الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
7089 3315 - (7129) - (2 \ 229) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الصلاة المكتوبة إلى الصلاة التي بعدها، كفارة لما بينهما"، قال: "والجمعة إلى الجمعة، والشهر إلى الشهر - يعني: رمضان إلى رمضان - كفارة لما بينهما"، قال: ثم قال بعد ذلك: "إلا من ثلاث"، قال: فعرفت أن ذلك لأمر حدث: "إلا من الإشراك بالله، ونكث الصفقة، وترك السنة"، قال: أما نكث الصفقة: أن تبايع رجلا ثم تخالف إليه تقاتله بسيفك، وأما ترك السنة، قال: قلت: يا رسول الله! أما الإشراك بالله، فقد عرفناه، فما نكث الصفقة؟ قال: "فأن تبايع رجلا ثم تخالف إليه تقاتله بسيفك، وأما ترك السنة، فالخروج من الجماعة".

التالي السابق


* قوله: " إلى الصلاة التي بعدها ": أي: مضمومة إلى التي بعدها، أو مع التي بعدها، وظاهره أن الأولى بشرط مقارنتها مع الثانية كفارة، أو هما جميعا كفارة، لا الأولى وحدها .

* والجمعة إلى الجمعة ": المقصود: بيان فضل هذه الأعمال، وأنها بحيث إذا وجدت ذنوبا، تكفرها; لما فيها من الفضل، فلا يرد أنه ماذا بقي بعد تكفير الصلوات حتى تكفره الجمعة؟ وليت شعري ماذا يقول هذا القائل في صلاة من كان معصوما من الذنوب أو الكبائر، فإن صغائره مكفرة باجتناب الكبائر; لقوله تعالى: إن تجتنبوا كبائر [النساء: 31 ]، الآية .

* " والشهر ": أي: صومه .

* " إلا من ثلاث ": استثناء من قوله: "لما بينهما" بالنظر إلى المعنى; أي: كفارة من كل ذنب بينهما إلا من ثلاث، ولا يخفى أن هذا الاستثناء يدل على [ ص: 45 ] عموم التكفير: الصغائر والكبائر، وإلا، فعند خصوص التكفير بالصغائر لا وجه لهذا الاستثناء، وجمهور أهل العلم على الثاني، ويؤيدهم لفظ مسلم لهذا الحديث: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"، فليتأمل .

* " ونكث الصفقة ": أي: نقض البيعة .

* " وترك السنة ": أي: ترك العقيدة الحقة التي كانت عليها جماعة الصحابة، والميل إلى البدعة التي هي خلاف تلك العقيدة، والله تعالى أعلم .

* " قال: أما نكث الصفقة: أن تبايع رجلا، ثم تخالف إليه تقاتله بسيفك، وأما ترك السنة، قال: قلت: يا رسول الله! أما الإشراك. . . إلخ ": هكذا في أصلين، ولعل وجهه أنه أراد أن يذكر تفسير نكث الصفقة وترك السنة بلا رفع، ثم بدا له أن يرفعه، فترك الموقوف في الأثناء إلى المرفوع، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية