الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
815 - ( 4 ) - حديث معاذ بن جبل : { بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ، فأمرني أن آخذ من كل أربعين مسنة ، ومن كل ثلاثين تبيعا . } أبو داود والنسائي من رواية أبي وائل ، عن معاذ ، أتم منه ، ورواه النسائي وباقي أصحاب السنن وابن حبان والدارقطني والحاكم من رواية أبي وائل ، عن مسروق عنه ، ورجح الترمذي والدارقطني في العلل الرواية المرسلة ، ويقال : إن مسروقا أيضا لم يسمع من معاذ ، وقد بالغ ابن حزم في تقرير ذلك ، وقال ابن القطان : هو على الاحتمال وينبغي أن يحكم لحديثه بالاتصال على رأي الجمهور . وقال ابن عبد البر في التمهيد : إسناده متصل صحيح ثابت ، وهم عبد الحق فنقل عنه أنه قال : مسروق لم يلق معاذا ، وتعقبه ابن القطان بأن أبا عمر إنما قال ذلك في رواية مالك ، عن حميد بن قيس ، عن طاوس ، عن معاذ ، وقد قال الشافعي : طاوس عالم بأمر معاذ - وإن لم يلقه - لكثرة من لقيه ممن أدرك معاذا ، وهذا مما لا أعلم من أحد فيه خلافا ، انتهى . [ ص: 300 ] وقد رواه الدارقطني من طريق المسعودي ، عن الحكم أيضا ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا . . . وهذا موصول لكن المسعودي اختلط ، وتفرد بوصله عنه بقية بن الوليد ، وقد رواه الحسن بن عمارة عن الحكم أيضا ، لكن الحسن ضعيف ، ويدل على ضعفه قوله فيه : إن معاذا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن فسأله ، ومعاذ لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم كان قد مات . ورواه مالك في الموطأ من حديث طاوس ، عن معاذ أنه أخذ من ثلاثين بقرة تبيعا ، ومن أربعين بقرة مسنة ، وأتي بما دون ذلك ، فأبى أن يأخذ منه شيئا ، وقال : لم نسمع فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا حتى ألقاه ، فتوفي صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم معاذ بن جبل قال ابن عبد البر : ورواه قوم ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، عن معاذ ، إلا أن الذين أرسلوا أثبت من الذين أسندوه ، قلت : ورواه البزار والدارقطني من طريق ابن عباس بلفظ : { لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن ، أمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا ، أو تبيعة جذعا أو جذعة } - الحديث - لكنه من طريق بقية عن المسعودي ، وهو ضعيف كما تقدم ، وقال البيهقي : طاوس وإن لم يلق معاذا إلا أنه يماني ، وسيرة معاذ بينهم مشهورة . وقال عبد الحق : ليس في زكاة البقرة حديث متفق على صحته - يعني في النصب - وقال ابن جرير الطبري : صح الإجماع المتيقن المقطوع به الذي لا اختلاف فيه : أن في كل خمسين بقرة بقرة ، فوجب الأخذ بهذا ، وما دون ذلك فمختلف ولا نص في إيجابه ، وتعقبه صاحب الإلمام بحديث عمرو بن حزم الطويل في الديات وغيرها ، فإن فيه : في كل ثلاثين باقورة ; تبيع جذع أو جذعة ، وفي كل أربعين باقورة بقرة ، وقال ابن عبد البر في الاستذكار : لا خلاف بين العلماء أن السنة في زكاة البقر على ما في حديث معاذ هذا ، وأنه النصاب المجمع عليه فيها . قوله : ورد في الأخبار الجذع مكان التبيع ، تقدم قريبا وهو في رواية النسائي [ ص: 301 ] من طريق أبي وائل ، عن معاذ

التالي السابق


الخدمات العلمية