الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن ادعى على آخر أنه باعه جاريته فقال لم أبعها منك قط فأقام المشتري البينة على الشراء فوجد بها أصبعا زائدة فأقام البائع البينة أنه برئ إليه من كل عيب لم تقبل بينة البائع ) وعن أبي يوسف رحمه الله أنها تقبل اعتبارا بما ذكرنا . [ ص: 337 ] ووجه الظاهر أن شرط البراءة تغيير للعقد من اقتضاء وصف السلامة إلى غيره فيستدعي وجود البيع وقد أنكره فكان مناقضا ، بخلاف الدين لأنه قد يقضى وإن كان باطلا على ما مر .

التالي السابق


( قوله ومن ادعى على آخر أنه باعه جارية فقال لم أبعها منك قط فأقام المدعي البينة على شرائه ) إياها منه فقبضها ( فوجد بها أصبعا زائدة ) أو نحوه من عيب لا يحدث مثله في تلك المدة ليعلم أنه كان في يد البائع وأراد ردها ( فأقام البائع بينة أنه برئ إليه من كل عيب لم تقبل . وعن أبي يوسف أنها تقبل اعتبارا بما ذكرنا ) يعني التوفيق في الدين . وقوله وعن أبي يوسف يشير إلى أنها ليست ظاهر الرواية عنه ، ولذا لم يذكر محمد فيه خلافا بين أصحابنا في الجامع الصغير ، وإنما حكاه الخصاف عن أبي يوسف رحمه الله . ووجه التوفيق هنا أن يقول لم يكن بيننا بيع ، ولكنه لما ادعى علي البيع سألته أن يبرئني من العيب فأبرأني . قال شارح : ولأن البيع غير البراءة من العيب فجحود أحدهما لا يمنع دعوى الآخر ، ولا يخفى ما فيه . وذكر في وجه التوفيق أيضا أن يكون البائع وكيلا عن المالك في البيع فكان قوله للمالك ما بعتها لك قط صدقا فإقامة البينة على البراءة من العيوب ليس مناقضا ، والوجه أعم ، لأنه لو كانت هذه الدعوى على الوكيل نفسه لا يوفق بذلك . ونظيره ما ذكر التمرتاشي : أقام بينة على الشراء وذو اليد ينكر ، ثم أقام المنكر بينة على أن المدعي قد رد البيع قبلت ، ولا يبطل إنكاره البيع بينته لأنه يقول أخذها مني ببينة كاذبة ثم استقلته فأقالني [ ص: 337 ] ووجه الظاهر أن شرط البراءة تغيير للعقد من اقتضائه وصف السلامة إلى غيره فيستدعي وجود البيع وقد أنكره فكان مناقضا ، بخلاف الدين لأنه قد يقضى وإن كان باطلا ) ولا يخفى أن كلا من وجهي التوفيق الأول والثالث يدفع هذا .




الخدمات العلمية