الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) لا في ( قطع يد من نصف الساعد ) لما مر ( و ) لا في ( جائفة برئت ) فلو لم تبرأ ، فإن سارية يقتص وإلا ينتظر البرء أو السراية ابن كمال ( ولسان وذكر ) ولو من أصلهما به يفتى شرح وهبانية ، وأقره المصنف لأنه ينقبض وينبسط .

قلت : لكن جزم قاضي خان بلزوم القصاص ، وجعله في المحيط قول الإمام . ونصه قال أبو حنيفة : [ ص: 555 ] إن قطع الذكر ذكره من أصله أو من الحشفة اقتص منه إذ له حد معلوم ، وأقره في الشرنبلالية فليحفظ ( إلا أن يقطع ) كل ( الحشفة ) فيقتص ، ولو بعضها لا ، وسيجيء ما لو قطع بعض اللسان .

( ويجب القصاص في الشفة إن استقصاها بالقطع ) لإمكان المماثلة ( وإلا ) يستقصها ( لا ) يقتص مجتبى وجوهرة ، وفي لسان أخرس وصبي لا يتكلم حكومة عدل ( فإن كان القاطع أشل أو ناقص الأصابع أو كان رأس الشاج أكبر ) من المشجوج ( خير المجني عليه بين القود و ) أخذ ( الأرش ) وعلى هذا في السن وسائر الأطراف التي تقاد إذا كان طرف الضارب والقاطع معيبا يتخير المجني عليه بين أخذ المعيب والأرش كاملا . قال برهان الدين هذا لو الشلاء ينتفع بها ، فلو لم ينتفع بها لم تكن محلا للقود ، فله دية كاملة بلا خيار ، وعليه [ ص: 556 ] الفتوى مجتبى . وفيه : لا تقطع الصحيحة بالشلاء .

التالي السابق


( قوله ولا في قطع يد إلخ ) أي بل فيه حكومة عدل أتقاني ( قوله لما مر ) أي من امتناع رعاية المماثلة ط ( قوله ولا في جائفة برئت ) ; لأن البرء نادر فيفضي الثاني إلى الهلاك ظاهرا هداية . والجائفة : هي التي تصل إلى البطن من الصدر أو الظهر أو البطن فلا قصاص لانتفاء شرطه بل يجب ثلث الدية ، ولا تكون الجائفة في الرقبة والحلق واليدين والرجلين ، ولو في الأنثيين والدبر فهي جائفة أتقاني ( قوله فإن سارية ) بأن مات منها . والأخصر من يقال فلو لم تبرأ ينتظر البرء أو السراية فيقتص ( قوله به يفتى ) وهو الصحيح قهستاني عن المضمرات ، وهو مفاد إطلاق المتون ولا سيما والاستثناء من أدوات العموم وهو قولهم إلا أن يقطع الحشفة فيفيد أن لا قصاص في قطع غيرها أصلا ( قوله لكن جزم قاضي خان بلزوم القصاص ) يعني في الذكر وحده إذا قطع من أصله لا في اللسان فإن قال في الخانية : رجل قطع [ ص: 555 ] لسان إنسان ذكر في الأصل أنه لا قصاص فيه ، وقال أبو يوسف : لا قصاص في بعض اللسان ا هـ .

ثم قال في الخانية : وفي قطع الذكر من الأصل عمدا قصاص ، وإن قطع من وسطه فلا قصاص فيه وهذا في ذكر الفحل ، فأما في ذكر الخصي والعنين حكومة عدل . وفي ذكر المولود إن تحرك يجب القصاص إن كان عمدا ، والدية إن كان خطأ ، وإن لم يتحرك كان فيه حكومة عدل . ولا قصاص في قطع اللسان ا هـ فقد فرق بين اللسان والذكر كما ترى ، ولعله لعسر استقصاء اللسان من أصله ، بخلاف الذكر ، لكن قاضي خان نفسه حكى في شرحه على الجامع الصغير رواية أبي يوسف في الذكر واللسان وصحح قول الإمام ، فإنه قال فيما إذا قطع ذكر مولود بدا صلاحه بالتحرك ، وإن قطع الذكر من أصله عمدا اختلفت الروايات فيه : روى بشر عن أبي يوسف أنه يجب فيه القصاص . وروى محمد عن أبي حنيفة عدمه ا هـ ملخصا . ثم قال : وإن قطع لسان صبي قد استهل ففيه حكومة عدل ; لأنه لم يعرف صلاحه بالدليل ، وإن تكلم ففيه دية كاملة ، ولم يذكر فيه القود فدل على أنه لا يجب القصاص في اللسان قطع كله أو بعضه وهكذا روي عن أبي حنيفة . وعن أبي يوسف : إذا قطع الكل يجب القصاص ، والصحيح قول أبي حنيفة ا هـ وقد علمت أن قول الإمام هو ظاهر إطلاق المتون .

وفي القهستاني أنه ظاهر رواية . وفي تصحيح العلامة قاسم والصحيح ظاهر الرواية ( قوله إن قطع الذكر ذكره من أصله ) كذا في عامة النسخ ولفظ الذكر ساقط من عبارة الشرنبلالية ، والمراد به الرجل وهو فاعل قطع وذكره مفعوله أي ذكر رجل آخر ، واحترز بذلك عما لو كان القاطع أو المقطوع امرأة فإنه لا قصاص كما لا يخفى ( قوله وأقره في الشرنبلالية ) لكن قال الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية : والفتوى على أنه لا قصاص في اللسان والذكر وهو قول الجمهور كما في الهداية وغيرها ا هـ ( قوله وسيجيء ) أي في أول كتاب الديات ( قوله فإن كان القاطع أشل ) أي في حال القطع ، أما إذا كانت يد القاطع صحيحة ثم شلت بعد القطع فلا حق للمقطوع في الأرش لأن حق المقطوع كان متقررا في اليد فيسقط بقدر هلاك المحل ا هـ ط عن الولوالجية ( قوله أو كان رأس الشاج أكبر ) بأن كانت الشجة تستوعب ما بين قرني المشجوج دون الشاج ، وفي عكسه يخير أيضا ; لأنه يتعذر الاستيفاء كملا للتعدي إلى غير حقه ، وكذا إذا كانت الشجة في طول الرأس وهي تأخذ من جبهته إلى قفاه ولا تبلغ إلى قفا الشاج فهو بالخيار هداية ( قوله خير المجني عليه إلخ ) لأن استيفاء الحق كملا متعذر فله أن يتجوز بدون حقه ، وله أن يعدل إلى العوض .

ولو سقطت : أي يد الجاني لآفة قبل اختيار المجني عليه أو قطعت ظلما فلا شيء عندنا ; لأن حقه متعين في القصاص ، وإنما ينتقل إلى المال باختياره فيسقط بفواته ، بخلاف ما إذا قطعت بحق عليه من قصاص أو سرقة حيث يجب عليه الأرش ; لأنه : أي الجاني أوفى به حقا مستحقا فصارت سالمة له هداية . قال الزيلعي : بخلاف [ ص: 556 ] النفس إذا وجب على القاتل القصاص لغيره فقتل به حيث لا يضمن ; لأنها ليست بمعنى المال فلم تسلم له ( قوله مجتبى ) نقله عنه في المعراج وأقره ، وذكره في التتارخانية أيضا ( قوله لا تقطع الصحيحة بالشلاء ) هذا نظير ما قدمه من أنه لا تقاد العين الصحيحة بالحولاء .

وفي التتارخانية إذا كان باليد المقطوعة جراحة لا توجب نقصان دية اليد بأن كان نقصانا لا يوهن في البطش فإنه لا يمنع وجوب القصاص ، وإن كان يوهن حتى يجب بقطعه حكومة عدل لا نصف الدية كان بمنزلة اليد الشلاء ، لا تقطع الصحيحة بالشلاء ا هـ ملخصا




الخدمات العلمية