الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو ادعى أنه دفع أنظر يوما وأكثره ثلاث فإن جاء بشاهد حلف وبرئ " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها أن يدعي المكاتب على سيده أنه دفع إليه مال كتابته ، وينكره السيد فإن لم يكن للمكاتب بينة فالقول قول السيد مع يمينه أنه ما قبض منه مال كتابته ، ويكون المكاتب بعد يمين السيد على حال الكتابة ، فإن نكل السيد عن اليمين ردت على المكاتب ، فإذا حلف برئ وعتق ، وإن كان للمكاتب بينة نظر ، فإن كانت بينته حاضرة سمعت وحكم بها على سيده ، وهي شاهدان أو شاهد وامرأتان ، أو شاهد ويمين ، لأنها على دفع مال ، وإن أفضت إلى العتق ، وليس يمتنع أن تسمع الشهادة فيما يفضي إلى ما لا يثبت بتلك الشهادة ، كما تسمع في الولادة شهادة النساء ، وإن ثبت بها نسب لا يثبت بشهادة النساء ، وإن كانت بينته غائبة قيل له : أتقدر على إحضارها عن قريب ؟ فإن قال : لا . قيل : فأنت كمن لا بينة له ، فيحلف السيد ، ويكون المكاتب باقيا على كتابته ، فإن استرقه السيد بالعجز ثم حضرت بينته من بعد جاز سماعها ، والحكم بعتقه ، لأن البينة العادلة أحق بالحكم من اليمين الكاذبة .

                                                                                                                                            وإن قال : أقدر على إحضار بينتي عن قريب أنظر لإحضارها يوما أو يومين ، [ ص: 197 ] وأكثره ثلاث ، لأن المهلة في إحضار البينة عرف الحكام في الضرورات ، وكان غاية إنظاره ثلاثا ، لئلا يخرج عن حد القلة إلى حد الكثرة ، ويمنع السيد في زمان إنظاره من مطالبته وتعجيزه ، ويمكن العبد فيها من اكتسابه ، لئلا يفوت على أحدهما حقه ، لكن يحجر عليه في كسبه إن أظهر السيد تعجيزه ، ولا يحجر إن لم يظهر تعجيزه ، فإن حضرت البينة سمعت على ما مضى ، وإن تأخرت عن زمان الإنظار أحلف على ما مضى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية