الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 99 ] ( ومن أحرم وفي بيته أو في قفص معه صيد فليس عليه أن يرسله ) وقال الشافعي رحمه الله : يجب عليه أن يرسله ; لأنه متعرض للصيد بإمساكه في ملكه فصار كما إذا كان في يده . ولنا أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحرمون وفي بيوتهم صيود ودواجن ، ولم ينقل عنهم إرسالها ، وبذلك جرت العادة الفاشية وهي من إحدى الحجج ; ولأن الواجب ترك التعرض وهو ليس بمتعرض من جهته ; لأنه محفوظ بالبيت والقفص لا به غير أنه في ملكه ، ولو أرسله في مفازة فهو على ملكه فلا معتبر ببقاء الملك . وقيل : إذا كان القفص في يده لزمه إرساله لكن على وجه لا يضيع .

التالي السابق


( قوله : ومن أحرم وفي بيته أو في قفص معه ) قيد المسألة به ; لأنه لو كان في يده حقيقة وجب الإرسال اتفاقا ، ولو هلك وهو في يده وجب الجزاء وإن كان مالكا له للجناية على الإحرام بعدم تركه . فلذا اختلفوا فيما إذا كان القفص في يده هل يجب عليه تركه وإن كان على وجه لا يضيع أو لا بناء على كون الصيد في يده بكون القفص فيها ولهذا يصير غاصبا له بغصب القفص أو ليس فيها بل بكون القفص فيها ، ولذا جاز للمحدث أخذ المصحف بغلافه . ( قوله وبذلك جرت العادة الفاشية ) من لدن الصحابة إلى الآن ، وهم والتابعون ومن بعدهم يحرمون وفي بيوتهم حمام في أبراج وعندهم دواجن والطيور لا يطلقونها . ( وهي إحدى الحجج ) فدلت على أن استبقاءها في الملك محفوظة بغير اليد ليس هو التعرض الممتنع . ( قوله : ولا معتبر ببقاء الملك ) أي لا يعتبر بقاء الملك جناية على الصيد وإلا لم يكن الواجب عليه الإرسال ; لأنه لا يفيد إخراجه عن ملكه بل كان الواجب عليه تمليكه والعادة الفاشية تنفيه .




الخدمات العلمية