الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 125 ] إذا اختلفا في قدر الثمن تحالفا ، نقله الجماعة ، لأن كلا منهما مدع ومنكر صورة ، وكذا حكما ، لسماع بينة كل منهما ، قال في عيون المسائل : ولا تسمع إلا بينة المدعي ، باتفاقنا ، فيحلف البائع أنه ما باعه إلا بكذا ، ثم المشتري أنه ما اشتراه إلا بكذا ، والأشهر يذكر كل منهما إثباتا ونفيا ، يبدأ بالنفي ، وعنه : الإثبات ، ثم لكل منهما الفسخ ، وقيل : يفسخه حاكم ما لم يرض الآخر . ومن نكل قال بعضهم : أو نكل مشتر عن إثبات قضي عليه ، وعنه : يقبل قول بائع مع يمينه ، وذكره في الترغيب المنصوص ، كاختلافهما بعد قبضه ، وفسخ العقد ، في المنصوص وعنه مشتر ، ونقل أبو داود : قول البائع أو يترادان ، قيل : فإن أقام كل منهما بينة ؟ قال : كذلك ، وإذا فسخ العقد انفسخ ظاهرا وباطنا ، وقيل : مع ظلم البائع ظاهرا ، وقيل : وباطنا في حق المظلوم . ومن مات فوارثه بمنزلته ، وإن كان المبيع تالفا فعنه : يقبل قول المشتري ، وعنه : يتحالفان ( م 1 ) ويغرم المشتري القيمة ، ويقبل قوله فيما نقله محمد بن العباس [ ص: 126 ] وفي قدره وصفته ، وإن تعيب ضم أرشه إليه ، وكذا كل غارم ، وقيل : ولو وصفه بعيب ، كما لو ثبت العيب فادعى غاصبه تقدمه على غصبه ، في الأصح ، وذكر أبو محمد الجوزي في كتابه الطريق الأقرب : يقبل قول المغصوب منه في صفته وفي رده .

                                                                                                          وفي مختصر ابن رزين : يقدم قول معير فيهما ، مع أنه ذكر هو وغيره : يصدق غاصب في قيمة وصفة وتلف ، وعمل شيخنا بالاجتهاد في قيمة المتلف ، فتخرص الصبرة ، واعتبر في مزارع أتلف مغل سنتين بالسنين المعتدلة ، وفي ربح مضارب بشراء رفقته من نوع متاعه وبيعهم في مثل سعره .

                                                                                                          [ ص: 125 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 125 ] باب الخيار لاختلاف المتبايعين

                                                                                                          ( مسألة 1 ) قوله : وإن كان المبيع تالفا فعنه : يقبل قول المشتري ، وعنه : يتحالفان ، انتهى . وأطلقهما في الهداية والفصول والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغني والشرح والحاوي الكبير والقواعد الفقهية وغيرهم .

                                                                                                          ( إحداهما ) يتحالفان ، وهو الصحيح ، قال في التلخيص : أصح الروايتين [ ص: 126 ] التحالف ، قال الزركشي : هو اختيار الأكثرين ، قال ابن منجى في شرحه : هذا أولى ، وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز وتذكرة ابن عبدوس والمنور وغيرهم ، ونصره الشيخ في المغني ، وقدمه في المقنع والمحرر والمذهب الأحمد والرعايتين والنظم والفائق وإدراك الغاية وغيرهم .

                                                                                                          ( والرواية الثانية ) لا يتحالفان ، والقول قول المشتري ، اختاره أبو بكر ، قال الزركشي : هي أتقنهما .

                                                                                                          ( تنبيه )

                                                                                                          قال الشيخ في المغني والشارح ومن تابعهما : ينبغي أن لا يشرع التحالف ولا الفسخ فيما إذا كانت قيمة السلعة مساوية للثمن الذي ادعاه المشتري ، ويكون القول قول المشتري مع يمينه ، لأنه لا فائدة في ذلك ، لأن الحاصل [ ص: 127 ] به الرجوع إلى ما ادعاه المشتري ، وإن كان القيمة أقل فلا فائدة للبائع في الفسخ ، فيحتمل أن لا يشرع له اليمين ولا الفسخ ، لأن ذلك ضرر عليه من غير فائدة ، ويحتمل أن يشرع لتحصيل الفائدة للمشتري ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية