الْأَنْصَارِ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَتُسْقِطُ الَّتِي لَوْ تَرَكَتِ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا لَكَانَ ابْنُ ابْنِهَا وَارِثَهَا ، وَتُوَرِّثُ الَّتِي لَوْ تَرَكَتِ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لِابْنِ بِنْتِهَا مِنْهَا شَيْءٌ ، فَقَالَ حِينَئِذٍ مَا قَالَ .
وَقَالَ
ابْنُ يُونُسَ : وَعَنْ
مَالِكٍ أَنَّ الْجَدَّتَيْنِ أَتَتَا
أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ السُّدُسَ لِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ
الْأَنْصَارِ : أَمَا إِنَّكَ تَتْرُكُ الَّتِي لَوْ مَاتَتْ وَهُوَ حَيٌّ لَكَانَ يَرِثُهَا ، فَجَعَلَ
أَبُو بَكْرٍ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا .
[ ص: 30 ] فَوَائِدُ عِشْرُونَ
الْفَائِدَةُ الْأُولَى
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فِي أَوْلَادِكُمْ وَلَمْ يَقُلْ فِي أَبْنَائِكُمْ ; لِأَنَّ الْوَلَدَ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ، وَالِابْنُ خَاصٌّ بِالذَّكَرِ .
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّ عَقْلَهُ مِثْلُ عَقْلَيْهِمَا ، وَشَهَادَتَهُ بِشَهَادَتَيْهِمَا ، وَدِيَتَهُ بِدِيَتَيْهِمَا ، فَلَهُ مِنَ الْإِرْثِ مِثْلُهُمَا ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَتَزَوَّجُ فَيُعْطِي صَدَاقًا وَهِيَ تَأْخُذُ صَدَاقًا ، فَيَزِيدُ بِقَدْرِ مَا يُعْطِي وَيَبْقَى لَهُ مِثْلُ مَا أَخَذَتْ فَيَسْتَوِيَانِ .
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ :
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَوْقَ اثْنَتَيْنِ اعْتَبَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ظَاهِرَ اللَّفْظِ فَجَعَلَ الثُّلُثَيْنِ لِلثَّلَاثِ مِنَ الْبَنَاتِ وَلِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفُ ، وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ ، فَقِيلَ زَائِدَةٌ وَخَطَّأَهُ الْمُحَقِّقُونَ ، فَإِنَّ زِيَادَةَ الظَّرْفِ بَعِيدَةٌ ، وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ أَيْضًا ، وَالصَّوَابُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الزَّائِدِ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ فِي الْبَنَاتِ وَلَمْ يَذْكُرِ الِابْنَتَيْنِ ، وَنَصَّ عَلَى اثْنَتَيْنِ فِي الْأَخَوَاتِ وَلَمْ يَذْكُرِ الزَّائِدَ اكْتِفَاءً بِآيَةِ الْبَنَاتِ فِي الْأَخَوَاتِ ، وَبِآيَةِ الْأَخَوَاتِ فِي الْبَنَاتِ ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا ، وَعُلِمَ فَرْضُ الْبِنْتَيْنِ بِالْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ فَاسْتَقَامَتِ الظَّوَاهِرُ وَقَامَتِ الْحُجَّةُ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا جَعَلَ الثُّلُثَيْنِ لِلْأُخْتَيْنِ فَالْبَنَاتُ أَوْلَى لِقُرْبِهِمَا ، وَلِأَنَّ الْبِنْتَ تَأْخُذُ مَعَ أَخِيهَا إِذَا انْفَرَدَ الثُّلُثَ ، فَأَوْلَى أَنْ تَأْخُذَهُ مَعَ أُخْتِهَا لِأَنَّهَا ذَاتُ فَرْضٍ مِثْلُهَا ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبِنْتَيْنِ وَالْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ فِي النِّصْفِ خِلَافُ الْقِيَاسِ وَالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ .
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ :
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ لِأَنَّ الذَّكَرَ لَوِ انْفَرَدَ لَكَانَ لَهُ الْكُلُّ ، فَهِيَ إِذَا انْفَرَدَتْ لَهَا النِّصْفُ ; لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْهُ فِي الْأَحْكَامِ كَمَا تَقَدَّمَ .
[ ص: 31 ] الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ
فِي أَنَّ لِلِاثْنَيْنِ الثُّلُثَيْنِ ; لِأَنَّ الذَّكَرَ إِذَا كَانَ مَعَهُ ابْنَةٌ لَهُ الثُّلُثَانِ ، فَجُعِلَ الِابْنَتَانِ بِمَنْزِلَةِ ذَكَرٍ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ ، فَهُوَ مِنْ بَابِ مُلَاحَظَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي جَعْلِ الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ ، وَالْكَثِيرُ مِنَ الْبَنَاتِ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ فِي التَّأْثِيرِ فِي الزِّيَادَةِ ، كَالذُّكُورِ إِذَا كَثُرَ عَدَدُهُمُ اشْتَرَكُوا فِي نَصِيبِ الْوَاحِدِ إِذَا انْفَرَدَ فَسَوَّى بَيْنِ الْبَابَيْنِ فِي الْإِلْغَاءِ .
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَلِأَبَوَيْهِ سَمَّى الْأُمَّ أَبًا مَجَازًا مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ ، وَهُوَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ يَقَعُ إِمَّا لِخِفَّةِ اللَّفْظِ كَالْعُمَرَيْنِ فَإِنَّ لَفْظَ عُمَرَ أَخَفُّ مِنْ لَفْظِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ لِفَضْلِ الْمَعْنَى وَخِفَّتِهِ ، نَحْوَ :
لَنَا قَمَرَاهَا وَالنُّجُومُ الطَّوَالِعُ فَغَلَّبَ لَفْظَ الْقَمَرِ عَلَى الشَّمْسِ لِأَنَّهُ مُذَكَّرٌ وَالشَّمْسُ مُؤَنَّثَةٌ ، وَالْمُذَكَّرُ أَخَفُّ وَأَفْضَلُ ، وَإِمَّا لِكَرَاهَةِ اللَّفْظِ لِإِشْعَارِهِ بِمَكْرُوهٍ نَحْوَ قَوْلِ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : وَمَا لَنَا عَيْشٌ إِلَّا الْأَسْوَدَانِ ، تُرِيدُ الْمَاءَ وَالتَّمْرَ ، وَالتَّمْرُ أَسْوَدُ وَالْمَاءُ أَبْيَضُ وَكِلَاهُمَا مُذَكَّرٌ وَعَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ فَلَا تَفَاوُتَ ، بِلْ لَفْظُ الْأَبْيَضِ يُشْعِرُ بِالْبَرَصِ فَغَلَّبَتِ الْأَسْوَدَ عَلَيْهِ ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ لِلتَّغْلِيبِ فِي اللُّغَةِ .
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ :
فِي إِعْطَاءِ السُّدُسِ لِلْأَبَوَيْنِ لِأَنَّهُ أَدْنَى سِهَامِ الْفَرَائِضِ [ الْمَوَارِيثِ ] فِي الْقَرَابَاتِ ، وَكَذَلِكَ فِي الْخَبَرِ فِيمَنْ أَوْصَى لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ ، قَالَ : يُعْطَى السُّدُسُ وَالِابْنُ أَقْوَى الْعَصَبَاتِ ، وَمُقْتَضَاهُ حِرْمَانُ الْأَبِ ، وَبِرُّ الْأَبِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحِرْمَانِ فَاقْتُصِرَ لَهُ عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ ، وَسُوِّيَتِ الْأُمُّ بِهِ ; لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ مُلَاحَظَةِ أَصْلِ الْبِرِّ لَا مِنْ بَابِ تَحْقِيقِ الْمُسْتَحَقِّ .
[ ص: 32 ] الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ :
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُمَا ذَكَرٌ وَأُنْثَى فَجُعِلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ وَلَمْ يَذْكِرِ الْأَبَ ، وَحُجِبَ بِالْإِخْوَةِ ; لِأَنَّ الْمَالَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوَارِيثِ كَانَ كُلُّهُ لِلْعَصَبَةِ فَلَمَّا قَسَّمَ اللَّهُ تَعَالَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا سَمَّاهُ بَقِيَ الْأَبُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ ، لَهُ مَا بَقِيَ بَعْدَ السُّدُسِ كَالْعَامِّ إِذَا خُصَّ ، وَيَأْخُذُ الْأَبُ مَا عَدَا السُّدُسَ ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَصَبَةٍ مِنَ الْإِخْوَةِ ، وَحَجَبْنَا الْإِخْوَةَ إِلَى السُّدُسِ لِأَنَّ الْأَخَ يُدْلِي بِالْبُنُوَّةِ لِأَنَّهُ ابْنُ أَبِيهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ شَأْنَ الْبُنُوَّةِ إِسْقَاطُ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ ، وَإِنَّمَا يَقْتَصِرُ لَهُمَا عَلَى أَدْنَى السِّهَامِ مُلَاحَظَةً لِأَصْلِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ ، فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْإِخْوَةَ نَزَعُوا مِنَ الْأُمِّ ، وَالْأَبِ نَزَعَ مِنَ الْإِخْوَةِ السُّدُسَ الَّتِي كَانَتِ الْأُمُّ تَأْخُذُهُ مَعَهُ ، وَلَمْ يَحْجُبِ الْأَخُ الْوَاحِدُ ( وَلَا الْأُخْتُ الْوَاحِدَةُ وَإِنْ حَجَبَ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ لِأَنَّ الْوَلَدَ الْوَاحِدَ ) ابْنُ الْمَيِّتِ وَالْأَخَ ابْنُ أَبِيهِ فَهُوَ أَبْعَدُ رُتْبَةً فَضُوعِفَتِ الرُّتْبَةُ فِي الْبُعْدِ بِوَاحِدٍ كَمَا نَقَصَتِ الرُّتْبَةُ فِي الْقُرْبِ بِوَاحِدٍ ، فَإِنِ اجْتَمَعَ ابْنَةٌ وَأُخْتٌ فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ، أَمَّا الْبِنْتُ فَلِأَنَّهَا نِصْفُ ابْنٍ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَأَمَّا الْأُخْتُ فَلِأَنَّهَا وَلَدُ أَبِيهِ ، فَبِالْأَبِ تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ كَانَ لَهُ ، وَلِأَنَّ الْعَمَّ وَلَدُ جَدِّهِ وَهُوَ يَأْخُذُهُ لَوْ حَضَرَ ، وَهَذِهِ وَلَدُ أَبِيهِ فَهِيَ أَقْرَبُ مِنْهُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أُخْتًا لَأُمٍّ لَمْ تَأْخُذْ شَيْئًا لِهَذَا السِّرِّ .
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ جَعَلَ الْمِيرَاثَ مُتَأَخِّرًا عَنِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ ، فَانْظُرْ إِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ مَقَادِيرُ وَهِيَ النِّصْفُ وَالثُّلُثَانِ وَالسُّدُسُ وَالثُّلُثُ وَمُقَدَّرَاتٌ وَهِيَ الْأَنْصِبَاءُ مِنَ الْأَمْوَالِ ، فَهَلِ الْمُتَأَخِّرُ الْمِقْدَارُ أَوِ الْمُقَدَّرُ ؟ فَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ الْمِقْدَارَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لِلْبِنْتِ النِّصْفُ ، وَكَوْنُهُ نِصْفًا إِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الدَّيْنِ زَادَ أَوْ تَأَخَّرَ نَقَصَ ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ النِّصْفَ الْمُرَادَ إِنَّمَا هُوَ النِّصْفُ الَّذِي يَصْغُرُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ إِخْرَاجِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ ، وَيَكُونُ أَصْلُ التَّمْلِيكِ [ لَمْ
[ ص: 33 ] يَتَعَرَّضْ لَهُ بِالتَّأْخِيرِ ، أَوْ أَصْلُ التَّمْلِيكِ ] مُتَأَخِّرٌ عَنِ الدَّيْنِ ، فَلَا تَكُونُ التَّرِكَةُ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ، وَتَكُونُ عَلَى مِلْكِهِمْ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي قَسْمِ التَّرِكَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ
لِمَ قَدَّمَ الْوَصِيَّةَ فِي اللَّفْظِ عَلَى الدَّيْنِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِهَا وَوُجُوبِهِ ، وَالشَّأْنُ تَقْدِيمُ الْأَعَمِّ ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ النُّفُوسَ مَجْبُولَةٌ عَلَى إِهْمَالِ الْوَصِيَّةِ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا فِي أَصْلِهَا وَعَدَمِ الْمُعَارَضَةِ فِيهَا ، فَقَدَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِيُشْعِرَ النُّفُوسَ بِمَيْلِ صَاحِبِ الشَّرْعِ لَهَا فَيَبْعُدُ إِهْمَالُهُمْ لِإِخْرَاجِهَا ، وَاسْتَغْنَى الدَّيْنُ بِقُوَّةِ جَنَابِ الْمُطَالِبِ بِهِ عَنْ ذَلِكَ .
وَقَالَ لِي بَعْضُ الْفُضَلَاءِ : إِنَّمَا قَدَّمَ الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهُ أَضَافَ إِلَيْهِ بَعْدُ ، وَالْمِيرَاثُ إِنَّمَا يُقْسَمُ بَعْدَهَا لَا بَعْدَ الدَّيْنِ [ فَإِنَّ الدَّيْنَ يَخْرُجُ أَوَّلًا ثُمَّ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ الْمِيرَاثَ ، فَلَمَّا كَانَ الْمِيرَاثُ إِنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ لَا بَعْدَ الدَّيْنِ ] لِأَنَّهَا الْمُتَأَخِّرَةُ فِي الْإِخْرَاجِ جُعِلَ اللَّفْظُ عَلَى وَفْقِ الْوَاقِعِ ، فَقِيلَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ ، وَلَوْ قَالَ : مِنْ بَعْدِ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا لَكَانَتِ الْبَعْدِيَّةُ مُضَافَةً لِلدَّيْنِ وَكَانَ الدَّيْنُ يَتَأَخَّرُ إِخْرَاجُهُ عَنِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ .
قُلْتُ لَهُ : هَذَا يَتِمُّ لَوْ قَالَ بِالْوَاوِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْجَمْعِ ، وَإِنَّمَا الْآيَةُ بِـ " أَوْ " الْمُقْتَضِيَةِ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ ، فَعَلَى هَذَا مَيِّتٌ لَهُ وَصِيَّةٌ بِغَيْرِ دَيْنٍ وَآخَرُ لَهُ دَيْنٌ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ ، فَلِمَ قُدِّمَتِ الْوَصِيَّةُ مَعَ ضَعْفِهَا مَعَ أَنَّهَا مُنْفَرِدَةٌ فَيَعُودُ السُّؤَالُ .
قَالَ : تَكُونُ " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ .
قُلْتُ : يَنْتَقِضُ الْمَعْنَى نَقْضًا شَدِيدًا إِنْ جَعَلْنَا " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ ، يَكُونُ الْمِيرَاثُ مُتَأَخِّرًا عَنْ مَجْمُوعِهِمَا لَا عَنْ أَحَدِهِمَا ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْجِيحِ الْمَجْمُوعِ عَلَيْهِ تَرْجِيحُ
[ ص: 34 ] جُزْئِهِ عَلَيْهِ ، فَلَا يَلْزَمُ التَّأْخِيرُ عَنِ الدَّيْنِ وَحْدَهُ ، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا عَلَى بَابِهَا يَكُونُ الْمِيرَاثُ مُتَأَخِّرًا عَنْ أَحَدِهِمَا ، وَيَلْزَمُ مِنْ تَأْخِيرِهِ وَتَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ تَرْجِيحُ الْمَجْمُوعِ عَلَيْهِ ضَرُورَةً ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمَعْنَى مَعَ الْوَاوِ يَنْتَقِضُ نَقْضًا شَدِيدًا فَلَا يُصَارُ إِلَيْهِ .
الْفَائِدَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ :
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ كَالشَّرِيكَيْنِ الْمُتَعَاوِنَيْنِ عَلَى الْمَصَالِحِ ، فَلَمَّا افْتَرَقَا كَانَ لَهُ النِّصْفُ ، وَمَعَ الْوَلَدِ الرُّبُعُ ; لِأَنَّ الْوَلَدَ عُضْوٌ مِنْهَا فَقُدِّمَ عَلَيْهِ ، وَلِقُوَّةِ الْمُشَارَكَةِ أَشْبَهَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الَّذِي يُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ فَجَعَلَ لَهُ نِصْفَ مَا كَانَ لَهُ ، وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَبِ لَهُ السُّدُسُ أَقَلُّ السِّهَامِ ; لِأَنَّهُ صَاحِبُ رَحِمٍ عَرِيَ عَنْ شَائِبَةِ الْمُشَارَكَةِ وَالْمُعَامَلَةِ ، وَنَاسَبَ الْأَبَ مِنْ وَجْهٍ ; لِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فَأُعْطِيَ لَهُ مِنْ مَالِهَا بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَهِيَ الرُّبُعُ أَقَلُّ السِّهَامِ ، كَمَا أُعْطِيَ الْأَبُ أَقَلَّ السِّهَامِ ، وَالْمَرْأَةُ لَهَا الرُّبُعُ لِأَنَّ الْأُنْثَى نِصْفُ الذَّكَرِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَلَهَا الثُّمُنُ عِنْدَ الْوَلَدِ لِذَلِكَ ، وَلِأَنَّ لَهَا رُبُعَ حَدِّهِ لِأَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ حِصَّتُهَا الرُّبُعُ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ فَاسْتَحَقَّتِ الرُّبُعَ .
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ
فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ قِيلَ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْإِكْلِيلِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَنْزِلُ مِنْهُ أَبْنَاؤُهُ فَهُمْ تَحْتَهُ ، وَلِذَلِكَ يَقُولُ الْعُلَمَاءُ : الِابْنُ وَإِنْ سَفَلَ ، وَيَنْزِلُ مِنْ آبَائِهِ ، وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ الْأَبُ وَإِنْ عَلَا فَهُمْ فَوْقَهُ ، وَإِخْوَتُهُ حَوْلَهُ ( مِثْلُ الْأَجْنِحَةِ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبْنَاءٌ تَحْتَهُ وَلَا آبَاءٌ فَوْقَهُ بَقِيَ فِي الْوَسَطِ وَإِخْوَتُهُ حَوْلَهُ ) عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَأَشْبَهَ الْإِكْلِيلَ ، وَقِيلَ مِنَ الْكَلَالِ الَّذِي هُوَ التَّعَبُ ، أَيْ كَلَّتِ الرَّحِمُ عَنْ وِلَادَةِ الْأَبْنَاءِ ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : وَقِيلَ يَكْفِي فِي الْكَلَالَةِ عَدَمُ الْوَلَدِ ، وَفِي مُسَمَّاهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : قِيلَ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ أَيْ هُوَ مَعَ الْوَرَثَةِ كَالْإِكْلِيلِ ، وَقِيلَ لِلْوَرَثَةِ الَّذِينَ لَيْسَ فِيهِمْ وَلَدٌ وَلَا أَبٌ ، وَقِيلَ لِلْفَرِيضَةِ الَّتِي لَا يَرِثُ فِيهَا وَلَدٌ
[ ص: 35 ] وَلَا وَالِدٌ ، وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِخْوَةِ هَاهُنَا إِخْوَةُ الْأُمِّ ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ صَالِحًا لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ مِنَ الْإِخْوَةِ .