الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 294 ] باب عجز المكاتب

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وليس لسيده أن يفسخ كتابته حتى يعجز عن أداء نجم فيكون له فسخها بحضرته إن كان ببلده . وإذا قال : ليس عندي مال فأشهد أنه قد عجزه بطلت كان عند سلطان أو غيره . واحتج في ذلك بابن عمر " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد ذكرنا أن الكتابة لازمة من جهة السيد دون المكاتب لما قدمناه من الفرق بينهما من وجهين ، فإذا لم تحل أنجم الكتابة فلا مطالبة للسيد ، والسيد على كتابته ونفوذ تصرفه ، ويملك كسبه ، فإن حل النجم وأداه المكاتب خرج به من حق السيد ، فإن كان آخر نجم عتق به ، وإن كان في تضاعيف نجومه كان عتقه موقوفا على الأخير ، وإن لم يؤد المكاتب مال النجم عند حلوله لم يخل أن يكون ذلك لعجز منه أو مع قدرة عليه ، فإن كان لعجز عنه وإعسار به ، فالسيد بالخيار بين إنظاره وبين تعجيزه ، وتفسخ كتابته اعتبارا بأصلين :

                                                                                                                                            أحدهما : فسخ البيوع بالعيوب ، لأن عجزه عيب .

                                                                                                                                            والثاني : استرجاع البائع عين ماله بالفلس ، لأن عجزه فلس ، فإن أنظره كان على كتابته ، وإن عجزه فسخ واحتاج الفسخ إلى شرطين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يقول المكاتب : قد عجزت ، ويقول السيد : قد فسخت كتابتك ، ويستحب أن يشهد بالفسخ استظهارا ، وإن لم يجب ، ويجوز الفسخ ، وإن لم يحضره حاكم اعتبارا بالفسخ بالعيب ، للاتفاق على حكمه دون الفسخ بالفلس للاختلاف فيه ، وقد روى نافع عن ابن عمر أنه كاتب عبدا له على ثلاثين ألف درهم ، فقال : أنا عاجز ، فقال : امح كتابتك ، قال : بل امح أنت . يعني به الفسخ ، ولم يحضره حاكم ، فإذا فسخ بطلت الكتابة سواء كان العجز عن آخر نجم أو عن أوله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية