الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا يضمن من ملأ أرضه ماء فنزت أرض جاره أو غرقت ) لأنه متسبب غير متعد وهذا إذا سقاها سقيا معتادا تتحمله أرضه عادة وإلا فيضمن وعليه الفتوى . وفي الذخيرة وهذا إذا سقى في نوبته مقدار حقه وأما إذا سقى في غير نوبته أو زاد على حقه يضمن على ما قال إسماعيل الزاهد قهستاني ( ولا يضمن من سقى أرضه ) أو زرعه ( من شرب غيره بغير إذنه ) في رواية الأصل وعليه الفتوى شرح وهبانية وابن الكمال عن الخلاصة لما مر أنه غير متقوم ولو تصدق [ ص: 447 ] بنزله فحسن لبقاء الماء الحرام فيه بخلاف العلف المغصوب فإن الدابة إذا سمنت به انعدم وصار شيئا آخرقهستاني ( فإن تكرر ذلك منه ) لا ضمان و ( أدبه الإمام بالضرب والحبس إن رأى ) الإمام ( ذلك ) خانية وتمامه في شرح الوهبانية قال وجوز بعض مشايخ بلخ بيع الشرب لتعامل أهل بلخ والقياس يترك للتعامل ، ونوقض بأنه تعامل أهل بلدة واحدة وأفتى الناصحي بضمانه ذكره في جواهر الفتاوى قال : وينفذ الحكم بصحة بيعه فليحفظ قلت : وفي الهداية وشروحها من البيع الفاسد أنه يضمن بالإتلاف فلو سقى أرض نفسه بماء غيره ضمنه وبه جزم في النقاية هنا فافهم . قلت : وقد مر ما عليه الفتوى فتنبه وفي الوهبانية : وساق بشرب الغير ليس بضامن وضمنه بعض وما مر أظهر     وما جوزوا أخذ التراب الذي على
جوانب نهر دون إذن يقرر [ ص: 448 ]

    ولو حفروا نهرا وألقوا ترابه
فلو في حريم ليس بالنقل يؤمر



التالي السابق


( قوله لأنه متسبب غير متعد ) فهو كحافر البئر وواضع الحجر في أرضه لا يضمن ما تلف به ( قوله وإلا فيضمن ) كما لو أوقد نارا في دار لا يوقد مثلها عادة فاحترقت دار جاره وأما إذا كان في أرضه ثقب فغرقت أرض جاره ، فإن علم به ضمن وإلا لا أتقاني ( قوله وهذا إذا سقى ) الإشارة إلى عدم الضمان إذا سقاها معتادا كما أفصح عنه في الذخيرة ( قوله وأما إذا سقى إلخ ) أي سواء كان معتادا أو لا كما أفاده ما ذكرنا من مرجع الإشارة قال ط : وقد علمت ما عليه الفتوى وهو أن الاعتبار للمعتاد وغيره ( قوله على ما قال إسماعيل الزاهد ) هذا يقتضي انفراده مما ذكر وأن الجمهور على الأول ط وفي بعض النسخ الزاهدي بالياء موافقا لما في القهستاني لكن الذي رأيته في الذخيرة وغيرها بدون ياء ( قوله لما مر إلخ ) قال في الذخيرة : وإنما لا يضمن لوجهين .

أحدهما أنه يملك استهلاكه للشفعة ، ومن ملك استهلاك شيء بجهة [ ص: 447 ] فاستهلكه بجهة أخرى لا يضمن كمن دخل دار الحرب فاستهلك العلف لأنه يملك استهلاكه بعلف دابته ، الثاني أن الماء قبل الإحراز بالأواني لا يملك فقد أتلف ما ليس بمملوك لغيره ا هـ ( قوله بنزله ) أي بضمتين أي ريعه ونمائه كما في القاموس ( قوله فحسن ) يشير إلى أنه غير واجب وإنما هو للتنزه . قال القهستاني : وفي التتمة أن الماء وقع في كرم زاهد في غير نوبته أمر بقطعه وعن بعضهم أنه ضرح منه التراب المبلول وقال الفقيه : لا آمر به ولو تصدق بنزله لكان حسنا وهذا أفضل ( قوله لبقاء الماء الحرام فيه ) هذا يقتضي الوجوب على أنه لا يظهر إلا على مقابل المفتى به من أنه يملك فيضمنه لمالكه أي إن علم تأمل .

( قوله إذا سمن ) الأولى سمنت ( قوله انعدم وصار شيئا آخر ) أي دما أو فرثا أو لحما ونحوه فلا يطلب منه التصدق بها ط ( قوله فإن تكرر ذلك ) بأن فعله مرة أخرى قال في شرح الوهبانية عن الخانية وإن فعله مرة بعد مرة إلخ ط ( قوله وتمامه في شرح الوهبانية ) أي للعلامة ابن الشحنة حيث ذكر ما حاصله أن الطرسوسي فهم من التعليل المار ، بأن الماء قبل إحرازه لا يملك أنه يكون مباحا ورده الناظم في شرحه بأنه لا يلزم ذلك ، بل يكون غير مملوك ويكون مستحقا لما في الخانية ، أنه ليس له ذلك بلا إذن ، وإن اضطر إليه وفي العيون لا يفعل ، وإن اضطر إليه لأن المرخص في أخذ مال الغير خوف الهلاك على النفس ولم يوجد ، ولو فعل فلا ضمان على أن الطرسوسي قال : إن كلام العيون يقتضي أنه لا يجوز ديانة فينبغي أن يفتى بأنه لا يباح بلا إذن ولو فعل لا ضمان في القضاء ا هـ فافهم ( قوله قال ) أي في شرح الوهبانية أول الفصل فافهم ( قوله وينفذ الحكم بصحة بيعه ) لمصادفته فصلا مجتهدا فيه ، لكن القاضي الآن لا ينفذ حكمه بغير معتمد مذهبه ( قوله فافهم ) لعله يشير إلى دفع ما أورد على الهداية من أن قوله هنا لا يضمن يناقض قوله في باب البيع الفاسد : أنه يجوز بيعه في رواية وهو اختيار مشايخ بلخ ، لأنه حظ من الماء ولهذا يضمن بالإتلاف ، وله حظ من الثمن يعني أن قوله : ولهذا يضمن بالإتلاف مبني على مقابل المفتى به ، وإن أوهم الاتفاق على الضمان كما هو شأن التعليل .

( قوله قلت وقد مر عليه الفتوى ) أي من أنه لا يضمن لأنه غير متقوم وصححه في الظهيرية ( قوله فتنبه ) أي فإن ما أفتى به الناصحي وما في النقاية وبيوع الهداية خلاف المفتى به ( قوله وساق إلخ ) لا حاجة إليه ط ( قوله وما جوزوا إلخ ) التراب المستخرج بالحفر ، ويوضع على حافتي النهر قيل لمن وضع بجانبه أخذه إن لم يضر بالنهر ، وقيل مشترك بين أهل النهر ، وهو المذكور في النظم وقيل : يباح لكل من أخذه إن لم يضر ، لأن الحافر لم يقصد تملكه فهو كمن احتش حشيش النهر ، ليجري الماء فلكل أحد أخذه وصوبه شيخ الإسلام وفي القنية أنه حسن جدا ( قوله دون إذن ) قد علمت أن [ ص: 448 ] الناظم جرى على القول بأنه مشترك ، فاشتراط الإذن لا بد منه بناء عليه فافهم ( قوله ولو حفروا نهرا إلخ ) الشطر الثاني له غير به نظم الأصل لتضمنه مسألتين :

الأولى : نهر لقوم يجري في أرض حفروه وألقوا ترابه فإن ألقوه في غير حريم النهر فلهم أخذه بنقله وإلا فلا ،

والثانية : لو كان يجري في سكة فكذلك والله تعالى أعلم




الخدمات العلمية