[ ص: 351 ] قال ( ومن قال مالي في المساكين صدقة فهو على ما فيه الزكاة ، وإن أوصى بثلث ماله فهو على كل شيء ) والقياس أن يلزمه التصدق بالكل ، وبه قال زفر رحمه الله لعموم اسم المال كما في الوصية . [ ص: 352 ] وجه الاستحسان أن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى فينصرف إيجابه إلى ما أوجب الشارع فيه الصدقة من المال .
أما الوصية فأخت الميراث لأنها خلافة كهي فلا يختص مال دون مال ، ولأن الظاهر التزام الصدقة من فاضل ماله وهو مال الزكاة ، أما الوصية تقع في حال الاستغناء فينصرف إلى الكل وتدخل فيه الأرض العشرية عند أبي يوسف رحمه الله لأنها سبب الصدقة ، إذ جهة الصدقة في العشرية راجحة عنده ، وعند محمد رحمه الله لا تدخل لأنها سبب [ ص: 353 ] المؤنة ، إذ جهة المؤنة راجحة عنده ، ولا تدخل أرض الخراج بالإجماع لأنه يتمحض مؤنة .
ولو قال ما أملكه صدقة في المساكين فقد قيل يتناول كل مال لأنه أعم من لفظ المال . والمقيد إيجاب الشرع وهو مختص بلفظ المال فلا مخصص في لفظ الملك فبقي على العموم ، والصحيح أنهما سواء لأن الملتزم باللفظين الفاضل عن الحاجة على ما مر ، [ ص: 354 ] ( ثم إذا لم يكن له مال سوى ما دخل تحت الإيجاب يمسك من ذلك قوته ، ثم إذا أصاب شيئا تصدق بمثل ما أمسك ) لأن حاجته هذه مقدمة ولم يقدر محمد بشيء لاختلاف أحوال الناس فيه .
وقيل المحترف يمسك قوته ليوم وصاحب الغلة لشهر وصاحب الضياع لسنة على حسب التفاوت في مدة وصولهم إلى المال ، وعلى هذا صاحب التجارة يمسك بقدر ما يرجع إليه ماله .


