الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ولو جنى جناية أخرى ثم أدى فعتق ففيها قولان : أحدهما أن عليه الأقل من قيمة واحدة أو الجناية يشتركان فيها ، والآخر أن عليه لكل واحد منهما الأقل من قيمته أو الجناية ، وهكذا لو كانت جنايات كثيرة ( قال المزني ) قد قطع في هذا الباب بأن الجنايات متفرقة أو معا فسواء وهو عندي بالحق أولى " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا تكررت جنايات المكاتب لم يخل حال تكررها من أن يكون قبل الغرم أو بعده ، فإن تكررت بعد الغرم كأنه جنى جناية ، فغرمها بأقل الأمرين من قيمته أو أرشها ثم جنى جناية أخرى ، فإنه يضمنها مستأنفا بأقل الأمرين أيضا ، فيصير في كل واحدة من الجنايتين ضامنا لأقل الأمرين في حال الكتابة إن عتق بالأداء ، ويكون السيد ضامنا لذلك إن أعتقه بغير أداء ، وإن تكررت الجناية قبل الغرم كأنه جنى جناية ولم يغرم أرشها حتى جنى جناية أخرى ، ففي قدر ما يضمنه إن أدى فعتق أو يضمنه سيده إن كان هو المعتق قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه يلزم في كل واحدة من الجنايات أقل الأمرين من قيمة كاملة أو أرش الجناية ، لأن لكل جناية حكمها ، فلا تتداخل بعضها في بعض ، ويصير ذلك مفضيا إلى التزام قيمة كثيرة إذا كثرت جناياته .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه لا يغرم في جميع الجنايات ، وإن كثرت إلا أقل الأمرين من قيمة واحدة أو أروش الجنايات كلها ، ويتداخل بعضها في بعض ، لأنه لو بيع فيها بعد عجزه ورقه لم يكن لأرباب الجنايات وإن كثرت أكثر من ثمنه لتداخل بعضها في بعض ، كذلك في عتقه بكتابته أو بعتق سيده ، لكنه إن عتق بالأداء كان الضمان عليه ، وإن أعتقه السيد كان الضمان على سيده ، وإن عجز ورق كان على ما ذكرناه من اختلاف أصحابنا ، هل يعتبر بها الابتداء أو الانتهاء ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية