الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي هذه السنة : قتل إبراهيم بن محمد [بن عثمان ] بن نهيك . وقيل : إنما قتل في سنة ثمان وثمانين .

وسبب قتله : أنه كان كثيرا ما يذكر البرامكة فيبكي حبا لهم ، إلى أن خرج من حد البكاء ودخل في باب طالبي الثأر ، فكان إذا خلا بجواريه فشرب وسكر قال : يا غلام ، سيفي ، فيجيء غلامه بالسيف ، فينتضيه ثم يقول : وا جعفراه ، وا سيداه ، والله لأقتلن قاتلك . فلما كثر هذا من فعله جاء ابنه عثمان إلى الفضل بن الربيع فأخبره ، فأخبر الفضل الرشيد ، فقال : أدخله . فأدخله فقال : ما الذي قال عنك الفضل ؟ فأخبره بقول أبيه وفعله . فقال الرشيد : فهل سمع هذا أحد معك ؟ قال : نعم ، خادمه . فدعا خادمه سرا فسأله ، فقال : قد قال ذلك غير مرة . فقال الرشيد : ما يحل لي أن أقتل وليا من أوليائي بقول غلام وخصي ، لعلهما تواصيا على هذا . فأراد أن يمتحن إبراهيم ، فقال للفضل : إذا حضر الشراب فادعه ، فإذا شرب خلني وإياه . ففعل ذلك الفضل ، فلما خلا به الرشيد قال : يا إبراهيم ، كيف أنت وموضع السر من قلبك ؟ قال : يا سيدي ، أنا كأحسن عبيدك وأطوع خدمك . قال : إن في نفسي أمرا أريد أن أودعك إياه قد ضاق صدري ، وأسهد ليلي . قال : إذا أخفيه أن تعلمه نفسي . قال : ويحك ! قد ندمت على قتل جعفر بن يحيى ندامة ما أحسن أن أصفها ، فوددت أني خرجت من ملكي ، وأنه كان بقي لي ، فما وجدت طعم النوم منذ فارقته ، ولا لذة العيش منذ قتلته . فلما سمعها [ ص: 140 ] إبراهيم أسبل دمعه ، وقال : رحم الله أبا الفضل وتجاوز عنه ، والله يا سيدي لقد أخطأت في قتله . فقال الرشيد : قم عليك لعنة الله يا ابن اللخناء ! فقام ما يعقل ، فانصرف إلى ابنه فقال : يا بني ، ذهبت والله نفسي . فما كان إلا ثلاث ليال حتى قتل .

وفيها حج بالناس عبيد الله بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس .

التالي السابق


الخدمات العلمية