الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
7320 3528 - (7367) - (2 \ 247) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، ما نهيتكم عنه فانتهوا، وما أمرتكم فائتوا منه ما استطعتم".

التالي السابق


* قوله: " ذروني ": أي: اتركوني من السؤال عن القيود في المطلقات .

* " ما تركتكم ": "ما" مصدرية ظرفية; أي: مدة ما تركتكم عن التكليف بالقيود فيها، وليس المراد: لا تطلبوا مني العلم ما دام لا أبين لكم بنفسي، ويدل على ما ذكرنا مورده; فإنه ورد ردا لمن قال: هل الحج كل عام؟* " واختلافهم ": عطف على كثرة السؤال; إذ الاختلاف - وإن قل - يؤدي إلى الهلاك، ويحتمل أنه عطف على السؤال، فهو إخبار عمن تقدم بأنه كثر اختلافهم في الواقع، فأدى بهم إلى الهلاك، وهو لا ينافي أن القليل من الاختلاف مؤد إلى الفساد .

* " ما نهيتكم ": يريد: أن النهي يقتضي دوام الترك، وأما الأمر مطلقا، فلا يقتضي دوام الفعل، وإنما يقتضي حسن المأمور به، وأنه طاعة مطلوبة، فينبغي [ ص: 181 ] أن يأتي كل إنسان منه على قدر طاقته، و"ما" في الموضعين شرطية، ويحتمل أنها موصولة، والفاء في خبرها لتضمنها معنى الشرط، والشرطية أظهر; لأن الموصولة تستلزم وقوع الجملة الإنشائية خبرا، وهو مختلف فيه، وكثير منهم على أنه لا يصح إلا بتأويل يعم قوله: "ما نهيتكم " يعم نهي تحريم وتنزيه، وكذا الطلب في قوله: "فانتهوا" يعم القسمين، ويحتمل الخصوص بنهي التحريم، وكذا قوله: " ما أمرتكم " يعم أمر إيجاب وندب، وقوله: " فائتوا " مطلق الطلب الشامل للوجوب والندب، فينطبق على القسمين، ويحتمل الخصوص بأمر الإيجاب والخطاب، وإن كان للحاضرين وضعا، لكن الحكم يعم الغائبين اتفاقا، وفي شمول الخطاب لهم قولان، وعلى التقديرين فإطلاقه يعم المجتهد والمقلد، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية