الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 98 ] الباب الرابع

                                                                                                                في

                                                                                                                تصحيح المسائل

                                                                                                                وفيه فصول :

                                                                                                                الفصل الأول في تصحيح فرائض الصلب ، إن صحت على عددهم صحت ، كزوجة وبنت وعم ، أصلها من ثمانية ومنها تصح ، وكذلك ثلاث زوجات وجدتان وثماني أخوات من الأبوين أو لأب وأربع أخوات لأم ، أصلها من اثني عشر ، وتعول بالربع والسدس سبعة عشر ، ثلاثة للزوجات ، وثمانية للأخوات الأشقاء ، وأربعة لإخوة الأم ، واثنان للجدتين وتسمى أم الأرامل ، لأنهن سبع عشرة أنثى من أربعة أصناف .

                                                                                                                وأغرب منها ثلاث زوجات وأربع جدات وست عشرة بنتا وأختا لأبوين أو لأب ، أصلها من أربعة وعشرين ومنها تصح ، وتلقب أم الأرامل ، لأنها أربع وعشرون من أربعة أصناف ، فإن انكسرت فإما على فريق أو اثنين أو ثلاثة ، ولا تزيد على ذلك على أصلنا ، لأن عدد الورثة لا يزيد على أربعة أصناف عندنا ، ولا بد من صحة واحدة ، قاله صاحب الجواهر ، وقال القاضي في التلقين تنكسر على أربعة أحياز وهي النهاية ، ومتى انكسرت على خمسة أحياز فما زاد فلا بد أن تصح على بعضها ، ووافق التلقين الجعدية ، وهو الصحيح .

                                                                                                                الانكسار على فريق

                                                                                                                إن انكسرت على فريق وتباينت أعداد الرءوس فاضرب عدد الرءوس في أصل المسألة وعولها إن كانت عائلة ومنه تصح ، ولو ضربنا كل الرءوس صحت ولكن هذا أخصر ، وإن وافقت السهام عدد الرءوس في أصل المسألة رددت عدد السهام [ ص: 99 ] إلى الوفق وتضربه في أصل المسألة ومنه تصح ، ولا تقع الموافقة بين السهام والرءوس إلا في اثني عشر كسرا : النصف ، والثلث ، والربع ، والخمس ، والتسع ، والثمن ، ونصف الثمن ، وجزء من ثلاثة عشر ، ومن سبعة عشر ، وبالعشر ونصف السبع والسدس في مسائل الجد والإخوة .

                                                                                                                مثال المتباينة : زوج وخمس بنين ، أصلها من أربعة ، وللزوج واحد ، وثلاثة تباين الخمسة ، تضرب الخمسة في المسألة تبلغ عشرين ومنها تصح ، للزوج واحد في خمسة بخمسة ، وللبنين ثلاثة في خمسة بخمسة عشر ، لكل واحد ثلاثة .

                                                                                                                ومثال الموافقة بالنصف : أبوان وستة بنين ، أصلها من ستة للأبوين سهمان يبقى أربعة لا تنقسم على الستة وتوافقهم بالنصف ، تضرب نصف الرءوس في المسألة تبلغ ثمانية عشر ، نصيب الأبوين اثنان مضروبان في ثلاثة بستة ، لكل واحد ثلاثة ، ونصيب البنين أربعة في ثلاثة باثني عشر ، لكل واحد اثنان ، فنصيب كل واحد بعد التصحيح نصف ما كان يصيب الجميع قبل التصحيح .

                                                                                                                مثال الموافقة بالثلث : زوجة وتسعة إخوة ، أصلها من أربعة للزوجة واحد والباقي ثلاثة لا تنقسم على الرءوس وتوافق بالثلث ، فرد عدد الرءوس ثلاثة وتضربه في المسألة تبلغ اثني عشر ومنها تصح ، للزوجة واحد في ثلاثة بثلاثة ، وللإخوة ثلاثة في ثلاثة بتسعة لكل واحد واحد وهو ثلث ما كان يصيب الجميع قبل التصحيح .

                                                                                                                مثال الموافقة بالربع : أبوان وثمانية بنين أصلها من ستة ، للأبوين اثنان ، تبقى أربعة لا تنقسم على الثمانية وتوافق بالربع فتضرب ربع الرءوس في الستة تبلغ اثني عشر فتصح ، ونصيب كل واحد من المنكسرين بعد التصحيح ربع ما كان يصيب الجميع قبل التصحيح .

                                                                                                                مثال الموافقة بالخمس : زوجة وأم وعشرون ابن عم ، أصلها من اثني عشر ، للزوجة ثلاثة ، وللأم أربعة ، والباقي خمسة لا تنقسم على بني العم وتوافقهم بالخمس ، وخمسهم أربعة تضربه في المسألة تبلغ ثمانية وأربعين [ ص: 100 ] فتصح ، ونصيب كل واحد من المنكسرين بعد التصحيح خمس ما كان نصيب الجميع قبل التصحيح .

                                                                                                                مثال الموافقة بنصف السبع : أم وزوج وجد وثلاثة عشر أخا وأختان ، ارتفعت المسألة إلى ستة وثلاثين ، والباقي بعد نصيب الزوج والأم والجد أربعة عشر ، وعدد الإخوة ثمانية وعشرون إذا عددنا الذكر باثنين ، والأربعة لا تنقسم عليها وتوافقها بنصف السبع فتضرب نصف سبع الرءوس وهو اثنان في المسألة تبلغ اثنين وسبعين فتصح ، فيصيب كل واحد من الإخوة بعد التصحيح نصف سبع نصيب الجميع قبل التصحيح ، وبقية مثل الموافقة ستة كما تقدم .

                                                                                                                الانكسار على فريقين

                                                                                                                فلو ضربنا رءوس أحد الصنفين في عدد الصنف الآخر ثم المجتمع في المسألة صح ، لكن يعتبر عدد رءوس كل صنف مع سهامهم في الموافقة والمباينة كما تقدم للاختصار ، فمن وافق سهامه أقمنا وفقه مقامه ، ثم ننظر أيضا طلبا للاختصار في العددين الموافقين أو الكاملين أو الوفق والكامل فننسب بعضهما لبعض في التماثل والتداخل والتوافق والتباين ، ويكتفى بأحد المثلين عن الآخر ، وبالأكثر عما يدخل فيه ، وضربناه في أصل المسألة ، أو توافقا ضربنا وفق أحدهما في كامل الآخر ، ثم المجتمع في المسألة ، أو تباينا ضربنا جملة أحدهما في جملة الآخر ، ثم المجتمع في المسألة ومنه تصح ، وقد تبين أن كل واحد من الأقسام الثلاثة تعتور عليه الأصول الأربعة فتضاعفه بها إلى اثنتي عشرة صورة ، وفقان متماثلان أو متداخلان أو متوافقان أو متباينان ، أصلا العدد متماثلان أو متداخلان أو متوافقان أو متباينان ، أو يماثل وفق أحد العددين كامل الآخر ، أو يدخل فيه ، أو يوافقه أو يباينه .

                                                                                                                الانكسار على ثلاثة أصناف :

                                                                                                                فلو ضربنا أحدهما في الآخر ثم المجموع في الثالث ثم المجتمع في المسألة تصح ، ولكن يختص كما تقدم في الصنفين ، فترد عدد الموافق إلى الوفق ، والمباين [ ص: 101 ] بحاله أو تقابل بين أعداد الرءوس فإن تماثلت أو تداخلت اكتفيت بالمثل عن مثله ، وبالأكثر عما يدخله ، فإن توافقت ضربت أحد الوفقين في وفق الآخر ، أو تباينت ضربت بعضها في البعض ، وتضرب الحاصل في المسألة وعولها إن كانت عائلة ، أو تباين البعض وتوافق البعض ضربت أحد المتباينين في الآخر ، فما بلغ تضربه في العدد الثالث إن باينه ، أو وفقه إن وافقه ، وكذلك تفعل في الرابع ، فما بلغ ضربته في المسألة وعولها ومنه تصح .

                                                                                                                ومثال المباينة : أربع زوجات وخمس جدات وسبع بنات وتسع أخوات ، أصلها من أربعة وعشرين ، كل صنف يباين سهامه عدده ، والأعداد متباينة ، فتضرب بعضها في البعض تبلغ ألفا ومائتين ومنه تصح .

                                                                                                                مثال المماثلة : زوجتان وأربع جدات وست عشرة أختا لأب وثماني أخوات لأم ، أصلها من اثني عشر وتعول إلى سبعة عشر ، وسهام الزوجتين تباين رءوسهما ، ونصيب الجدات يوافق عدد رءوسهن بالنصف ، فترد عدد هذا إلى النصف ، ونصيب الأخوات للأب يوافق عدد رءوسهن بالثمن فترد عدد رءوسهن للثمن ، ونصيب الأخوات للأم يوافق رءوسهن بالربع فترد عددهم للربع ، فالأعداد كلها متماثلة ، فيكتفى بأحدها وتضرب في المسألة تبلغ أربعا وثلاثين ، ومنها تصح .

                                                                                                                مثال المتداخلة : زوجتان وست جدات وأربعة وعشرون أخا لأم وستة وثلاثون ابن عم ، أصلها من اثني عشر ، نصيب الزوجتين يباينهن ، وفي الجدات توافق بالنصف فتردهن للنصف ، وفي الإخوة بالربع فتردهم للربع ، وفي بني الأعمام بالثلث فتردهم للثلث ، فيجتمع اثنان وثلاثة وستة واثنا عشر ، والأولى داخلة في اثني عشر فيكتفى بها وتضربه في المسألة تبلغ مائة وأربعة وأربعين ومنه تصح .

                                                                                                                مثال الموافقة : أربع زوجات واثنتا عشرة جدة وأربعون أخا لأم واثنان وأربعون ابن عم ، أصلها من اثني عشر ، وسهام الزوجات تباينهن فتخلى ، وفي [ ص: 102 ] الجدات توافق بالنصف فتردهن للنصف ، وفي الإخوة بالربع فتردهم للربع ، وفي بني الأعمام بالثلث فتردهم للثلث ، فيحصل أربعة وستة عشر وأربعة عشر ، وهي متوافقة من غير تداخل وتماثل ، فتضرب الأربعة في وفقها من الستة تبلغ اثنتي عشر [ ثم تضرب اثني عشر ] في وفقها من العشرة وهو الخمسة تبلغ ستين ، ثم تضرب الستين في وفقها من الأربعة عشر وهو سبعة تبلغ أربعمائة وعشرين ، وتضرب المتحصل في المسألة تبلغ خمسة آلاف وأربعين ، ومنه تصح .

                                                                                                                مثال المتباينة والمتوافقة معا : أربع زوجات ، واثنتا عشرة جدة ، وسبع أخوات لأم ، وعشرة بني أعمام ، أصلها من اثني عشر ، ونصيب الزوجات يباينهن فيبقى ، وكذلك الأخوات وبنو الأعمام ، ونصيب الجدات يوافق عددهن ، فترد عددهن للنصف وهو ستة ، وتضرب الأربعة في المسألة تبلغ ثمانية وعشرين ، ثم الثمانية والعشرين في وفقها من العشرة وهو خمسة تبلغ مائة وأربعين ، ثم تضرب في وفق الستة وهو ثلاثة تبلغ أربعمائة وعشرين ، فتضربه في المسألة تبلغ خمسة آلاف وأربعين ، ومنه تصح .

                                                                                                                واعلم أن للحساب في الاختصار إذا انكسرت السهام على ثلاثة أصناف طريقين : قال الكوفيون تعمل في عددين منها ما عملنا في الانكسار على صنفين ، فما انتهى إليه العمل وهو المبلغ الذي ضرب في المسألة جعلناه عددا واحدا ووفقنا بينه وبين العدد الثالث وفعلنا فيهما ما فعلناه في العددين الأولين ، وقال البصريون : يوقف أحد الأعداد ، والحسن عندهم أن يوقف الأكثر ويوقفق بينه وبين الباقين ويعمل في وفقهما أحد الأقسام الأربعة ، فما حصل ضربناه في العدد الموقوف ، ومآل الطريقين واحد .

                                                                                                                ومثالهما سبع وعشرون بنتا وست وثلاثون جدة وخمس وأربعون أختا لأب ، فعند الكوفيين يوفق بين السبع والعشرين والست والثلاثين ، فيتفقان بالأتساع ، فتضرب تسع أحدهما في كل الآخر يبلغ ثلاثمائة وأربعة وعشرين ، ثم [ ص: 103 ] بينها وبين الخمسة والأربعين فيتفقان في الأتساع أيضا ، فتضرب بتسع أحدهما في كل الآخر ، يبلغ خمسمائة وأربعين ، ومنه تصح ، وعند البصريين توقف الخمسة فإذا وفقت بينها وبين السبع والعشرين وهو ثلاثة ثم توفق بين الستة والثلاثين والخمسة والأربعين فيتفقان بالأتساع ، فتأخذ تسع الستة والثلاثين وهو أربعة فتجد الوفقين مختلفين ، فتضرب أحدهما في الآخر تبلغ اثني عشر ، ثم في الموقوف تبلغ خمسمائة وأربعين ، ثم في المسألة تبلغ ثلاثة آلاف ومائتين وأربعين كما تقدم .

                                                                                                                وذكر بعض أصحابنا طريقة أخرى وجيزة في جميع هذا القسم أن ينظر بين صنفين من الثلاثة كأن الانكسار لم يقع إلا عليهما فتعمل فيهما ما تقدم في الصنفين ، فإذا انتهى العمل إلى عدد المنكسرين أعني الذي يضرب في المسألة نظر ما بينه وبين العدد الثالث وأعمل فيهما ما يعمل في العددين الأولين ، فما انتهى إليه العمل جعل عدد المنكسرين وضرب في المسألة ومنه تصح .

                                                                                                                تنبيه : إنما ضربت الرءوس في المسألة ولم تضرب السهام لأن جزءها لا ينقسم إذا ضرب في المسألة فقد ضرب في بعضه لأنه بعض المسألة ، وإذا ضربته في بعضه فقد كررته بعدد المضروب فيه ، وغير المنقسم إذا تكرر لا ينقسم ، بخلاف الرءوس فإنهم ليسوا جزء العدد فأفاد ضربهم ، وسيأتي إن شاء الله في أول حساب الجبر .

                                                                                                                قاعدة يستعان بها على قسمة الفرائض

                                                                                                                وهي قاعدة الأعداد المتناسبة فتطالع من هناك فإنها جليلة النفع عظيمة الجدوى توضح هذا الباب إيضاحا حسنا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية