فصل : فإذا ثبت نفوذ تصرفه فيما وصفناه ، فهو ممنوع من تصرفه فيما عداه من هبة ، أو محاباة أو صدقة أو بر ، فإن  وهب بغير إذن سيده كان مردود الهبة ، وإن وهب بإذنه ففي صحة هبته قولان      :  
أحدهما : نص عليه في هذا الموضع ، وأكثر كتبه أن الهبة صحيحة ماضية ، لأن      [ ص: 237 ] ذلك الموهوب لا يتجاوزهما ، وهو موقوف عليهما مع التصرف فيه باجتماعهما كالشريكين .  
والقول الثاني : حكاه  الربيع   ، أن الهبة باطلة مع إذنه كبطلانها بغير إذنه ، لأمرين :  
أحدهما : أن ملك المكاتب ضعيف وملك الموهوب له قوي ، فلم يجز أن يحدث عن الضعيف ما هو أقوى منه .  
والثاني : أن كل واحد منهما ممنوع أن ينفرد بهذا التصرف ، فضعف الإذن عنه ، وصار وجوده كعدمه .  
فأما  خلع المكاتبة   فمن أصحابنا من خرجه على قولين كالهبة ، ومنهم من أبطله قولا واحدا بخلاف الهبة ، للفرق بينهما مما في الهبة من استحقاق المكافأة على قول من أوجبها ، أو جميل الذكر وثواب الآخرة على قول من أسقطها ، وليس في الخلع مكافأة ، ولا ثناء ، ولا ثواب .  
وأما  محاباة المكاتب فيما باع واشترى إذا خرج عما يتغابن الناس بمثله   ، فهو كالهبة إن فعله بغير إذن السيد بذل ، وإن كان بإذنه فعلى القولين ، وكذلك القول فيما تطوع به من صدقة أو نفقة في بر إن كان بغير إذنه مردود إذا أمكن استدراكه ، وبإذنه على القولين .  
				
						
						
