الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام فيه أوضح الدلالة على بطلان قول النصارى [ ص: 108 ] في أن المسيح إله ؛ لأن من احتاج إلى الطعام فسبيله سبيل سائر العباد في الحاجة إلى الصانع المدبر ؛ إذ كان من فيه سمة الحدث لا يكون قديما ، ومن يحتاج إلى غيره لا يكون قادرا لا يعجزه شيء . وقد قيل في معنى قوله : كانا يأكلان الطعام إنه كناية عن الحدث ؛ لأن كل من يأكل الطعام فهو محتاج إلى الحدث لا محالة .

وهذا وإن كان كذلك في العادة فإن الحاجة إلى الطعام والشراب وما يحتاج المحتاج إليهما من الجوع والعطش ظاهر الدلالة على حدث المحتاج إليهما وعلى أن الحوادث تتعاقب عليه ، وأن ذلك ينفي كونه إلها وقديما . قوله تعالى : لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم قال الحسن ومجاهد والسدي وقتادة : " لعنوا على لسان داود فصاروا قردة وعلى لسان عيسى فصاروا خنازير " . وقيل : إن فائدة لعنهم على لسان الأنبياء إعلامهم الإياس من المغفرة مع الإقامة على الكفر والمعاصي ؛ لأن دعاء الأنبياء عليهم السلام باللعن والعقوبة مستجاب . وقيل : إنما ظهر لعنهم على لسان الأنبياء لئلا يوهموا الناس أن لهم منزلة بولادة الأنبياء تنجيهم من عقاب المعاصي .

التالي السابق


الخدمات العلمية