الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

1022 - إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن خارجة ، أبو إسحاق الفزاري ترجمته .

كان عالما صاحب سنة ، أسند الحديث عن سفيان الثوري ، والأوزاعي . وتوفي بالمصيصة في هذه السنة ، وقيل : سنة خمس وثمانين .

1023 - إبراهيم بن ماهان بن بهمن ، أبو إسحاق ، المعروف بالموصلي .

وهو من أرجان ، ينسب إلى ولاء الحنظليين ، وأصله من الفرس . خرج أبوه من أرجان بأمه وهي حاملة به ، فقدم الكوفة فولدته سنة خمس وعشرين ومائة ، وصحب بالكوفة فتيانا في طلب الغناء ، فاشتدت عليه أخواله في ذلك ، فخرج إلى الموصل ، ثم عاد إلى الكوفة ، فقال له أخواله : مرحبا بالفتى الموصلي ، ونظر في الأدب ، وقال الشعر : واتصل بالخلفاء والملوك .

[ ص: 157 ] أخبرنا [ أبو منصور ] القزاز قال : أخبرنا [ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ] الخطيب قال : أخبرنا علي بن عبد العزيز الطاهري قال : أخبرنا علي بن عبد الله بن المغيرة الجوهري قال : حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال : حدثنا الزبير بن بكار قال : حدثني إسحاق الموصلي ، عن أبيه إبراهيم قال : جاءني غلامي فقال : بالباب رجل حائك يطلب عليك الإذن . فقلت : ويلك ! ما لي وللحائك ؟ قال : لا أدري غير أنه حلف بالطلاق أنه لا ينصرف حتى يكلمك لحاجته . فقلت : ائذن له . فدخل ، فقلت : ما حاجتك ؟ قال : جعلني الله فداك ، أنا رجل حائك كان بالأمس جماعة من أصحابي وأنا تذاكرنا الغناء والمقدمين فيه ، فأجمع من حضر أنك رأس القوم وبندارهم وسيدهم فيه ، فحلفت بطلاق ابنة عمي أعز الخلق علي ، ثقة مني بكرمك على أن تشرب عندي غدا وتغنيني ، فإن رأيت - جعلني الله فداك - أن تمن على عبدك بذلك . فقلت له : أين منزلك ؟ قال في دور الصحابة . قلت : فصف للغلام موضعه .

فلما صليت الظهر مضيت ، فلما دخلت قام لي الحاكة وأكبوا علي ، فقبلوا أطرافي ، وعرضوا علي الطعام ، فقلت : قد تقدمت في الأكل ، وقلت له : اقترح . فقال لي الحائك : غنني بحياتي :


يقولون لي لو كان بالوصل لم تمت نسيبة والطراق يكذب قيلها



فغنيت ، فقال : أحسنت والله ، جعلني الله فداك . ثم قلت : اقترح . فقال : غنني بحياتي :


وخطا بأطراف الأسنة مضجعي     وردا على عيني فضل ردائيا



[ ص: 158 ] فغنيت ، فقال : أحسنت والله ، جعلني الله فداك . فقلت : اقترح . فقال غنني بحياتي :

أحقا عباد الله أن لست واردا     ولا صادرا إلا علي رقيب



فقلت : يا بن اللخناء ، [أنت ] بابن سريج أشبه منك بالحاكة ، ثم قلت : والله إن عدت ثانية حلت امرأتك لغلامي قبل أن تحل لك . ثم انصرفت ، وجاء رسول الرشيد يطلبني ، فمضيت من فوري [ذلك ] فدخلت على الرشيد ، فقال : أين كنت يا إبراهيم ؟ فقلت : ولي الأمان ؟ فقال : ولك الأمان [ ، فحدثته ] فضحك وقال : هذا أنبل حائك على وجه الأرض ، والله لقد كرمت في أمره وأحسنت في إجابته . وبعث إلى الحائك فاستنطقه وسأله ، فاستطابه واستظرفه ، وأمر له بثلاثين ألف درهم .

توفي إبراهيم في هذه السنة ، وقال في ذلك :


مل والله طبيبي     من مقاساة الذي بي
سوف أنعى عن قريب     لعدو وحبيب



ويقال : مات سنة ثلاث عشرة ومائتين . والأول أصح . ووجد له من المال أربعة وعشرون ألف ألف درهم .

1024 - جرير بن عبد الحميد بن جرير بن قرط بن هلال ، أبو عبد الله الضبي الرازي .

كوفي الأصل ، ولد سنة عشر ومائة ، ورأى أيوب السجستاني . وسمع من مغيرة بن مقسم ، وحصين بن عبد الرحمن ، ومنصور بن المعتمر ، وهشام بن عروة ، والأعمش ، وغيرهم .

روى عنه ابن المبارك ، والطيالسي ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى ، وابن المديني ، [ ص: 159 ] وغيرهم . وكان صاحب ليل ، وعرض عليه ابن شبرمة أن يجري عليه من الصدقة في كل شهر مائة درهم ، فأبى .

وتوفي في هذه السنة وهو ابن ثمان وسبعين سنة .

1025 - رشدين بن سعد بن مفلح ، أبو الحجاج .

ولد سنة عشر ومائة ، وروى عنه : ابن المبارك ، وبقية . وكان رجلا صالحا أدركه نوع [من ] التغفل .

وتوفي في هذه السنة .

1026 - عمر بن أيوب ، أبو حفص العبدي الموصلي .

رحل إلى الشام ، والعراق ، وأكثر من سماع الحديث وكتابته ، وسمع من المعافى بن عمران ، والثوري ، وخلق كثير . روى عنه : أحمد بن حنبل ومدحه ، وقال : هو ثقة ، وكانت له هيئة .

أخبرنا [ أبو منصور ] القزاز قال : أخبرنا [ أحمد بن علي بن ثابت ] الخطيب [قال : أخبرنا البرقاني قال : ] أخبرنا [أبو الفضل محمد بن عبد الله ] بن حميرويه قال : حدثنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال : قال ابن عمار : رأيت [عمر ] بن أيوب أخرج [ ص: 160 ] صوفا [من قفة ] مرقعة فدفعه إلى ابنه ، فذهب به فباعه ، فجاء بخبز ، فوضعه بين أيدينا ، فأبينا أن نأكل ، فبات ليلته ولم يكن عنده شيء ، وما رأيته يذكر الدنيا بواحدة ، وكان من أشد الناس حياء .

توفي [ بالرقة ] في هذه السنة .

[ ص: 161 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية