[ ص: 150 ] كتاب صلاة الخوف : 
حديث : { أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل صلاة الخوف في غزوة الخندق    }. تقدم في الأذان . 
صلاة  علي  ليلة الهرير ، وصلاة أبي موسى   وحذيفة    . يأتي الكلام عليها آخر الباب . 
668 - ( 1 ) - حديث : صلاته ببطن نخل  ، وهي أن يصلي مرتين كل مرة بفرقة رواها  جابر   وأبو بكرة    . فأما حديث  جابر    : فرواه  مسلم    { أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ، فصلى بإحدى الطائفتين ركعتين ، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين   } ، الحديث وذكره  البخاري  مختصرا ، ورواه  الشافعي   والنسائي   وابن خزيمة  من طريق الحسن  عن  جابر  ، وفيه : { أنه سلم من الركعتين أولا ، ثم صلى ركعتين بالطائفة الأخرى   }. وأما  أبو بكرة    : فروى أبو داود  حديثه ،  وابن حبان   والحاكم   والدارقطني  ، ففي رواية أبي داود  ،  وابن حبان  أنها الظهر ، وفي رواية  الحاكم  ،  [ ص: 151 ]  والدارقطني  أنها المغرب ، وأعله ابن القطان  بأن  أبا بكرة  أسلم بعد وقوع صلاة الخوف بمدة ، وهذه ليست بعلة ، فإنه يكون مرسل صحابي . 
( تنبيه ) : 
ليس في رواية  أبي بكرة  أن ذلك كان ببطن نخل    . 
669 - ( 2 ) - حديث : { صلاته صلى الله عليه وسلم بعسفان    }. متفق عليه من حديث سهل بن أبي حثمة  ، ورواه أبو داود  ،  والنسائي  ،  وابن حبان  ،  والحاكم  ، من حديث أبي عياش الزرقي    . 
( قوله ) اختلف الأصحاب في ذلك - يعني في الكيفية التي ذكرها  الشافعي  في المختصر - أن أهل الصف الثاني يسجدون معه في الركعة الأولى ، والأول في الثانية ، فقال بعضهم : هذه الكيفية منقولة عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من قال : هذا خلاف الترتيب في السنة ، فإن الثابت في السنة أن أهل الصف الأول يسجدون معه في الركعة الأولى ، وأهل الصف الثاني يسجدون معه في الثانية ،  والشافعي  عكس ذلك ، وقالوا : المذهب ما ورد في الخبر ; لأن  الشافعي  قال : إذا رأيتم قولي مخالفا لما في السنة فاطرحوه . قال المصنف    : واعلم أن  مسلما  ، وأبا داود  ،  وابن ماجه  ، وغيرهم من أصحاب المسانيد لم يرووا إلا الثاني ، نعم في بعض الروايات : أن طائفة سجدت معه ثم في الركعة الثانية سجد معه الذين كانوا قياما ، وهذا يحتمل الترتيبين معا ، ولم يقل  الشافعي    : إن الكيفية التي ذكرتها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان  ، ولكن قال : هذا نحوها انتهى كلامه ، وما أشار إليه من أن الجماعة الذين ذكرهم لم يرووا الكيفية المذكورة صحيح كما ذكر ، وقد 
 [ ص: 152 ] بينا رواياتهم ، وأما الرواية المبهمة التي فيها الاحتمال الذي أبداه ، فرواها  البيهقي  من حديث  ابن إسحاق  ، حدثني  داود بن الحصين  ، عن عكرمة  ، { عن  ابن عباس  قال : ما كانت صلاة الخوف إلا كصلاة أحراسكم هؤلاء اليوم خلف أئمتكم إلا أنها كانت عقبا قامت طائفة وهم جميع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجدت معه طائفة ، ثم قام وسجد الذين كانوا قياما لأنفسهم ثم قام وقاموا معه جميعا   } - الحديث - وإسناده حسن . 
( قوله ) ومن أصحابنا من قال : يحرسون في الركوع أيضا ، ففي بعض الروايات ما يدل عليه انتهى . وهو ظاهر رواية  البخاري  من طريق  ابن عباس  ، وزعم النووي  أنه وجه شاذ فإن أراد في صفة صلاة عسفان  فصحيح ، وإن أراد مطلقا فلا . 
قوله : واشتهر أن الصف الثاني يحرسون في الركعة الأولى - الحديث - وفي آخره : كذلك ورد في الخبر ، وهو مثل حديث أبي عياش الزرقي  الذي تقدم ، ففيه : { لما حضرت العصر قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف مستقبل القبلة ، والمشركون أمامه وصف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صف ، وصف بعد ذلك الصف صف آخر ، فركع وركعوا جميعا ، ثم سجد وسجد الصف الذي يلونه ، وقام الآخرون يحرسونهم   } - الحديث . 
670 - ( 3 ) - حديث : { صلاته صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع    }. رواه  مالك  عن يزيد بن رومان  ، عن صالح بن خوات بن جبير  ، عن من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع  ، ورواها أبو داود  ،  [ ص: 153 ]  والنسائي  ، عن صالح  ، عن سهل بن أبي حثمة  ، ورواها  ابن عمر    . أما حديث  مالك    : فأخرجه أيضا الشيخان . وأما حديث سهل بن أبي حثمة  فرواه  مالك  أيضا ; إلا أنه لم يرفعه ، ورواه باقي الستة مطولا ومختصرا ولفظ  النسائي    : أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف ، فصف صفا خلفه ، وصفا مصافو العدو ، فصلى بهم ركعة ، ثم ذهب هؤلاء ، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ، ثم قاموا فقضوا ركعة ركعة . رواه  البخاري  والأربعة موقوفا أيضا . 
وأما حديث  ابن عمر    : فمتفق عليه أيضا ، وأخرجه الثلاثة ولفظه : { غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد  ، فوازينا  [ ص: 154 ] العدو ، فصففناهم ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا ، فقامت طائفة معه ، وأقبلت طائفة على العدو ، وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه ركعة . وسجد سجدتين ، ثم انصرفوا   } - الحديث - لفظ  البخاري    . 
وأخرج أبو داود  من طريق خصيف  ، عن أبي عبيدة  ، عن أبيه قال : { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ، فقاموا صفا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصف مستقبل العدو ، فصلى بهم ركعة ، ثم جاء الآخرون فقاموا في مقامهم واستقبل هؤلاء العدو   } - الحديث . وروى  ابن حبان  من حديث  عائشة  في صفة صلاة الخوف  بذات الرقاع  مطولا نحو حديث  ابن عمر    . 
( فائدة ) : 
رويت صلاة الخوف عن النبي صلى الله عليه وسلم على أربعة عشر نوعا ، ذكرها  ابن حزم  في جزء مفرد ، وبعضها في صحيح  مسلم  ، ومعظمها في سنن أبي داود  ، واختار  الشافعي  منها الأنواع الثلاثة المتقدمة ، ووهم من نقل عنه أنه اختار الرابعة ، وهي غزوة ذي قرد  التي أخرجها  النسائي  فإن  الشافعي  ذكرها فقال : روي حديث لا يثبت : { أنه صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد  لكل طائفة ركعة ، ثم سلموا ، فكانت له ركعتان ، ولكل واحد ركعة . فتركناه   }. 
قلت : وقد صححه  ابن حبان  وغيره ، وذكر  الحاكم  منها ثمانية أنواع ،  وابن حبان  تسعة وقال : ليس بينها تضاد ، ولكنه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف 
 [ ص: 155 ] مرارا ، والمرء مباح له أن يصلي ما شاء عند الخوف من هذه الأنواع ، وهي من الاختلاف المباح ، ونقل ابن الجوزي  عن  أحمد  أنه قال : ما أعلم في هذا الباب حديثا إلا صحيحا . 
( تنبيه ) : 
ذكر المصنف  أن ذات الرقاع  آخر غزواته صلى الله عليه وسلم وتبع في ذلك الوسيط ، وهو غلط بين ، نبه عليه النووي  في شرح المهذب ، بل ذكر  الواقدي  من حديث  جابر    : { أن أول غزوة صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الخوف  غزوة ذات الرقاع    }. 
( قوله ) اشتهر في كتب الفقه نسبة هذه الرواية إلى  خوات بن جبير  ، والمنقول في أصول الحديث رواية صالح  ، عن سهل بن أبي حثمة  ، ورواية صالح  عن من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ; فقال : فلعل هذا المبهم هو خوات أبو صالح    . انتهى . وظاهره أنه لا يوجد في أصول الحديث من رواية صالح بن خوات  عن خوات  ، والأمر بخلاف ذلك ، فقد أخرجه  البيهقي  من طريق  الشافعي    : أنا بعض أصحابنا ، عن  عبد الله بن عمر  ، عن  عبيد الله بن عمر  ، عن  القاسم بن محمد  ، عن صالح بن خوات بن جبير  ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى حديث يزد بن رومان  ، قال  البيهقي    : وقد رويناه عن عبد العزيز الأويسي  ، عن  عبد الله بن عمر  بإسناده هكذا موصولا ، قلت : وهو في المعرفة لابن منده  في ترجمة خوات    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					