مسألة : قال  الشافعي   ، رضي الله عنه : (  والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم      ) .  
قال  الماوردي      : وهذا صحيح . لا يعتق المكاتب إلا بأداء جميع الكتابة ، وبه قال من الصحابة  عمر   وعثمان   وزيد بن ثابت   وعبد الله بن عمر   وعائشة   وأم سلمة  رضي الله عنهم .  
ومن التابعين :  سعيد بن المسيب   وعمر بن عبد العزيز   والحسن البصري   وسليمان بن يسار   ومجاهد   والزهري      .  
ومن الفقهاء :  مالك   وأبو حنيفة   وسفيان الثوري   وأبو ثور   وأحمد      .  
وحكي عن  ابن عباس   أنه قال : إذا كتبت صحيفة المكاتب عتق بها ، وكان غريما بما عليه .  
وحكي عن  ابن مسعود   رضي الله عنه أنه قال : إذا أدى قدر قيمته عتق وكان غريما بما فضل عنها .  
 [ ص: 180 ] وحكي عن  علي بن أبي طالب   عليه السلام أنه قال : يعتق منه بقدر ما أدى ويرق منه بقدر ما بقي .  
وحكي عن  شريح   أنه قال : إذا أدى ثلث كتابته ، عتق وكان غريما بالباقي . وحكي عن  عروة بن الزبير   رضي الله عنه أنه قال : إذا أدى الشطر عتق ، وكان غريما بالباقي .  
وقد يستدل لهم على اختلاف أقاويلهم بحديث  عكرمة   عن  ابن عباس      :  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يؤدي المكاتب بقدر ما عتق منه دية حر وبقدر ما رق منه دية عبد .  
فدل على أن عتقه لا يقف على أداء جميع المال .  
ودليلنا : حديث  عمرو بن شعيب   ، عن أبيه ، عن جده ،  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء .  
وهذا نص ، وروى  عمرو بن شعيب   ، عن أبيه ، عن جده  عبد الله بن عمرو   رضي الله عنه ،  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أيما عبد كوتب على مائة أوقية فأداها إلا عشرة أواق فهو عبد . أو قال : كوتب على مائة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد "  ولأن الكتابة لا تخلو إما أن يغلب فيها حكم المعاوضة ، فتجري مجرى البيع ، أو يغلب فيها حكم الصفة ، فتجري مجرى العتق بالصفة ، فإن جرت مجرى البيع فالبيع لا يلزم إلا بتسليم جميع ثمنه ، وإن جرى مجرى العتق بالصفة لم تقع إلا بوجود جميع الصفة ، فبطل بهذا ما قالوه .  
فأما حديث  عكرمة   مع ضعفه ، فلا حجة فيه ، لأنه جعل ديته بقدر ما عتق منه ، فلم يكن فيه دليل على قدر ما يعتق منه ، ويكون إن صح محمولا على عتق أحد الابنين على ما مضى .  
				
						
						
