الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال لزوجته يا زانية ) أو أنت زانية ( فقالت ) في جوابه ( زنيت بك أو أنت أزنى مني فقاذف ) لصراحة لفظه فيه ( وكانية ) لاحتمال قولها الأول لم أفعل كما لم تفعل وهذا مستعمل عرفا ويحتمل أن تريد إثبات زناها فتكون مقرة به وقاذفة له فيسقط بإقرارها حد القذف عنه ويعزر والثاني ما وطئني غيرك ووطؤك مباح فإن كنت زانية فأنت أزنى مني لأني ممكنة وأنت فاعل ، ولكون هذا المعنى محتملا منه لم يكن ذلك منها إقرارا بالزنا وإن استشكله البلقيني ويحتمل أن تريد إثبات الزنا فتكون قاذفة فقط والمعنى أنت زان وزناك أكثر مما نسبتني إليه وتصدق في إرادة شيء مما ذكر بيمينها ( فلو قالت ) في جوابه وكذا ابتداء ( زنيت بك وأنت أزنى مني فمقرة ) بالزنا على نفسها ( وقاذفة ) له كما هو صريح لفظها ويسقط بإقرارها حد القذف عنه ويقاس بذلك قولها لزوجها يا زاني فقال زنيت بك أو أنت أزنى مني فهي قاذفة صريحا وهو كذلك [ ص: 208 ] أو زنيت أو أنت أزنى مني فمقر وقاذف ويجري نحو ذلك في أجنبي أو أجنبية قالا ذلك على ما مال إليه الشيخان بعد أن نقلا عن البغوي أنها مقرة لتأتي الاحتمال السابق في زنيت بك هنا ولاحتمال أن يريد أنت أهدى إلى الزنا مني وقول واحد لآخر ابتداء أنت أزنى مني أو من فلان ولم يقل وهو زان ولا ثبت زناه وعلمه ليس بقذف إلا أن يريده وليس بإقرار به ؛ لأن الناس في تشاتمهم لا يتقيدون بالوضع الأصلي على أن أفعل قد يجيء لغير الاشتراك وقوله أنت أزنى الناس أو أهل بغداد مثلا غير قذف إلا إن قال من زناتهم أو أراده ولا فرق في كل ذلك بين أن يعلم المخاطب حال قوله ذلك أن المخاطب زوج أو غيره كما اقتضاه إطلاقهم خلافا للجويني .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله على ما مال إليه الشيخان بعد أن نقلا عن البغوي أنها مقرة ) عبارة الروضة ولو قال لأجنبية يا زانية أو أنت زانية فقالت زنيت بك فقد أطلق البغوي أن ذلك إقرار منها بالزنا وقذف له ومقتضى ما ذكرناه من إرادة نفي الزنا عنه وعنها أن تكون الأجنبية كالزوجة ا هـ . ( قوله لتأتي الاحتمال إلخ ) علة لمال ( قوله ليس بقذف إلخ ) قد يستشكل مع قوله الآتي إلا إن قال من زناتهم أو أراده



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن يا زانية ) ولو قال يا زانية يا بنت الزانية يجب حدان لها ولأمها فإن طلبتا الحد بدأ بحد الأم لوجوبه بالإجماع وحد الزوجة مختلف فيه ويمهل للثاني إلى البرء ا هـ مغني ( قوله في جوابه ) إلى قوله وإن استشكله في المغني إلا قوله ويحتمل إلى والثاني . ( قوله لاحتمال قولها الأول ) هو زنيت بك ا هـ ع ش ( قوله وهذا مستعمل إلخ ) أي كما يقول الشخص لغيره سرقت فيقول سرقت معك ويريد نفي السرقة عنه وعن نفسه ا هـ أسنى . ( قوله إثبات زناها ) الأنسب لما بعده التثنية وعبارة شرح المنهج إثبات الزنا ا هـ وقال البجيرمي أي لها وله قبل نكاحه لها ا هـ . ( قوله فتكون مقرة به ) اعتمده المغني عبارته ( تنبيه )

                                                                                                                              قضية كلامه أنها ليست مقرة بالزنا ؛ لأنه لم يتعرض لذلك إلا في الصورة الآتية قال البلقيني وهو المنصوص في الأم والمختصر واتفق عليه الأصحاب انتهى وهذا ظاهر في قولها الثاني ، وأما الأول فهي مقرة بالزنا كما صرح به بعض المتأخرين وهو ظاهر ؛ لأن قولها إقرار صريح بالزنا وكانية اسم فاعل من كنيت ويجوز كانوة من كنوت عن كذا إذا لم تصرح به ا هـ وقوله بعض المتأخرين لعله أراد به البغوي أخذا من كلامه الآتي آنفا . ( قوله والثاني ) أي ولاحتمال قولها الثاني وهو أنت أزنى مني ا هـ ع ش ( قوله ولكن هذا المعنى إلخ ) أي ما وطئني غيرك . ( قوله محتملا ) بفتح الميم الثاني منه أي القول الثاني لم يكن ذلك أي القول الثاني منها أي الزوجة إلخ . ( قوله إثبات الزنا ) أي للزوج . ( قوله وتصدق إلخ ) فإن نكلت فحلف فله حد القذف ا هـ أسنى ( قوله مما ذكر ) أي من المعنيين الأولين لقوليها . ( قوله في جوابه ) أي جواب الزوج في المثال المتقدم ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قول المتن فلو قالت زنيت بك إلخ ) كذا في النهاية بإثبات لفظة بك وليست هي موجودة في المحلي والمغني والمنهج وقال ع ش لم يذكر في شرح المنهج في هذه لفظة بك وهو ظاهر وأما على ما ذكره الشارح من إثباتها فقد يشكل الفرق بينها وبين ما قبلها حيث علل كون الأول كناية بقوله لاحتمال قولها زنيت بك أنها لم تفعل كما أنه لم يفعل مع أن هذه العلة موجودة في هذه أيضا ثم رأيت في نسخة صحيحة حذف بك وهي ظاهرة ا هـ ويؤيده حذفها في المقيس الآتي آنفا ( قول المتن فمقرة وقاذفة ) فتحد للقذف والزنا ويبدأ بحد القذف ؛ لأنه حق آدمي ا هـ مغني . ( قوله بالزنا ) إلى قوله ويجري في المغني . ( قوله ويسقط بإقرارها إلخ ) أي ويعزر كما مر . ( قوله بذلك ) أي [ ص: 208 ] بما في المتن من قوله ولو قال لزوجته يا زانية إلخ . ( قوله أو زنيت إلخ ) عطف على زنيت بك إلخ على ما مال إليه الشيخان بعد أن نقلا إلخ عبارة الروضة ولو قال لأجنبية يا زانية أو أنت زانية فقالت زنيت بك فقد أطلق البغوي أن ذلك إقرار منها بالزنا وقذف له ومقتضى ما ذكرناه من إرادة نفي الزنا عنه وعنها أن تكون الأجنبية كالزوجة انتهت ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله عن البغوي أنها مقرة ) اعتمده المغني عبارته وقوله لأجنبية يا زانية فقالت زنيت بك أو أنت أزنى مني فقاذف وهي في الجواب الأول قاذفة له مع إقرارها بالزنا وفي الجواب الثاني كانية لاحتمال أن تريد أنه أهدى إلى الزنا وأحرص عليه منها ويقاس بما ذكر قولها لأجنبي يا زاني فيقول زنيت بك أو أنت أزنى مني ا هـ . ( قوله لتأتي الاحتمال إلخ ) علة لما مال إلخ ا هـ سم . ( قوله ولاحتمال أن يريد إلخ ) قضيته أن البغوي قائل بكونها مقرة في كل من الجوابين لكن قضية ما قدمنا عن المغني وعن سم عن الروضة أنه قائل بذلك في الجواب الأول فقط . ( قوله وقول واحد ) إلى قوله وكذا زنيت في المغني إلا قوله على أن أفعل قد يجيء لغير الاشتراك وقوله خلافا للجويني . ( قوله وقول واحد إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه ولو قالت لزوجها ابتداء أنت أزنى من فلان كان كناية إلا أن يكون قد ثبت زناه وعلمت ثبوته فيكون صريحا فتكون قاذفة لا إن جهلت فيكون كناية فتصدق بيمينها في جهلها ولو قالت له ابتداء أنت أزنى مني فهو كهذه الصورة . ( قوله ولا ثبت زناه ) بالبينة أو الإقرار ا هـ أسنى . ( قوله وعلمه ) جملة حالية بتقدير قد .

                                                                                                                              ( قوله ليس بقذف ) أي في كل منهما وقوله وليس بإقرار إلخ أي في الأولى . ( قوله ليس بقذف إلخ ) قد يستشكل مع قوله الآتي إلا إن قال من زناتهم أو أراده ا هـ سم وقد يفرق بتحقق وجود الزنا بحسب العادة فيما يأتي وعدم تحقق زنا المخاطب هنا . ( قوله وليس بإقرار به ) قد يقتضي أنه ليس بإقرار وإن أراده فليحرر ا هـ سيد عمر أقول يمنع ذلك الاقتضاء قوله السابق في رد البغوي ولاحتمال أن يريد إلخ فإنه يفيد أنه عند الإرادة إقرار باتفاق وكذا يمنعه قوله : لأن الناس إلخ فتأمل . ( قوله به ) أي الزنا . ( قوله على أن أفعل إلخ ) قد يغني عنه ما قبله . ( قوله قد يجيء لغير الاشتراك ) كما في قول يوسف لإخوته { أنتم شر مكانا } أسنى و ع ش ( قوله وقوله أنت أزنى الناس إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه ولو قالت له ابتداء فلان زان وأنت أزنى منه أو في الناس زناة وأنت أزنى منهم فصريح لا إن قالت الناس زناة أو أهل مصر مثلا زناة وأنت أزنى منهم فليس قذفا لتحقق كذبها إلا إن نوت من زنى منهم فيكون قذفا ا هـ . ( قوله في كل ذلك ) أي قول المصنف ولو قال لزوجته يا زانية إلخ وما في شرحه . ( قوله أن يعلم المخاطب ) بكسر الطاء وقوله أن المخاطب بفتح الطاء . ( قوله زوج ) يشمل الذكر والأنثى .




                                                                                                                              الخدمات العلمية