الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 116 ] الفصل الثاني

                                                                                                                في

                                                                                                                حساب الوصية بالنصيب وما يتبعه

                                                                                                                وتقدمت أحكامها في الوصايا ، وأن الموصى له يكون عوضا عن صاحب النصيب على المشهور ، وتقدم حساب النصيب في الفصل الأول ، لأنه إذا انفرد كان وصية بجزء مسمى ، إذ لا فرق بين أن يقول بمثل نصيب أحد بني وهم أربعة ، أو يقول بربع مالي ، وإنما القصد هاهنا عمل ما إذا اقترن بها الاستثناء من جملة المال أو من جزء من أجزائه أو اقترنت بها الإضافة أو التكملة ، وفيها مسائل .

                                                                                                                المسألة الأولى : في الجواهر : أوصى بمثل نصيب أحد بنيه واستثنى منه جزءا معينا نحو ثلاثة بنين أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا سبع ماله ، فيدفع له ما كان يصيب أحد البنين قبل الوصية وهو الثلث ، يبقى ثلث المال سهمان على ثلاثة مباين ، فتضرب ثلاثة في ثلاثة تبلغ تسعة ، في سبعة مخرج الجزء المستثنى تبلغ ثلاثة وستين ، لصاحب الوصية ثلث ذلك واحد وعشرون والنصيب أكثر من الثلث ، فأما لو كان البنون أربعة أو أكثر أو كانت الوصية في ثلث ما يبقى من النصف لصحت ، ثم العمل كما تقدم تأخذ مخرج الربع إن كانوا أربعة تضربه في مخرج ثلث الثلث تسعة يكون ستة وثلاثين النصيب منها تسعة والثلث اثنا عشر يبقى منه ثلاثة ثلثها واحد فيضاف على النصيب فيصير عشرة وترد منه سبع المال وهو تسعة تبقى بيده اثنا عشر وذلك جملة ما يصح له ويبقى أحد وخمسون لكل ابن سبعة عشر .

                                                                                                                المسألة الثانية : قال : والمثال بحاله وأوصى بمثل نصيب أحدهم وبسبع ماله فالعمل واحد حتى إذا أعطينا الموصى له أحدا وعشرين زدناه سبع المال تسعة [ ص: 117 ] فيحصل له ثلاثون ، ويبقى ثلاثة وثلاثون لكل ابن أحد عشر .

                                                                                                                المسألة الثالثة : قال : أوصى بمثل نصيب أحدهم وبثلث ما بقي من الثلث وبغير ذلك من الأجزاء أو جزء آخر غيره أو من جملة المال ، ويشترط في صحة المسألة وما بعدها أن يكون النصيب أقل من الجزء المستثنى منه ثلثا كان أو غيره ، فلو كان مساويا للجزء أو أكثر منه استحالت المسألة ، نحو ثلاثة بنين وأوصى بمثل نصيب أحدهم وبثلث الباقي من الثلث لم يصح ، إذ النصيب مساو للثلث ، فلا يبقى منه شيء ، وكذلك لو كان اثنان فالنصيب أكثر من الثلث ، فأما لو كان البنون أربعة أو أكثر أو كانت الوصية في الثلث [ . . . ] النصف لصحت ، ثم العمل كما تقدم ، تأخذ مخرج الربع إن كان أربعة تضربه في مخرج ثلث الثلث تسعة [ . . . . ] فتضاف على النصيب يصير عشرة ، تبقى ستة وعشرون لا تصح على أربعة وتوافق بالنصف تضرب الوفق اثنين في الستة والثلاثين تبلغ اثنين وسبعين ، لصاحب الوصية عشرة في اثنين بعشرين ، تبقى اثنان وخمسون لكل ابن ثلاثة عشر .

                                                                                                                الرابعة : قال : أوصى بمثل نصيب أحد بنيه إلا ثلث ما بقي من الثلث فكما تقدم ، حتى إذا أخذ الموصى له في المثال السابق السبعة رد منها سهما وهو ثلث ما بقي من الثلث يفضل بيده ثمانية وهي مبلغ وصيته ، ويبقى للبنين ثمانية وعشرون ، لكل ابن سبعة .

                                                                                                                الخامسة ، الوصية بالتكملة ، يوصي بمثل نصيب أحد بنيه وتكملة الثلث أو غيره من الأجزاء [ المفتوحة أو الصم بالزيادة التي تزيدها على نصيب المثل حتى يكمل ما ذكر من الأجزاء ] هي التكملة وعنها يقع السؤال ، وبيانه في المثال المتقدم أن تضرب الأربعة سهام الفريضة ومخرج الربع في ثلاثة لذكره الثلث يبلغ [ ص: 118 ] اثني عشر ، النصيب ثلاثة ، وبقية الثلث سهم يأخذه الموصى له بالتكملة ، وتبقى ثمانية للبنين ، لكل ابن سهمان .

                                                                                                                تمهيد : قال ابن يونس : اختلف في ترتيب حساب الوصايا ، فقيل تجعل أصل الفريضة المخرج الذي تقوم منه الوصايا فتخرج الوصايا منه وتقسم ما بقي بين الورثة إن انقسم ، وإلا ضربته حتى يصح الباقي بينهم ، وهو الحسن والأسهل ، وقيل تصح الفريضة بغير وصية ويحمل عليها بقدر الوصية من جميعها والمرجع واحد ، كثلاثة بنين وأوصى بثلث ماله ونصفه وأجازه الورثة ، ومخرج النصف والثلث ستة ، للنصف ثلاثة وللثلث اثنان يبقى واحد منكسر على ثلاثة ، اضرب ثلاثة في المسألة تبلغ ثمانية عشر ، ومن له شيء أخذه مضروبا في ثلاثة ، وعلى القول الثاني يكون للوصايا خمسة أسهم وللبنين سهم ، وسهام الورثة بغير وصية ثلاثة ، يحمل عليها خمسة أمثالها وهي خمسة عشر فيكون ذلك للوصايا ، ويكون لكل ابن من الثلاثة واحد ولا يخرج للوصايا أبدا إلا ما حملت خاصة .

                                                                                                                وإن أوصى بالثلث والربع وترك ثلاثة بنين وبنتا ، فمخرج الوصيتين من اثني عشر لأنه أقل عدد يخرجان منه ، فللوصايا ثلثها وربعها سبعة ، وتبقى خمسة منكسرة على سبعة سهام الورثة ، تضرب سبعة في اثني عشر تبلغ أربعة وثمانين ، للثلث أربعة في سبعة ، وللربع ثلاثة في سبعة ، وللورثة خمسة في سبعة ، وعلى القول الآخر إذا بقي للورثة خمسة فسهام الوصايا مثل ما بقي للورثة ومثل خمسة فاحمل على سهام الورثة ذلك وهو سبعة مثلها ومثل خمسها ، وسبعة لا خمس لها اضربها في خمسة تبلغ خمسة وثلاثين ، ثم احمل عليها مثلها ومثل خمسها وهو سبعة وأربعون تبلغ أربعة وثمانين ، للثلث ثلثها وللربع ربعها ، والجميع فيها سبعة وأربعون وهي التي حملت ، والباقي ينقسم على الورثة ، فقد بان أن المحمول هو الذي يخرج للوصايا ، وإن أوصى بنصف ماله حملت على الفريضة مثلها ، أو بثلثه حملت مثل نصفها أو بربع ماله حملت مثل ثلثها ، لأن مثل الثلث يصير ربعا .

                                                                                                                [ ص: 119 ] السادسة ، قال ابن يونس : إذا ترك ثلاثة بنين وأوصى بزيادة وارث معهم فلا بد أن تضيفه وتعطيه سهما ، وذلك ربع جميع المال ، قاله مالك والفراض ، وإنما اختلفوا إذا أوصى بمثل نصيب أحد بنيه ، وقد تقدم في الوصايا ، فإن ترك ثلاثة بنين وأوصى بمثل نصيب أحدهم ولآخر بثلث ما بقي من الثلث ، اجعل ثلث المال نصيبا مجهولا وثلاثة دراهم ، اعزل نصيب الموصى له بالنصيب ، يبقى من الثلث ثلاثة دراهم ، يأخذ الموصى له بثلث ما بقي منها درهما ، يبقى درهمان تضيفهما لثلثي المال وذلك نصيبان وستة دراهم فيصير نصيبين ثمانية دراهم فذلك الذي يكون للبنين ، ويجب أن يكون لهم ثلاثة أنصباء ، فيصير النصيبان لابنين وثمانية دراهم لنصيب الثالث ، فقد بان النصيب المجهول ثمانية دراهم ، وقد جعلت ثلث المال نصيبا وثلاثة دراهم فيكون الثلث أحد عشر درهما فجميعه ثلاثة وثلاثون ، يخرج الثلث أحد عشر ويخرج للموصى له بالنصيب ثمانية ، وبثلث ما يبقى واحد ، ويبقى اثنان تضيفهما لثلثي المال وهو اثنان وعشرون [ وتكون أربعة وعشرين بين البنين ] ، لكل ابن ثمانية ، كما أخذ الموصى له بالنصيب .

                                                                                                                فإن أوصى بمثل نصيب إحدى الأختين ولآخر بثلث ما يبقى من الثلث ، اجعل الثلث نصيبا وثلاثة دراهم ، فالنصيب للموصى له به ، وثلث الباقي درهم للموصى له بثلث الباقي ، ويبقى درهمان تضيفهما لثلثي المال فيكون نصيبين وثمانية دراهم وهو يعدل أربعة أنصباء لأن الأخت الموصى بمثل نصيبها لها ربع التركة بعد الوصايا ، وذلك نصيبان فثمانية لنصيبين ، لكل نصيب أربعة وثلاثة فذلك سبعة وهذا ثلث المال فجميعه أحد وعشرون ، للموصى له بمثل النصيب من الثلث أربعة ، وبثلث ما يبقى واحد ، ويبقى اثنان يضافان لثلثي المال وهو أربعة عشر بين البنت والأختين ، للبنت ثمانية ، ولكل أخت أربعة مثل الموصى له بمثل نصيبها .

                                                                                                                [ ص: 120 ] فإن ترك ثلاثة بنين وأوصى بمثل نصيب أحد بنيه بربع ما يبقى من الثلث ، اجعل الثلث نصيبا وأربعة دراهم ، فالنصيب للموصى له بمثل نصيبه ، ودرهم للموصى له بربع الباقي ، وتبقى ثلاثة تضيفها لثلثي المال وذلك نصيبان وثمانية دراهم يكون الجميع نصيبين وأحد عشر درهما ، وذلك يعدل ثلاثة أنصباء ، فللموصى له بالنصيب أحد عشر درهما ، وقد جعلت ثلث المال نصيبا وأربعة دراهم وللموصى له بربع الباقي درهم ، وتبقى ثلاثة تضيفها لثلثي المال يصير ثلاثة وثلاثين بين البنين ، لكل ابن أحد عشر مثل الموصى له بالنصيب .

                                                                                                                فإن أوصى له بخمس ما يبقى ، جعلت مع النصيب خمسة وتكمل العمل ، فإن أوصى بمثل نصيب ابنه والبنون أربعة إلا ثلث ما يبقى من الثلث ، [ فعلى قول مالك ينظر مخرج الثلث والربع ، لأنه كالموصي بربع ماله إلا ثلث الباقي من الثلث ] والمخرج اثنا عشر ثلثها أربعة أسقط منها الربع ، فإذا ضرب ثلاثة في اثني عشر تبلغ ستة وثلاثين ، الثلث اثنا عشر ، ثلثها أربعة ، أسقط منها الربع ، فإذا ضرب ثلاثة في اثني عشر تبلغ ستة وثلاثين الثلث اثنا عشر يخرج منه الربع للموصى له بالنصيب ، وهو تسعة ، يبقى ثلاثة ثلثها واحد استرجع واحدا من الربع كقوله إلا ثلث ما يبقى ، يبقى ثمانية أضف ثلاثة والواحد إلى ثلثي المال وذلك أربعة وعشرون تبلغ ثمانية وعشرين ، تقسم على البنين ، لكل ابن سبعة ، وإن قال إلا ربع ما يبقى جعلت مع النصيب أربعة دراهم ، وفي الخمس خمسة دراهم .

                                                                                                                السابعة ، قال : إذا ترك ابنا وبنتين وأوصى لرجل بمثل نصيب إحدى البنات إلا ربع ما يبقى من الثلث ، فنصيب البنت مع عدم الوصية الربع ، فقد أوصى بربع ماله إلا ربع الباقي من الثلث ، ومخرج الربع والثلث اثنا عشر ، ثلثها أربعة ، والربع ثلاثة ، يبقى واحد لا ربع له ، اضرب اثني عشر في أربعة بثمانية وأربعين يخرج منها ستة عشر والربع اثنا عشر تبقى أربعة ، استرجع من الربع مثل ربعها [ ص: 121 ] واحدا وضمه إلى الأربعة تبلغ خمسة ، خمسها واحد للموصى له بخمس الباقي ، وتضم الأربعة لثلثي المال تكون ستة وثلاثين مقسومة على أربعة ، لكل بنت تسعة وللابن ثمانية عشر .

                                                                                                                الثامنة في الجعدية ، إن ترك ابنا وأوصى بثلث ماله ولابنه بثلث ماله ، فإن للأجنبي جميع الثلث ولا يحاصه الوارث بوصيته ، وإن أوصى لزوجته مع ذلك بالثلث قسم الثلث بين الأجنبي والزوجة على ثلاثة عشر سهما ، للأجنبي سبعة ، وللزوجة ستة ، لأنه لما أوصى للابن بالثلث كان ينبغي أن يوصي للزوجة بسبع الثلث ، وهو قد فضلها بستة أسباع الثلث ، فلذلك ضرب للأجنبي بالثلث سبعة ، وهي بتفضيلها ستة أسباع الثلث صارت ثلاثة عشر ، اجعلها ثلث المال يكون جميعه تسعة وثلاثين ، يخرج الثلث للأجنبي وللزوجة ، فإن أجاز الابن أخذت نصيبها من الثلث ، وقسما الثلثين بينهما وذلك ستة وعشرون على ثمانية لا تنقسم وتوافق بالنصف تضرب نصفها أربعة في تسعة وثلاثين تبلغ مائة وستة وخمسين ، من له شيء من تسعة وثلاثين أخذه مضروبا في أربعة ، ومن له شيء من ثمانية أخذه مضروبا في ثلاثة عشر من المنكسر عليها ، فللأجنبي سبعة في أربعة بثمانية وعشرين ، وللزوجة بالوصية ستة في أربعة بأربعة وعشرين ، ولها من الثمانية واحد في ثلاثة عشر صار لها سبعة وثلاثون ، وللابن سبعة في ثلاثة عشر بأحد وتسعين ، وإن لم يجز الابن ردت الزوجة الستة لثلثي المال يصير اثنين وثلاثين ، فلها من ذلك الثلث أربعة ، وللابن الباقي وهو ثمانية وعشرون .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية