الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون .

[164] إن في خلق السماوات والأرض جمع السموات; لأن كل [ ص: 233 ] سماء ليست من جنس الأخرى، ووحد الأرض; لأنها من جنس واحد، وهو التراب.

واختلاف الليل والنهار أي: تعاقبهما في الذهاب والمجيء، والزيادة والنقصان، والنور والظلمة.

والفلك السفن، واحده وجمعه سواء، فإذا أريد به الجمع يؤنث، وفي الواحدة يذكر، قال الله تعالى في الواحدة والتذكير: إذ أبق إلى الفلك المشحون [الصافات: 140] ، وقال في الجمع والتأنيث: حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح [يونس: 22].

التي تجري في البحر موقرة لا ترسب; أي: لا تجلس تحت الماء.

بما أي: بالذي.

ينفع الناس من الحمل فيها، والركوب عليها.

وما أنزل الله من السماء من ماء أي: مطر.

فأحيا به أي: بالماء.

الأرض بعد موتها أي: يبسها.

وبث أي: فرق.

فيها من كل دابة لأن بث الدواب يكون بعد حياة الأرض بالمطر; لأنهم ينمون بالخصب، ويعيشون بالمطر، والدابه: كل ما يدب.

وتصريف أي: وتنقيل. [ ص: 234 ]

الرياح من مهابها قبولا ودبورا، وجنوبا وشمالا، وحارة وباردة، وعاصفة ولينة، وعقيما ولاقحا، وغير ذلك. قرأ حمزة، والكسائي، وخلف : (الريح) بغير ألف على التوحيد. والباقون: بالألف على الجمع. والريح أعظم جند الله تعالى، وتذكر وتؤنث، وسميت ريحا; لأنها تريح النفوس، والرياح ثمانية: أربعة للرحمة، وهي: المبشرات، والناشرات، والذاريات، والمرسلات، وأربعة للعذاب: وهي: العقيم، والصرصر في البر، والعاصف والقاصف في البحر.

والسحاب المسخر أي: المقيم المذلل للرياح، سمي سحابا; لأنه يسحب; أي: يسير في سرعة كأنه ينسحب; أي: يجر.

بين السماء والأرض تقلبه في الجو كيف شاءت بمشيئة الله تعالى، فيمطر.

لآيات لقوم يعقلون ينظرون بعقولهم، فيعلمون أن لهذه الأشياء خالقا وصانعا، فيوحدونه، فبعد ثبوت الألوهية عنف الكفار أن عبدوا غيره، ووصف الأبرار فقال: [ ص: 235 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية