الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
9306 - الناس معادن، والعرق دساس، وأدب السوء كعرق السوء (هب) عن ابن عباس - (ض)

التالي السابق


(الناس معادن) كمعادن الذهب والفضة، ومعدن كل شيء أصله، أي أصول بيوتهم تعقب أمثالها، ويسري كرم أعراقها إلى فروعها، والمعادن جمع معدن من عدن بالمكان: أقام، ومنه سمي المعدن؛ لأن الناس يقيمون فيه صيفا وشتاء، ومعدن كل شيء مركزه كما في الصحاح، وبه يعرف أن إطلاق اسم المعدن على بعض الأجساد كالذهب من تسمية الشيء باسم مركزه، والحديث ورد على منهج التشبيه في التفاضل في الصفات الوهبية والكسبية، كالأخلاق الجبلية والآداب الحاصلة بواسطة الأدلة، وشتان في القياس بين الذهب والفضة، والرصاص والنحاس ، فبقدر ما بين ذلك من التفاوت تكون الصفة في الأشخاص، فكأنه قال: الناس يتفاوتون في الصفات الذاتية والعرضية كما تتفاوت المعادن في ذواتها وأعراضها القائمة بها من العلل والأدناس، ذكره بعضهم، وقال القاضي: المعدن المستقر والمستوطن من عدن بالبلد إذا توطنه، فكما أن المعادن منها ما يحصل منه شيء يعبأ به، ومنها ما يحصل منه بكد وتعب كثير شيء قليل، ومنها ما هو بعكسه، ومنها ما يظفر منه بمغارات مملوءة ذهبا، فمن الناس من لا يعي ولا يفقه ولا تغني عنه الآيات والنذر، ومنهم من يحصل له علم قليل واجتهاد طويل، ومنهم من هو بالعكس، ومنهم من تفيض عليه من حيث لا يحتسب بلا سوق وطلب معالم كثيرة، وتنكشف له المغيبات، ولم يبق بينه وبين القدس حجاب، وذا من جوامع الكلم الذي أوتيها المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأفاد الترغيب في تطبع الأوصاف الجميلة، والتوصل إليها بكل حيلة (والعرق دساس، وأدب السوء كعرق السوء) فعلى العاقل أن يتخير لنطفته، ولا يضعها إلا في أصل أصيل وعنصر طاهر؛ فإن الولد فيه عرق ينزع إلى أمه، فهو تابع لها في الأخلاق والطباع، إشارة إلى أن ما في معادن الطباع من جواهر مكارم الأخلاق وضدها ينبغي استخراجه برياضة النفس كما يستخرج جوهر المعدن بالمقاساة والتعب، قال بعضهم: ومن كان وليا في علم الله فلا تتغير ولايته وإن وقع في معصية؛ لأن الحقائق الوضعية لا يقدح فيها النقائص الكسبية، فالذهب والفضة موجودان في المعادن، والمعدن الأصلي صحيح، لكن قد يدخل عليه علل نفسية في ظاهره فيعالج لتزول، فكما أن المعدن في أصله صحيح لا يخرج عن معدنيته، فكذا المؤمن الحقيقي أو الولي الحقيقي: لا يخرجه ما جرى على جوارحه من النقائص عن حقيقة إيمانه أو ولايته، وقال بعضهم: المراد أن كل من كان أصله عند الله مؤمنا فهو يرجع إلى أصله كالمعدن، ومن كان عنده كافرا رجع إلى أصله كذلك، وحقيقة الأمر مستورة عنا الآن، لأنه تعالى يفعل ما يشاء، فيقلب التراب ذهبا وعكسه، والجماد مائعا وعكسه، والنبات حيوانا وعكسه

(هب عن ابن عباس ) قال ابن الجوزي : حديث لا يصح، والحميدي تكلم في محمد بن سليمان أحد رجاله، [ ص: 296 ] وقال النسائي : ضعيف، وابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه، لا في سنده ولا في متنه، وفي الميزان: محمد بن سليمان ضعفه النسائي وابن أبي حاتم ، وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه متنا ولا إسنادا، ومن ذلك هذا الخبر، وساق هذا.



الخدمات العلمية