الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويظهر من معناه أن ذلك كناية عن زيادة الرتبة ، فإن الشكر سبب المزيد قال تعالى : لئن شكرتم لأزيدنكم وقال صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة : أتريد أن تكون رحمة الله عليك حيا وميتا ومقبورا ومبعوثا قم من الليل ، فصل وأنت تريد رضا ربك ، يا أبا هريرة صل في زوايا بيتك يكن نور بيتك في السماء كنور الكواكب والنجم عند أهل الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم فإن ، قيام الليل قربة إلى الله عز وجل وتكفير ، للذنوب ، ومطردة للداء عن الجسد ، ومنهاة عن الإثم .

التالي السابق


(ويظهر من معناه أن ذلك كناية عن طلب زيادة الرتبة، فإن الشكر سبب المزيد قال الله تعالى: لئن شكرتم لأزيدنكم ) ولم يفز أحد بكمال هذه الرتبة غير نبينا -صلى الله عليه وسلم- ثم سائر الأنبياء عليهم السلام، والحديث متفق عليه، ورواه أيضا من حديث عائشة - رضي الله عنها - بلفظ: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى تورمت قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا! قالت: فلما بدن وكثر لحمه صلى جالسا.

وفي الحديث أنه ينبغي التشمير في العبادة، وإن أدى إلى كلفة لأنه -صلى الله عليه وسلم- إذا فعل ذلك مع علمه بما سبق له، فكيف بمن لم يعلم ذلك، فضلا عمن لا يأمن النار، نعم محل ذلك إن لم يفض إلى ملال، وإلا فالأخذ بما لا يفضي إليه أولى، لما في الصحيح: " عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا " ولا ينبغي التأسي حينئذ; لأنه -صلى الله عليه وسلم- منزه عن الملل، وحاله أكمل الأحوال، سيما وقد جعلت قرة عينه في الصلاة، كما أخرجه النسائي وغيره، والله أعلم .

(وقال -صلى الله عليه وسلم-: أتريد أن تكون رحمة الله عليك حيا ومقبورا ومبعوثا) أي: في هذه الأحوال الثلاثة (قم من الليل، فصل وأنت تريد رضاء ربك، يا أبا هريرة صل في زوايا بيتك يكن نور بيتك في السماء كنور الكواكب والنجوم عند أهل الدنيا) قال العراقي : هذا باطل لا أصل له .

قلت: هذا الحديث من جملة الأحاديث التي يقول فيها: يا أبا هريرة افعل كذا وكذا، يا أبا هريرة لا تفعل كذا وكذا، والنسخة بتمامها حكموا بوضعها، وقد مر من هذه النسخة حديث في فضل التهليل نبهنا هناك على وضعه .

(وقال -صلى الله عليه وسلم- عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله تعالى، ومكفر للذنوب، ومطردة للداء عن الجسد، ومنهاة عن الإثم) قال العراقي : رواه الترمذي من حديث بلال، وقال: غريب ولا يصح. ورواه الطبراني والبيهقي من حديث أبي أمامة بسند حسن. وقال الترمذي : إنه أصح. اهـ .

قلت: وكذلك رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن السني وأبو نعيم في " الطب " عن أبي إدريس الخولاني عن أبي أمامة، وقال الترمذي : وهذا أصح من حديث أبي إدريس عن بلال، ورواه ابن عساكر عن أبي إدريس عن أبي الدرداء، ورواه ابن السني عن جابر، وليس عندهم " قبلكم "، ورواه الطبراني في " الكبير " وابن السني وأبو نعيم والبيهقي وابن عساكر عن سلمان بلفظ: " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة إلى الله، ومرضاة للرب، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد ". ورواه الطبراني في " الأوسط " عن أبي أمامة بلفظ: " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات ".

وروى الديلمي عن عبد الله بن عمر وبلفظ: " عليكم بصلاة الليل ولو ركعة، فإن صلاة الليل منهاة عن الإثم وتطفئ غضب الرب تبارك وتعالى، وتدفع عن أهلها حر النار يوم القيامة ".




الخدمات العلمية