الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 463 ] ( وتجوز شهادة شاهدين على شهادة شاهدين ) . وقال الشافعي رحمه الله : لا يجوز إلا الأربع على كل أصل اثنان لأن كل شاهدين قائمان مقام شاهد واحد فصارا كالمرأتين [ ص: 464 ] ولنا قول علي رضي الله عنه : لا يجوز على شهادة رجل إلا شهادة رجلين ، ولأن نقل شهادة الأصل من الحقوق فهما شهدا بحق ثم شهدا بحق آخر فتقبل .

التالي السابق


( قوله وتجوز شهادة شاهدين ) أو شهادة رجل وامرأتين ( على شهادة شاهدين ) يعني إذا شهدا على شهادة كل من الشاهدين فيكون لهما شهادتان شهادتهما معا على شهادة هذا وشهادتهما أيضا على شهادة الآخر .

أما لو شهدا على شهادتهما بمعنى شهد واحد على شهادة أصل والآخر على شهادة الأصل الآخر فلا يجوز إلا على قول مالك على ما نقل عنه في كتب أصحابنا لكن في كتب أصحابه أنه لا يجوز .

وفي الجملة أن على قول أحمد وابن أبي ليلى وابن شبرمة والحسن البصري والعنبري وعثمان البتي وإسحاق تجوز الشهادة ، لأن الفرع قائم مقام الأصل بمنزلة رسوله في إيصال [ ص: 464 ] شهادته إلى مجلس القضاء فكأنه شهد بنفسه واعتبروه برواية الأخبار ( ولنا ما روي عن علي رضي الله عنه : لا تجوز على شهادة رجل إلا شهادة رجلين ) ذكره المصنف وهو بهذا اللفظ غريب .

والذي في مصنف عبد الرزاق : أنا إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عن حسين بن ضمرة عن أبيه عن جده عن علي قال : لا تجوز على شهادة الميت إلا رجلان . وأسند ابن أبي شيبة : حدثنا وكيع عن إسماعيل الأزرق عن الشعبي قال : لا تجوز شهادة الشاهد على الشاهد حتى يكونا اثنين ، ولأن شهادة كل من الأصلين هي المشهود بها فلا بد أن يجتمع على كل مشهود به شاهدان حتى لو كانت امرأة شاهدة مع الأصول لا يجوز على شهادتها إلا رجلان أو رجل وامرأتان .

وقال الشافعي في أحد قوليه : لا تجوز ، واختاره المزني لأن الفرعين يقومان مقام أصل واحد كالمرأتين ، ولا تقوم الحجة بهما كالمرأتين لما قامتا مقام الرجل الواحد لا يقضي بشهادتهما ، ولأن أحدهما لو كان أصلا فشهد شهادة ثم شهد مع فرع على شهادة الأصل الآخر لا تجوز اتفاقا ، فكذا إذا شهدا جميعا على شهادة الأصلين .

وفي قول آخر للشافعي تجوز كقولنا ، وهو قول مالك وأحمد لما روينا من قول علي رضي الله عنه فإنه بإطلاقه ينتظم محل النزاع ، ولأن حاصل أمرهما أنهما شهدا بحق هو شهادة أحد الأصلين ، ثم شهد بحق آخر هو شهادة الأصل الآخر ، ولا مانع من أن يشهد شاهدان بحقوق كثيرة ، بخلاف أداء الأصل بشهادة نفسه ثم بشهادته على الأصل الآخر مع آخر ، فإنه إنما لا يجوز لأن فيه يجتمع البدل والمبدل منه ، بخلاف ما لو شهد شاهد به وشهد اثنان على شهادة الأصل الآخر حيث يجوز .




الخدمات العلمية