الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون .

[117] بديع السماوات والأرض أبدع; أي: اخترع بلا مثال سبق.

وإذا قضى أمرا أي: قدره، وأصل القضاء: الفراغ، ومنه قيل لمن مات: قضي عليه; لفراغه من الدنيا، ومنه قضاء الله وقدره; لأنه فرغ منه تقديرا وتدبيرا، وقد ورد لفظ القضاء في القرآن على عشرة أوجه سيأتي ذكرها في سورة الزخرف -إن شاء الله تعالى-.

فإنما يقول له كن فيكون أي: احدث فيحدث. قرأ ابن عامر : (كن فيكون) بنصب النون في جميع المواضع، إلا في آل عمران: كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين [آل عمران: 59، 60] ، وفي الأنعام: كن فيكون قوله الحق [الأنعام: 73] ، وإنما نصبها; لأن جواب الأمر بالفاء يكون منصوبا. وقرأ الباقون: بالرفع على معنى: فهو يكون، فأما [ ص: 184 ] حرف آل عمران، فإن معناه: كن، فكان، وأما حرف الأنعام، فمعناه الإخبار عن القيامة، وهو كائن لا محالة، ولكنه لما كان ما يراد في القرآن من ذكر القيامة كثيرا يذكر بلفظ الماضي; نحو: فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء [الحاقة: 15، 16] ، ونحو: وجاء ربك [الفجر: 22] ، ونحو ذلك، فشابه ذلك، فرفع، ولا شك أنه إذا اختلفت المعاني اختلفت الألفاظ. قال الأخفش الدمشقي: إنما رفع ابن عامر في الأنعام على معنى سين الخبر; أي: فسيكون.

التالي السابق


الخدمات العلمية