مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " فإن  كاتبه على مائة دينار موصوفة الوزن والعين إلى عشر سنين أولها كذا وآخرها كذا يؤدي في انقضاء كل سنة منها كذا   فجائز " .  
قال  الماوردي      : والذي  يعتبر في صحة الكتابة ، شرطان      :  
أحدهما : أن يكون العوض معلوما .  
والثاني : أن يكون الأجل معلوما .  
فأما العلم بالعوض فمن ثلاثة أوجه قدمناها :  
أحدها : معرفة الجنس .  
والثاني : معرفة الصفة .  
والثالث : معرفة القدر .  
فإن جهلا أو أحدهما أحد الثلاثة من جنس ، أو صفة ، أو قدر بطلت الكتابة .  
وأما العلم بالأجل فيكون من ثلاثة أوجه :  
أحدها : تقدير زمانه بالسنين ، أو بالشهور الهلالية . فيقول : قد كاتبتك على مائة دينار في عشر سنين ، فإن ذكر أولها وآخرها كان أوكد ، وإن ذكر أولها ولم يذكر آخرها جاز لأنه يصير معلوما بذكر الأول . فإن ذكر آخرها ، ولم يذكر أولها جاز ، لأنه يصير معلوما بذكر الآخر بعد أن لا يزيد ذكر آخر المدة على العشر ولا ينقص منها ، وإن لم يذكر أولها ولا آخرها فالصحيح من مذهب  الشافعي   وإن كان دليل كلامه هاهنا لا يقتضيه أن تكون الكتابة جائزة ، لأن أول الآجال المستحقة في العقود من وقت عقدها فصار وقت العقد أولها ، وهو معلوم ويصير آخرها بمعرفة الأول معلوما .  
وإنما نص  الشافعي   رضي الله عنه على ذكر أولها وآخرها تأكيدا .  
والثاني من الأوجه الثلاثة : العلم بوقف استحقاقها في كل نجم لبعد ما بين طرفيه . فإذا كانت النجوم عشر سنين ، وجعل محل كل نجم في آخر كل سنة صح ، وإن جعله في أولها لم يصح ، لا للجهل بوقت المحل ولكن لأنه يصير الأول منهما حالا ، والكتابة على حال لا تصح ، وإن كان معها مؤجل وإن جعله في وسطها ففيه وجهان : أحدهما : لا يصح ، لأن وسط السنة ما بين طرفيها فصار مجهولا .  
 [ ص: 152 ] والثاني : يصح ويكون المحل في نصف كل سنة ، لأن الوسط على التحقيق موضوع لاستواء الطرفين ، فلو كاتبه على نجمين في سنتين ليكون محل الأول منهما في أول السنة الأولى ومحل الثاني آخر السنة الثانية لم يجز لما ذكرنا من حلول الأول . ولو جعل المنجم الأول في آخر السنة الأولى ، والثاني في أول السنة الثانية ففيه وجهان :  
أحدهما : لا يصح ، لأنه بالاتصال قد صار نجما واحدا .  
والثاني : يصح لاستحقاق كل واحد منهما في غير زمان الآخر لأن الأول يستحق في آخر أجزاء السنة الأولى ، والثاني مستحق في أول أجزاء السنة الثانية ، فصارا مختلفين وإن اتصلا .  
والثالث : من الأوجه الثلاثة : أن يكون ما يستحق من مال الكتابة في كل نجم معلوما ، سواء تساوى مال النجوم ، أو اختلف ، وتساويه أن يقول : قد كاتبتك على مائة دينار وتؤديها في عشر سنين في آخر كل سنة ، منها عشرة دنانير .  
واختلافه ، أن يقول : على أن تؤدي في آخر السنة الأولى خمسة دنانير وفي آخر الثانية عشرة دنانير ، وفي آخر الثالثة خمسة عشر ، ثم يذكر مثل ذلك في السنين العشر ، فيصح في الحالين مع التساوي والتفاضل . فإن أطلق ولم يذكر قدر ما يستحقه في كل نجم ففيه وجهان :  
أحدهما : أن الكتابة باطلة للجهل بقدر الاستحقاق .  
والوجه الثاني : أن الكتابة جائزة ، ويكون المال مقسوما على أعداد النجوم ، لأن الإطلاق يوجب التسوية ، فإن كانت النجوم خمسة استحق كل نجم خمس المال ، وإن كانت عشرا استحق كل نجم عشر المال .  
				
						
						
