( وليس له مساكنتها ولا مداخلتها ) أي دخول محل هي فيه وإن لم يكن على جهة المساكنة مع انتفاء نحو المحرم الآتي فيحرم عليه ذلك ولو أعمى وإن كان الطلاق رجعيا ورضيت ؛ لأن ذلك يجر للخلوة المحرمة بها ومن ثم يلزمها منعه إن قدرت عليه والكلام هنا فيما إذا لم يزد مسكنها على مسكن مثلها لما سيذكره في الدار والحجرة والعلو والسفل ( فإن كان في الدار ) التي ليس فيها إلا مسكن واحد لكنها متسعة لهما بحيث لا يطلع أحدهما على الآخر أخذا مما يأتي ( محرم لها ) بصير ( مميز ) بأن كان ممن يحتشم ويمنع وجوده وقوع خلوة بها باعتبار العادة الغالبة فيما يظهر من كلامهم وبه يجمع بين ما أوهمته عبارة المتن والروضة من التناقض في ذلك ؛ لأن المدار على مظنة عدم الخلوة ولا تحصل إلا حينئذ ( ذكر ) أو أنثى وحذفه للعلم به من زوجته وأمته بالأولى ( أو ) محرم ( له ) مميز بصير ( أنثى أو زوجة ) أخرى ( كذلك أو أمة أو امرأة أجنبية ) كذلك وكل منهن ثقة يحتشمها بحيث يمنع وجودها وقوع فاحشة بحضرتها وكالأجنبية ممسوح أو عبدها بشرط التمييز والبصر والعدالة .
ويظهر أنه يلحق بالبصير في كل ممن ذكر أعمى له فطنة يمتنع معها وقوع ريبة بل هو أقوى من المميز السابق ( جاز ) مع الكراهة كل من مساكنتها إن وسعتهما الدار والأوجب انتقاله عنها ومداخلتها إن كانت ثقة للأمن من المحذور وحينئذ بخلاف ما إذا انتفى شرط مما ذكر وإنما حلت خلوة رجل بامرأتين ثقتين يحتشمهما بخلاف عكسه ؛ لأنه يبعد وقوع فاحشة بامرأة متصفة بذلك مع حضور مثلها ولا كذلك الرجل ومنه يؤخذ أنه لا تحل خلوة رجل بمرد يحرم نظرهم مطلقا بل ولا أمرد بمثله وهو متجه ولا تجوز خلوة رجل بغير ثقات وإن كثرن ، وفي التوسط عن القفال لو دخلت امرأة المسجد على رجل لم تكن خلوة ؛ لأنه يدخله كل أحد انتهى وإنما يتجه ذلك في مسجد مطروق ولا ينقطع طارقوه عادة ومثله في ذلك الطريق أو غيره [ ص: 270 ] المطروق كذلك بخلاف ما ليس مطروقا كذلك .
فإن قلت ظاهر هذا أنه لا تحرم خلوة رجال بامرأة قلت ممنوع وإنما قضيته أن الرجال إن أحالت العادة تواطؤهم على وقوع فاحشة بها بحضرتهم كانت خلوة جائزة وإلا فلا ، ثم رأيت في شرح مسلم التصريح به حيث قال تحل خلوة جماعة يبعد تواطؤهم على الفاحشة لنحو صلاح أو مروءة بامرأة لكنه حكاه في المجموع حكاية الأوجه الضعيفة ورأيت بعضهم اعتمد الأول وقيده بما إذا قطع بانتفاء الريبة من جانبه وجانبها


