الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 122 ] الباب السابع

                                                                                                                في

                                                                                                                المناسخات

                                                                                                                ومعناها أن يموت موروث ثم بعض ورثته قبل قسمة تركته ، وقد يجتمع عدد كثير من الطبقات ، ففي الجواهر : إن عملت فريضة كل ميت حصل المقصود ، وهو خطأ عند الفرضيين لأن حدوث المناسخات يصير المواريث كالوراثة الواحدة فتصح عندهم مسألة الميت الأول من عدد ينقسم نصيب كل ميت بعده منه على مسألته .

                                                                                                                والطريق أن ينظر إن كان ورثة الثاني والثالث والرابع مثلا هم ورثة واحدة ويرثون بمعنى واحد فكالتركة الواحدة يرثها من بقي ، كثلاثة إخوة أشقاء وأربع أخوات شقائق ، مات أحد الإخوة ، ثم آخر ، ثم أخت ، ثم أخت ، ثم أخت فتقسم التركة كلها على ثلاثة للذكر سهمان وللأنثى سهم ، فإن كان ورثة الباقي غير ورثة الأول أو يرثونه بوجه آخر صحح مسألة الميت الأول ، ثم اعرف نصيب الميت الثاني ، ثم صحح مسألة الثاني ثم اقسم نصيبه من مسألة الميت الأول على مسألته ، فإن انقسمت صحت المسألتان مما صحت منه الأولى : كابن وبنت ، المسألة من ثلاثة مات الابن عن سهمين خلف أختا وعاصبا ، مسألته من اثنين ، ونصيبه اثنان ، فإن لم ينقسم نصيبه من الأولى على مسألته ولا بينهما موافقة ضربت ما صحت منه مسألته فيما صحت منه المسألة الأولى فمنه تصح المسألتان ، كابنين وبنتين ، المسألة من ستة ، مات أحد الابنين عن ابن وبنت ، مسألته من ثلاثة ، ونصيبه سهمان لا ينقسمان على مسألته ، فتضرب مسألته في المسألة الأولى تبلغ ثمانية عشر منها تصح المسألتان ، من له شيء من الأولى أخذه مضروبا في تلك المسألة وهي ثلاثة ، ومن له شيء من الثانية أخذه مضروبا فيما [ ص: 123 ] مات عنه الثاني وهو سهمان ، فإن كان بين نصيب الميت الثاني وما صحت منه مسألته موافقة ، اضرب وفق مسألته لا وفق نصيبه في المسألة الأولى تخرج المسألتان ، كابنين وبنتين ، مات أحد الابنين وخلف امرأة وبنتا وثلاثة بني ابن ، الأولى من ستة ونصيب الميت الثاني منها سهمان ، ومسألته من ثمانية توافقها بالنصف ، تضرب نصف مسألته في المسألة للأولى تبلغ أربعة وعشرين ، وتخرج المسألتان ، فمن له من الأولى شيء أخذه مضروبا في وفق المسألة الثانية : ، ومن له شيء من الثانية أخذه مضروبا في وفق ما مات عنه موروثه وهو هاهنا واحد .

                                                                                                                فإن كان ميت ثالث صحح مسألته منفردا ، وخذ نصيبه مما صحت منه المسألتان ، فإن انقسم على مسألته فقد صحت الثلاث ، وإن كان بينها موافقة اضرب وفق مسألته لا وفق حصته فيما صحت منه المسألتان فتصح الثلاث ، ومن له شيء من المسألتين الأوليين أخذه مضروبا في وفق الثالث ، ومن له من الثالثة شيء أخذه مضروبا في وفق سهام مسألة الثالث لا في وفق فريضته ، فوفق الفريضة مضروب فيه أبدا ، الأولون بجميع ما يحصل لهم لا في وفق السهام المتحصلة للميت من القسمة السابقة ، ووفق المتحصل لهم من القسمة السابقة تضرب فيها أبدا ورثته هو من مسألته خاصة ، فكل من لم يرثه إلى الآن ضربته في وفق سهامه لا في وفق فريضته ، [ ثم مهما يحصل في آخر العمل عدد لكل وارث وتلك الأعداد تتفق بجزء ربع أو ثمن أو غير ذلك ] فرد الجميع إلى ذلك الجزء ليقل العدد في الفتيا ، وكذلك تفعل في أثناء العمل إذا وصلت إلى آخر مسألة من المناسخات ليخف عليك العمل ولا ينتشر العدد ، وكذلك لو كان رابع أو أكثر فصحح مسألة كل واحد على الانفراد ويأخذ نصيبه من المسائل قبله كما تقدم .

                                                                                                                وإن أردت نصيب كل واحد من أصحاب [ الفرائض فاضرب سهام كل واحد من أصحاب ] الأولى فيما ضربتها فيه من الفرائض التي بعدها أو في [ ص: 124 ] أوفاقها ، واضرب سهام كل واحد من أصحاب الفريضة الثانية في نصيب موروثه من الفريضة الأولى مضروبا في الثانية أو في وفقها ، ثم فيما بعدها أو وفقه ، واضرب سهام كل وارث من أصحاب الفريضة الثالثة فيما مات عنه مورثهم أو وفقه ، واضرب الحاصل في مسائل المتوفين بعده مسألة بعد مسألة أو وفقها ، والمتحصل نصيبه ، وكذلك إن كانت أربعة أو خمسة أو أكثر إلا أن تنقسم سهام بعضهم على مسألته فلا يضرب فيها ، وأعط كل وارث سهامه منها تجمعها له مع ما يجتمع له من الضرب فيما سواها ، ثم إذا عرفت ما يصيب كل وارث فاجمع سهامه من كل فريضة ، ثم انظر ما أصاب كل وارث منهم هل تتفق بجزء ، فأعط كل وارث جزء ما أصابه ، واجعل الفريضة من جزئها ذلك ، وإن لم تتفق تركت السهام على حالها .

                                                                                                                وإن أردت أن تعلم صحة ما عملت فاجمع ما أصاب كل واحد فإن اجتمع لك الذي صحت منه فقد أصبت وإلا فلا .

                                                                                                                ولنختم بذكر فريضة عملها أبو الحسن الطرابلسي ذكر أنها نزلت ببلده فيتضح منها ما تقدم ، ترك زوجة وابنين منها وابنا وابنة من غيرها ، ثم توفي الابن شقيق البنت وترك أختا شقيقة وأخويه لأبيه ، ثم توفي أحد الابنين الشقيقين وترك أخاه شقيقه وأمه زوجة الأول وأخويه لأمه ، ثم توفي الثاني من الابنين الأشقاء وترك أمه وأخته لأبيه أخت الميت الثاني وأخوين لأم وأوصى بالنصف للمساكين ، ثم توفيت زوجة الأول أم الثالث والرابع وتركت ابنين هما الإخوة للأم ، ففريضة الأول من ثمانية ، لزوجته سهم ، وللبنت سهم ، ولكل ابن سهمان :

                                                                                                                ثم توفي أخو البنت وهو الميت الثاني عن سهمين ، وفريضته اثنان تنقسم من أربعة لأخته شقيقته سهمان ولكل أخ لأبيه سهم ، فسهامه توافق فريضته بالنصف فاضرب فريضة الأول ثمانية في اثنين نصف الثانية تبلغ ستة عشر ، فمن له شيء من ثمانية أخذه مضروبا في اثنين نصف وليس له من الثانية شيء لأنه ليس [ ص: 125 ] بابن لها ، ولبنت الأول من فريضة الأول سهم في اثنين ولها في الثانية بأنها أخت شقيقة النصف اثنان في واحد ، ولكل ابن للميت الأول الأشقاء من الفريضة الأولى اثنان في اثنين بأربعة ، وله من الثانية سهم لأنه أخ لأب فذلك خمسة .

                                                                                                                ثم توفي أحد الابنين الشقيقين عن خمسة ، وهو الميت الثالث ، وترك أمه زوجة الأول وأخاه شقيقه وأخوين لأم ، فريضتهم ستة ، لأمه السدس وكذلك كل أخ لأم ، وللأخ الشقيق ما بقي ثلاثة لا تنقسم على فريضته ولا توافقها فاضرب ستة عشر المجتمعة من الفريضتين الأوليين في ستة فريضة الثالث تبلغ ستة وتسعين ، ثم تبتدئ القسم ، فلزوجة الأول سهم في اثنين نصف الثانية ، ثم في ستة الفريضة الثالثة تبلغ ستة وتسعين ثم تبتدئ في القسم ، فلزوجة الأول من فريضته سهم في اثنين نصف الثانية تضرب في ستة الفريضة الثالثة يكون اثني عشر ، وليس لها من الثانية شيء ، ولها من الثالثة لأنها أم السدس سهم في خمسة تركة الثالث ، فذلك سبعة عشر ، ولبنت الأول سهم من فريضته في اثنين ، ثم في ستة ، ولها من الثانية اثنان في ستة فريضة الثالث ، فيجتمع أربعة وعشرون ، وليس لها من الثالثة شيء لأنها محجوبة بالأخ الشقيق ، ولابن الميت الأول الباقي سهمان من الفريضة الأولى في سهمين نصف الثانية ، ثم في ستة الفريضة الثالثة ، وله من الثانية لأنه أخ لأب سهم في ستة أيضا ، وله من الثالثة ثلاثة في خمسة تركة الثالث ، فيجتمع خمسة وأربعون ، ولكل أخ لأم من الثالثة سهم في خمسة .

                                                                                                                ثم توفي الابن الباقي ولد الميت الأول وهو الميت الرابع عن خمسة وأربعين فتقسمه على فريضته ، لكل سهم خمسة ، وللمساكين ثلاثة في خمسة بخمسة عشر ، ولأمه سهم في خمسة وسدسها سبعة عشر فذلك اثنان وعشرون ، ولأخته لأبيه ثلاثة في خمسة بخمسة عشر وبيدها أربعة وعشرون اثنا عشر عن أبيه وكذلك عن أختها شقيقتها فذلك تسعة وثلاثون ، ولكل أخ لأم سهم في خمسة وبيده خمسة عن أخيه الميت الثالث فذلك عشرة ، فجميع ذلك ستة وتسعون .

                                                                                                                ثم توفيت زوجة الأول وهي الميت الخامس عن اثنين وعشرين سهما .

                                                                                                                [ ص: 126 ] وتركت ابنين وهما أخوان لأم فسهامهما منقسمة عليهما ، لكل واحد أحد عشر ، وبيده عشرة فذلك أحد وعشرون ، واتفقت سهامهم أجمع بالثلث فتردها إلى ثلثها اثنين وثلاثين ، ورد كل واحد لثلث ما بيده ، فللمساكين خمسة ، ولبنت الأول ثلاثة عشر ، ولكل أخ لأم سبعة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية