الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ابتاع في مرضه من يعتق عليه من والد أو ولد كان ثمنه معتبرا من ثلثه كعتقه في مرضه ، فإن احتمله الثلث مع الابتياع عتق عليه ، واختلف أصحابنا في توريثه ، فذهب أبو العباس بن سريج وجمهورهم إلى أنه لا يورث ؛ لأن عتقه لما اعتبر من الثلث كان وصية له ، ولا تجتمع الوصية والميراث .

                                                                                                                                            وذهبت طائفة منهم أبو الحسين بن اللبان الفرضي إلى أنه يورث ؛ لأن المعتبر من الثلث هو الثمن ، وهو حق للبائع ، فخرج أن يكون وصية لهذا المعتق ، فإن ضاق الثلث عن ثمنه ، ولم يملك غيره ففيه وجهان :

                                                                                                                                            [ ص: 75 ] أحدهما : يمضي البيع في جميعه ، ويعتق عليه ثلثه ، ويرق ثلثاه لورثته ، ليصير لهم مثلا ما عتق منه ، فإن كان ممن يعتق عليهم عتق من ملكهم ، وكان لهم ولاء ثلثيه ، وللمورث ولاء ثلثه . وإن كانوا ممن لا يعتق عليهم كان ثلثاه باقيا على رقهم .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يمضي البيع في ثلثه ويفسخ في ثلثيه إذا رضي البائع بتفريق الصفقة عليه ، فإن لم يرض بتفريقها ، ففي فسخه وجهان : من اختلاف الوجهين في عتقه : هل وقع بالعقد أو بعد استقراره ؟

                                                                                                                                            أحدهما : ليس له الفسخ إذا قيل : إن العتق وقع بالعقد .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : له الفسخ إذا قيل إن العتق وقع بعد استقرار العقد .

                                                                                                                                            فإن جوز له الفسخ ففسخ عاد رقيقا إلى ملك البائع ، وعاد إلى الورثة جميع الثمن .

                                                                                                                                            وإن منع من الفسخ أمضى البيع في ثلثه ، وعتق على مشتريه ، وفسخ البيع في ثلثيه ، ورد على بائعه ، واسترجع منه ثلثا الثمن ، ولم يجعل لهم ثلثا الرقبة ؛ لأنهم لا يملكون بالميراث إلا ما ملكه الموروث ، والموروث لا يجوز أن يستقر ملكه عليه ، فلم يستقر ملك ورثته عليه ، فلذلك عدل عن توريث رقبته إلى توريث ثمنه ، وإن كان ثلثاه مسترقا في الحالين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية