الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويضحي بالجماء والخصي والثولاء ) أي المجنونة ( إذا لم يمنعها من السوم والرعي ) ( ، وإن منعها لا ) تجوز التضحية بها ( والجرباء السمينة ) فلو مهزولة لم يجز ، لأن الجرب في اللحم نقص ( لا ) ( بالعمياء والعوراء والعجفاء ) المهزولة التي لا مخ في عظامها ( والعرجاء التي لا تمشي إلى المنسك ) أي المذبح ، والمريضة البين مرضها ( ومقطوع أكثر الأذن أو الذنب أو العين ) أي التي ذهب أكثر نور عينها فأطلق القطع على الذهاب [ ص: 324 ] مجازا ، وإنما يعرف بتقريب العلف ( أو ) أكثر ( الألية ) لأن للأكثر حكم الكل بقاء وذهابا فيكفي بقاء الأكثر ، وعليه الفتوى مجتبى ( ولا ) ( بالهتماء ) التي لا أسنان لها ، ويكفي بقاء الأكثر ، وقيل ما تعتلف به ( والسكاء ) التي لا أذن لها خلقة فلو لها أذن صغيرة خلقة أجزأت زيلعي ( والجذاء ) مقطوعة رءوس ضرعها أو يابستها ، ولا الجدعاء : مقطوعة الأنف ، ولا المصرمة أطباؤها : وهي التي عولجت حتى انقطع لبنها ، [ ص: 325 ] ولا التي لا ألية لها خلقة مجتبى ، ولا بالخنثى لأن لحمها لا ينضج شرح وهبانية ، وتمامه فيه ( و ) لا ( الجلالة ) التي تأكل العذرة ولا تأكل غيرها .

التالي السابق


( قوله ويضحي بالجماء ) هي التي لا قرن لها خلقة وكذا العظماء التي ذهب بعض قرنها بالكسر أو غيره ، فإن بلغ الكسر إلى المخ لم يجز قهستاني ، وفي البدائع إن بلغ الكسر المشاش لا يجزئ والمشاش رءوس العظام مثل الركبتين والمرفقين ا هـ ( قوله والثولاء ) بالمثلثة . في القاموس الثول بالتحريك استرخاء في أعضاء الشاة خاصة ، أو كالجنون يصيبها فلا تتبع الغنم وتستدير في مرتعها ( قوله والرعي ) عطف تفسير ط ( قوله فلو مهزولة إلخ ) قال في الخانية : وتجوز بالثولاء والجرباء السمينتين ، فلو مهزولتين لا تنقي لا يجوز إذا ذهب مخ عظمها ، فإن كانت مهزولة فيها بعض الشحم جاز يروى ذلك عن محمد ا هـ قوله لا تنقي مأخوذ من النقي بكسر النون وإسكان القاف : هو المخ : أي لا مخ لها ، وهذا يكون من شدة الهزال فتنبه . قال القهستاني : واعلم أن الكل لا يخلو عن عيب ، والمستحب أن يكون سليما عن العيوب الظاهرة ، فما جوز ههنا جوز مع الكراهة كما في المضمرات

( قوله المهزولة إلخ ) تفسير مراد ، لأن العجف محركا : ذهاب السمن كما في القاموس ، فلا يضر أصل الهزال كما علم مما قدمناه ، ولذا قيدت في حديث الموطإ { والعجفاء التي لا تنقي } ( قوله والعرجاء ) أي التي لا يمكنها المشي برجلها العرجاء إنما تمشي بثلاث قوائم ، حتى لو كانت تضع الرابعة على الأرض وتستعين بها جاز عناية ( قوله إلى المنسك ) بكسر السين والقياس الفتح ( قوله ومقطوع أكثر الأذن إلخ ) في البدائع : لو ذهب بعض الأذن أو الألية أو الذنب أو العين . ذكر في الجامع الصغير إن كان كثيرا يمنع ، وإن يسيرا لا يمنع . واختلف أصحابنا في الفاصل بين القليل والكثير ؟ فعن أبي حنيفة أربع روايات . روى محمد عنه في الأصل والجامع الصغير أن المانع ذهاب أكثر من الثلث ، وعنه أنه الثلث ، وعنه أنه الربع ، وعنه أن يكون الذاهب أقل [ ص: 324 ] من الباقي أو مثله ا هـ بالمعنى والأولى هي ظاهر الرواية ، وصححها في الخانية حيث قال : والصحيح أنه الثلث ، وما دونه قليل ، وما زاد عليه كثير وعليه الفتوى ا هـ ومشى عليها في مختصر الوقاية والإصلاح . والرابعة هي قولهما قال في الهداية . وقالا : إذا بقي الأكثر من النصف أجزأه ، وهو اختيار الفقيه أبي الليث ، وقال أبو يوسف : أخبرت بقولي أبا حنيفة فقال قولي هو قولك ، قيل هو رجوع منه إلى قول أبي يوسف ، وقيل معناه قولي قريب من قولك .

وفي كون النصف مانعا روايتان عنهما ا هـ . وفي البزازية : وظاهر مذهبهما أن النصف كثير ا هـ . وفي غاية البيان : ووجه الرواية الرابعة وهي قولهما وإليها رجع الإمام أن الكثير من كل شيء أكثره ، وفي النصف تعارض الجانبان ا هـ أي فقال بعدم الجواز احتياطا بدائع ، وبه ظهر أن ما في المتن كالهداية والكنز والملتقى هو الرابعة ، وعليها الفتوى كما يذكره الشارح عن المجتبى ، وكأنهم اختاروها لأن المتبادر من قول الإمام السابق هو الرجوع عما هو ظاهر الرواية عنه إلى قولهما والله تعالى أعلم . وفي البزازية : وهل تجمع الخروق في أذني الأضحية ؟ اختلفوا فيه . قلت : وقدم الشارح في باب المسح على الخفين أنه ينبغي الجمع احتياطا ( قوله مجازا ) من إطلاق السبب أو الملزوم وإرادة المسبب أو اللازم ( قوله وإنما يعرف إلخ ) قال في الهداية : ومعرفة المقدار في غير العين متيسرة . وفي العين قالوا : تشد المعيبة بعد أن لا تعتلف الشاة يوما أو يومين ثم يقرب العلف إليها قليلا قليلا فإذا رأته من موضع أعلم عليه ثم تشد الصحيحة وقرب إليها العلف كذلك فإذا رأته من مكان أعلم عليه ثم ينظر إلى تفاوت ما بينهما ، فإن كان ثلثا فالذاهب هو الثلث وإن نصفا فالنصف ا هـ ( قوله الألية ) بفتح الهمزة كسجدة وجمعه كما في القاموس أليات وألايا

( قوله وقيل ما تعتلف به ) هو وما قبله روايتان حكاهما في الهداية عن الثاني ، وجزم في الخانية بالثانية ، وقال قبله : والتي لا أسنان لها وهي تعتلف أو لا تعتلف لا تجوز ( قوله التي لا أذن لها خلقة ) قال في البدائع : ولا تجوز مقطوعة إحدى الأذنين بكمالها والتي لها أذن واحدة خلقة ا هـ ( قوله فلو لها أذن صغيرة خلقة أجزأت ) وهذه تسمى صمعاء بمهملتين كما في القاموس ( قوله والجذاء إلخ ) هي بالجيم : التي يبس ضرعها ، وبالحاء : المقطوعة الضرع عيني وهي في عدة نسخ بالذال المعجمة ولم يذكر في القاموس شيئا من المعنيين ، نعم ذكر الجذ بالجيم القطع المستأصل وبالحاء خفة الذنب ، وذكر الجداء بالجيم والدال المهملة الصغيرة الثدي ، والمقطوعة الأذن ، والذاهبة اللبن ، ومثله في نهاية ابن الأثير . والذاهبة اللبن يأتي حكمها وفي الظهيرية : ولا بأس بالجداء ، وهي الصغيرة الأطباء جمع طبي : وهو الضرع ( قوله ولا الجدعاء ) بالجيم والدال والعين المهملتين ، وفي بعض النسخ بالذال المعجمة وهي تحريف وفي بعضها بالمعجمة والميم بعدها ولا يناسب تفسير الشارح وإن كان المعنى صحيحا لأن الأجذم مقطوع اليد أو الذاهب الأنامل قاموس ، وصرح في الدرر بأن مقطوعة اليد أو الرجل لا تجوز ( قوله ولا المصرمة أطباؤها ) مصرمة كمعظمة ، من الصرم : وهو القطع ، والأطباء بالطاء المهملة جمع طبي بالكسر والضم : حلمات الضرع التي من خف وظلف وحافر وسبع قاموس ، وما رأيناه في عدة نسخ بالظاء المعجمة تحريف

( قوله وهي إلخ ) فسرها الزيلعي بالتي لا تستطيع أن ترضع فصيلها ، وهو تفسير بلازم المعنى ; لما في القاموس : هي ناقة يقطع [ ص: 325 ] أطباؤها ليبس الإحليل فلا يخرج اللبن ليكون أقوى لها ، وقد يكون من انقطاع اللبن بأن يصيب ضرعها شيء فيكون فينقطع لبنها ا هـ . وفي الخلاصة : مقطوعة رءوس ضروعها لا تجوز ، فإن ذهب من واحدة أقل من النصف فعلى ما ذكرنا من الخلاف في العين والأذن . وفي الشاة والمعز إذا لم يكن لهما إحدى حلمتيهما خلقة أو ذهبت بآفة وبقيت واحدة لم يجز ، وفي الإبل والبقر إن ذهبت واحدة يجوز أو اثنتان لا ا هـ وذكر فيها جواز التي لا ينزل لها لبن من غير علة . وفي التتارخانية والشطور لا تجزئ ، وهي من الشاة ما قطع اللبن عن إحدى ضرعيها ، ومن الإبل والبقر ما قطع من ضرعيها لأن لكل واحد منهما أربع أضرع ( قوله ولا التي لا ألية لها خلقة ) الشاة إذا لم يكن لها أذن ولا ذنب خلقة .

قال محمد : لا يكون هذا ولو كان لا يجوز ، وذكر في الأصل عن أبي حنيفة أنه يجوز خانية ثم قال : وإن كان لها ألية صغيرة مثل الذنب خلقة جاز أما على قول أبي حنيفة فظاهر لأن عنده لو لم يكن لها أذن أصلا ولا ألية جاز ، وأما على قول محمد صغيرة الأذنين جائزة ، وإن لم يكن لها ألية ولا أذن خلقة لا يجوز ( قوله لأن لحمها لا ينضج ) من باب سمع . وبهذا التعليل اندفع ما أورده ابن وهبان من أنها لا تخلو إما أن تكون ذكرا أو أنثى ، وعلى كل تجوز ( قوله ولا الجلالة إلخ ) أي قبل الحبس . قال في الخانية : فإن كانت إبلا تمسك أربعين يوما حتى يطيب لحمها والبقر عشرين وللغنم عشرة ( قوله ولا تأكل غيرها ) أفاد أنها إذا كانت تخلط تجزي ط . [ تتمة ]

تجوز التضحية بالمجبوب العاجز عن الجماع ، والتي بها سعال ، والعاجزة عن الولادة لكبر سنها ، والتي لها كي ، والتي لا لسان لها في الغنم خلاصة : أي لا البقر لأنه يأخذ العلف باللسان والشاة بالسن كما في القهستاني عن المنية ، وقيل إن انقطع من اللسان أكثر من الثلث لا يجوز . أقول : وهو الذي يظهر قياسا على الأذن والذنب بل أولى لأنه يقصد بالأكل ، وقد يخل قطعه بالعلف تأمل وفي البدائع : وتجزي الشرقاء مشقوقة الأذن طولا والخرقاء : مثقوبة الأذن ، والمقابلة ما قطع من مقدم أذنها شيء وترك معلقا ; والمدابرة : ما فعل ذلك بمؤخر الأذن من الشاة ، والنهي الوارد محمول على الندب ، وفي الخرقاء على الكثير على الاختلاف في حد الكثير على ما بينا ا هـ بدائع ، وتجوز الحولاء : ما في عينها حول ، والمجزوزة التي جز صوفها خانية ، وقدمنا أن ما جوز هنا جوز مع الكراهة لأنه خلاف المستحب




الخدمات العلمية